"أفنجرز: إند غايم"... أن نتعرّف أكثر على النصر

"أفنجرز: إند غايم"... أن نتعرّف أكثر على النصر

07 مايو 2019
بشر لا أبطال خارقون (Imdb)
+ الخط -
قبل عام واحد، كان "أفنجرز: حرب أبدية" لأنتوني وجو روسّو حدثًا سينمائيًا غير عادي: تتويج 18 فيلمًا سابقًا عليه في "عالم مارفل" بمعركةٍ كبرى، يكون البطل الأساسي فيها هو الشرير "ثانوس"، الذي ينتصر في النهاية، وينفّذ خطّة محو نصف الكائنات الحية في الكون. منذ تلك اللحظة، أي قبل أشهر قليلة، لم يحظَ أي فيلم في تاريخ السينما ربما بمثل هذا الانتظار والترقّب، اللذين حظي بهما الجزء المُكمِّل للحرب الأبدية، أي Avengers: Endgame (أفنجرز: لعبة النهاية/ إندغايم) للأخوين روسّو أيضًا، وذلك للإجابة عن أسئلة مُعلّقة: كيف ستنتهي الحرب ضد "ثانوس"؟ وكيف سيعود "الممحوّون"؟ والأهمّ: كيف أن الفيلمَ نهايةُ مرحلةٍ كاملة، بدأت منذ 11 عامًا مع أول عمل لـ"مارفل"، والآن ستنتهي شخصيات وتبدأ أخرى في تولي مقاليد الأمور. إذًا، كيف سيحدث هذا كلّه؟ 

بعد الانتظار والترقّب وطرح الأسئلة، كانت النتيجة مدهشة، تجاوزت كثيرًا غالبية توقّعات محبّي أفلام "مارفل" ومتابعيها.
بدايةً، فإنّ أكبر مشكلة في "الحرب الأبدية" تكمن في إيقاعه اللاهث، وحسّه الكوميدي المُبالغ به، الذي يُثير شعورًا بكاريكاتورية العالم، رغم قسوة ما يحدث أحيانًا. هذه صفة عامة في أفلام "مارفل" عمومًا، جعلتها دائمًا أفلامًا مُسلية ومُحبَّبة وناجحة، لكن أحدًا لم يصف أيًّا منها سابقًا، حتى أشدّ محبّيها، بالقول: هذا فيلم مؤثّر أو عظيم.

"نهاية اللعبة" عكس هذا تمامًا. يتعامل مع شخصياته بجدّية كاملة، جاعلاً إياهم "بشرًا" قبل أن يكونوا "أبطالاً خارقين"، ويضع العاطفة فوق الكوميديا، والدراما قبل المؤثّرات الخاصّة. المفاجئ والجميل والمؤثّر معًا أنّ الفيلم احتاج إلى ساعة كاملة (هي الأولى) من ساعاته الثلاث (181 دقيقة) ليُعايش ـ ببطء وتمهّل وصدق ـ آثار ما فعله "ثانوس"، محاولاً فهم ما الذي يعنيه فعليًا "فقدان نصف البشرية"؟ وماذا يشعر الأبطال الخارقون، المعروفون لأعوامٍ طويلة، إزاء تلك "الهزيمة"، التي أفقدت كلّ واحد منهم عزيزاً؟

أثر ذلك عليهم ليس خفيفًا ولا عابرًا، كما اعتادت أن تفعل "مارفل" في عوالمها. يمكن مقارنة تفاعل "ثور" مع فقدانه أخاه وصديقه، في بداية "الحرب الأبدية"، بما يحدث هنا (بالجملة الأولى لتوني ستارك، القائلة باختفاء الفتى، في إشارة إلى بيتر باركر)، لإدراك الفرق الضخم المقصود. متابعة تفاعل كلّ واحد منهم مع الكارثة يزيدها ثقلاً، كفيلمٍ درامي لا يَهْزِل. تغيير كامل في حيوات بعضهم، بسبب اكتئاب أو عزلة أو بحث عن سبيل، كـ"ثور" و"هالك"، أو محاولة آخرين للتعامل مع ما حدث وإكمال الطريق، كـ"كابتن أميركا"، أو الانتقال إلى حياةٍ أخرى مغايرة كـ"الرجل الحديدي/ توني ستارك".

هذا، غالبًا، هو أكثر فيلم أبطال خارقين، يجعل عالمه "حقيقيًا وأرضيًا" (إنْ صحّ التعبير)، منذ "فارس الظلام (Dark Knight)، الذي أنجزه كريستوفر نولان عام 2008.
في الساعة الأولى أيضًا، تحدث أشياء مُبهرة لمخالفتها توقّعات المتفرّجين تمامًا، كالمعركة الأولى مع "ثانوس" في الحديقة وكيفية انتهائها، وكالقفزة الزمنية في الأحداث، وصولاً إلى مآلِ الشخصيات عند العودة إليهم بعد مرور زمن. التفاجؤ بمساراتٍ معاكسة للتوقّعات مستمرّ حتى نهاية الفيلم، ما يجعله "عملاً مغامِرًا" أيضًا، على عكس "الحرب الأبدية"، الذي أخذ خيارًا آمنًا في 149 دقيقة من المعارك المرضية للمتفرّجين. غير أنّ الأخوين روسّو يبدوان أكثر ثقة، وبالتالي أكثر مخاطرة، في "لعبة النهاية"، ما يجعل الفيلم مُدهشًا في أحداث وانتقالات كثيرة.

في الساعة الثانية، تكون "المهمة"، رغم أنها مرحلة تمتاز بخفّة "مارفل"، ومساحة الكوميديا في أفلامها. لكنها المرة الثانية فقط، بعد "كابتن أميركا: حرب أهلية" (2016) للأخوين روسّو أيضًا، التي يغلب فيها بناء الشخصيات وعواطفها في مشاهد المغامرة وفصولها. العودة إلى الوراء تكشف مقابلات مؤثّرة مع الأبطال، وتُقدِّم ملامح لهم غير معروفة سابقًا عنهم. أحيانًا، كحالة توني ستارك تحديدًا، ينتهي مسار شخصية بدأ قبل 11 عامًا.

يحدث هذا بموازاة التحية الرائعة للأفلام السابقة، وإعادة تكوين مَشَاهد معروفة في الـ21 فيلمًا السابقة (الأجزاء الأولى تحديدًا) لكن بشكل مُختلف. أيضًا، فإنّ أبطال الفيلم جميعهم يقدِّمون، في "نهاية اللعبة"، أفضل أداء لهم إطلاقًا، خصوصًا روبرت داوني چونيور (كثيرون يتحدّثون عن احتمال ترشيحه لـ"أوسكار") بأدائه المؤثّر والمندمج للغاية مع توني ستارك، أكثر من نسخته الخارقة؛ كذلك كريس هيسمورث في نسخة مكتئبة من "ثور"، وسكارليت چوهانسون كـ"ناتاشا" أكثر من "بلاك ويدو".

الساعة الثالثة والأخيرة هي ساعة "المعركة"، كتعريفٍ للملحمة بشكل يتجاوز حتى "الحرب الأبدية"، حيث رقعة حرب واحدة، وكلّ جيش يواجه جيشًا. فيها، يتمّ التعرّف أكثر على النصر، وعن حسرة الخسارة، في إحدى أكثر النهايات تأثيرًا في أفلام أبطال خارقين، كنهاية مرحلة كاملة من عمر السلسلة، وأعمار أبطالها، وأعمار مشاهديها أيضًا.

"أفنجرز: لعبة النهاية" فيلمٌ متكامل تقريبًا. عاطفي ومؤثّر وملحميّ، مكتوب بحِرفية وذكاء، ومنفَّذ بجودة وإتقان، يسبق المُشاهد بخطوة، ويفاجئه غالبًا. هذا ليس فقط أفضل فيلم لـ"مارفل" من أصل 22 فيلمًا، بل أحد أفضل أفلام الأبطال الخارقين في تاريخ السينما، من دون شكّ.

دلالات

المساهمون