"عن الهوى والجوى": نساء في انتظار حصان أبيض

"عن الهوى والجوى": نساء في انتظار حصان أبيض

24 مايو 2019
يصوّرالمرأة أنها لا يمكن أن تكون مستقلة (فيسبوك)
+ الخط -
على الرغم من ميل الدراما السورية بشكل كبير نحو النمط الاجتماعي المعاصر، إلا أن صناعها نادراً ما يتطرقون إلى قضايا إشكالية تخص المرأة السورية. المخرج والكاتب فادي سليم، حمل على عاتقه القضايا النسوية هذا الموسم، بحسب تصريحاته، في مسلسله "عن الهوى والجوى"، المقسم لسداسيات، يصور كلٌّ منها حكاية مختلفة. بدا المسلسل بريئاً من هذه القضايا وبعيداً عن حساسيتها، لأن سليم عالجها بطريقة لم تكن عميقة، ترى الأمور من منظار ذكوري يرتكز على تقاليد المجتمع الأبوي، فجاء المسلسل ليكرس الهيمنة الذكورية على المرأة. ومن الممكن رصد القضايا التي طرحها العمل وآلية معالجتها من خلال النقاط الآتية:

حب للإيجار
يطرح سليم في سداسياته الأولى، "حب للإيجار"، نماذج مختلفة لنساء تعرضن للتعنيف من قبل الأب أو الزوج أو الحبيب، ونرى تلك الشخصيات في بعض الأحيان تثور وتتمرد على معنفيها، إلا أنها في نهاية الأمر تعود إلى دائرة الطاعة؛ كما يحدث مع شخصية فادية التي تتعرض بشكل يومي للتعنيف الجسدي واللفظي من قبل والدها، وفي إحدى الحلقات تتمرد عليه وتمنعه من ضربها، إلا أن الشخصية ذاتها تعود لتعطي المبررات لتعنيفها وضربها من قبل أبيها، وفي نهاية السداسية تعود وتتوسل أباها لنيل الرضى، وتطلب الغفران.

أسطورة سندريلا
رغم أن سداسيتي "حب للإيجار" و"ذنب" تلعب أدوار البطولة فيهما شخصيات نسائية "مستقلة"، إلا أن هذه الاستقلالية لا تعطي الشخصيات النسائية القدرة الكافية لإنقاذ نفسها من المشكلات التي تواجهها، ليكون منقذها هو الذكر، البطل، الذي يأتي من بعيد على حصان أبيض، لينهض بالمرأة من القاع إلى القمة، كما هو الحال في حبكة "سندريلا". في سداسية "حب للإيجار"، تكون شخصية فادية طالبة جامعة قادرة على متابعة دراستها والعمل في الوقت ذاته، ولكن دراستها وعملها لا يحميانها من العنف الأسري، ليكون الحل في النهاية بالزواج من رجل غني يقدم لها المال والبيت وكل ما يسهل لها حياتها من دون أي مقابل، ويرضى بزواج شكلي لمساعدتها. أما شخصية صفاء، وهي امرأة عاملة مستقلة، فإنها تهتز بشكل كلي بعد أن يسرق هاتفها المحمول، ويقوم السارق بتهديدها بنشر صور عارية لها، ويقوم بابتزازها جنسيا، ليقوم حبيبها بلعب دور البطل، وينقذها من السارق ويضربه، وتنتهي الحكاية بتفاخر المرأة المستقلة بوجود رجل بحياتها قادر على حمايتها، وتعطيها بقية الشخصيات النسائية "المستقلة" نصائح للتمسك بحبيبها لقدرته على حمايتها، فتقول لها رزان وهي على وشك الموت: "في رجال بضهرك بحبك وبحميكي، خليكي معه، أوعك تتركيه".

أنثى ما
يُرجع الكاتب سبب أي مشكلة إلى أنثى ما. في السداسية المذكورة، أيضاً، تكون شخصية رزان هي السبب بتعنيف الأب لبناته، لأنها أقامت علاقة مع شاب وعملت في الدعارة؛ ومن خلال هذه الحادثة، يتم تبرير كل العنف الأسري ضد النساء في العائلة. أما في سداسية "ذنب"، فيرجع الكاتب السبب الذي أدى لتعرض شخصية لمى للاغتصاب إلى إهمال والدتها، التي تركتها تنام لوحدها في المنزل عندما سافرت إلى قريتها.

في نهاية سداسية "ذنب"، تكتب على الشاشة السوداء بعض الجمل التوعوية التي تلوم المجتمع على تساهله بقضية الاغتصاب وتحمله مسؤولية جرائم الاغتصاب المرتكبة في سورية، من دون أي إشارة إلى المشاكل التي يعاني منها القانون السوري في ما يخص هذه القضية، فلا يشير المسلسل إلى التسامح القانوني مع الرجل إذا ما عرض على المرأة الزواج بعد اغتصابها، وكأنه بزواجه منها سيكفر عن الذنب الذي اقترفه.

دلالات

المساهمون