الحلويات العراقية: طقس رمضاني دائم على موائد العراقيين

الحلويات العراقية: طقس رمضاني دائم على موائد العراقيين

بغداد

محمد الملحم

avata
محمد الملحم
21 مايو 2019
+ الخط -
ليس جديداً القول إن سوق الحلويات في العراق ينتعش في رمضان؛ فهي عادة قديمة تتجدد كلما حلَّ هذا الشهر. لكن الجديد هو الطقس الرمضاني الذي عاد يبهج العراقيين مرة أخرى بعد غياب لسنوات. وأعاد السهر للناس حتى الفجر، إذ يمارسون طقوسهم الرمضانية، ومن أبرزها التجول في المناطق الساهرة وتناول الحلويات.

تحسَّن الوضع الأمني بصورة ملحوظة منذ إعلان بغداد في ديسمبر/ كانون الأوّل 2017 دحر تنظيم "داعش" والسيطرة على جميع المناطق التي كانت تحت حكمه. ولمّا كانت التفجيرات الإرهابية تضرب المدن العراقية منذ سنوات، وتمنع السكان من التمتع بطقوسهم وأوقاتهم اليومية، خاصة في شهر رمضان، بدأت الحياة ترجع مجدداً لتلك الطقوس، وهذا ما تؤكده الأسواق والمناطق التجارية، والتي تشهد حركة مستمرة طيلة اليوم.

شهر رمضان في العراق متعدد، يعتبرهُ صنّاع الحلويات وباعتها، من أهم مواسم العمل والربح والخير الوفير. ووفقاً للحاج جمال التميمي، والذي يعمل في صناعة وبيع الحلويات منذ عام 1960، فإن "الزلابية والبقلاوة والبرمة وزنود الست" هي أكثر أنواع الحلويات العراقية المطلوبة من قبل المواطنين.

التميمي، وهو رجلٌ في العقد السابع من العمر، يملك معملاً لصناعة الحلويات في العاصمة بغداد، يقول لـ"العربي الجديد" إن "محال بيع الحلويات أخذت تنتشر في مدن العراق في خلال السنوات الماضية، خاصة بعد استقرار الأمن. العراقيون يحبون الحلويات العراقية التي تمتلك ميزة وخصوصية".

وأكد التميمي أن "لشهر رمضان خصوصية بالنسبة للحلويات، فالعمل يكون على أشده. هناك طلب كبير على شراء الحلويات، لذلك نحن نعمل على مدار الساعة في تجهيز المحال بالحلويات، وعمالي يعملون على شكل وجبات يتناوبون فيها العمل من أجل الإيفاء باحتياجات المحال التي نزودها بالحلويات". وأشار إلى أن "المواسم التي تزدهر فيها صناعة الحلويات بعد رمضان، هي أيام الأعياد، ثم أيام العطل التي تستمر لأكثر من يوم واحد، والمناسبات الدينية السعيدة مثل المولد النبوي".

الجلسات والنزهات الليلية التي تشهدها ليالي رمضان سمة بارزة في الشهر الفضيل، ومن طقوسها شراء الحلوى، لكن تبقى اللعبة الرمضانية العراقية الأشهر، والتي يطلق عليها العراقيون اسم "المحيبس" أي الخاتم، الطقس الرجالي الشعبي الأكثر انتشارا. إذ يتبارى فريقان، ولا عدد محدداً لأعضاء كل فريق، إذ يفوق عدد لاعبي الفريق الواحد المائة شخص. ويتوجب على أحد الفريقين الفوز في الوصول إلى عدد المرات المطلوب فيها الاحتفاظ بـ"المحيبس"، من دون أن يكتشفه قائد الفريق الخصم عند أي من اللاعبين في كل جولة. وما يميز هذه اللعبة، هو وجود كمية كبيرة من الحلويات، يتناولها أعضاء الفريقين وضيوفهم بعد انتهاء اللقاء، في تأكيد على أخوية التنافس في هذه اللعبة الرمضانية، وفي دليل على مكانة الحلويات وقيمتها عند العراقيين.

الحلويات حاضرة أيضاً في المآدب الرمضانية التي يدعى عليها جمع من الناس، سواء في المنازل أو المطاعم أو المساجد.
محمد سلمان (41 عاماً) يقول لـ"العربي الجديد"، إن "وجود أنواع من الحلوى في منازل العراقيين خلال شهر رمضان عادة متوارثة".

ويذكر سلمان أنَّ أياماً مرت على عائلته لم يكن يستطيع فيها شراء الحلويات في رمضان؛ بسبب ظرف مادي صعب، لكن مائدة المسجد القريب من مسكنه، كانت تسد حاجة عائلته منها. لكن عندما تحسنت حالته المعاشية، وانتهت ضائقته المالية، أصبح يزود مائدة المسجد بالحلويات، حتى تسد حاجة غيره ممن لا يستطيعون شراء الحلويات، بحسب قوله.
عدد من العراقيين أكدوا أن الحلويات لا يمكن الاستغناء عنها، وأنها من بين الأطعمة التي يجب أن تكون متوفرة داخل المنزل، وهم يشيرون بهذا إلى الحلويات العراقية الشعبية المعروفة. إذ يقول جعفر يونس، إن "دليل حب العراقيين المفرط للحلويات، هو معاناة نسبة كبيرة منهم من السمنة"، مشيراً إلى أن الحلويات العراقية تمتاز بجودتها ومذاقها المميز الذي لا يضاهى.



في حين يقول رائد محمد، صاحب محل لبيع الحلويات: إن "العراقي لا يستغني عن الحلويات، حتى وإن أصيب بمرض السكري". من جهته يبيّن إسماعيل الرماحي صاحب معمل حلويات في سوق الصدرية الشعبي ببغداد، أن أهم الحلويات التي يزداد عليها الطلب في شهر رمضان هي "البقلاوة بالدهن الحر (السمن البلدي) والداطلي والبسبوسة والشعرية والكنافة والبرمة والبقجة والزلابية"، مبيناً أن كل هذه الحلويات تصنع من مواد أولية عراقية ولا تدخل في صناعتها أي مادة مستوردة.

ذات صلة

الصورة

مجتمع

يقصد اليمنيون في شهر رمضان المدن القديمة والمساجد التاريخية المنتشرة في مختلف أنحاء اليمن ويتخذون منها أماكن للفسحة والتنزه.
الصورة
رمضان في شمال غزة رغم الحرب الإسرائيلية (العربي الجديد)

مجتمع

يحاول من بقي من الفلسطينيين في شمال قطاع غزة خلق بعض من طقوس شهر رمضان وزرع بسمة على وجوه الأطفال، رغم المأساة وعدم توفر الأساسيات وسط الحرب المتواصلة.
الصورة

سياسة

لم تسمح قوات الاحتلال الإسرائيلي الليلة، للفلسطينيين من أهالي القدس والمناطق المحتلة عام 1948، بدخول المسجد الأقصى المبارك، لأداء صلاتي العشاء والتراويح.
الصورة

مجتمع

تضيء فوانيس رمضان عتمة الليل في قطاع غزة، حيث أنهك القصف المتواصل للاحتلال الإسرائيلي سكان القطاع، للشهر الخامس على التوالي.

المساهمون