"ناس من ورق" ... الدراما السورية السياحية

"ناس من ورق" ... الدراما السورية السياحية

19 مايو 2019
مشهد من المسلسل (فيسبوك)
+ الخط -
قبل أشهر، أعلن الفنان السوري وائل رمضان عن عودته للإخراج مجدداً، وأثار الكثير من الجدل، وتمكن من وضع نفسه في دائرة الأضواء مجدداً من خلال تصريحاته المتجددة حول إنتاج جزء ثان من مسلسل "بكرا أحلى"، يغيب عنه كاتب الجزء الأول ونجمه، محمد أوسو، مع ما تبقى من الفنانين المعارضين الذي شاركوا في الجزء الأول سنة 2006. إلا أن رمضان الذي انقطع عن الإخراج التلفزيوني بعد فشل مسلسل "كليوبترا" (2010)، عاد في الموسم الرمضاني الحالي من بوابة "ناس من ورق"، وهو من تأليف أسامة كوكش، ويلعب أدوار البطولة فيه: فايز قزق، سلمى المصري، عاصم حواط، معن عبد الحق وغيرهم. 

تدور أحداث المسلسل في مبنى سكني في منطقة فخمة في العاصمة السورية دمشق، حيث يقوم "ماجد" (عاصم حواط) بتأجير شقته الكائنة في المبنى لمستأجر جديد في كل حلقة. فتتمحور الأحداث الدرامية حول العلاقة بين سكان البناء والغرباء العابرين على الشقة، ضمن سياق متصل – منفصل، إذ تبدأ كل حلقة منه بدخول مستأجر جديد، وتنتهي باختفائه.

البنية التي يقوم عليها المسلسل هشة للغاية، وشبكة العلاقات بين السكان الأصليين للبناء الذي تتمحور حوله الأحداث، تبدو ضعيفة وغير مشبعة. ويحتوي المسلسل في غالبية حلقاته على الكثير من التفاصيل اللامنطقية، والتي تستخفّ بعقل المشاهد، كأن يقوم شاب بالتنكر بزي امرأة لينال وظيفة مندوب مبيعات في شركة تجارية. ولكنه ينتقل للسكن بحي فخم بدلاً من الاكتفاء بتزوير العنوان على سيرته الذاتية المطبوعة.

لا يعكس "ناس من ورق" الواقع السوري ولا يقترب منه حتى، فهو لا يتطرق للتشديدات الأمنية التي وضعتها أفرع الأمن السياسي والأجهزة الاستخباراتية السورية لضبط نشاط السوريين العقاري، والذي يقتضي بالحصول على موافقة أمنية لكل مستأجر، على الرغم من أن الحبكة الرئيسية للمسلسل تقوم على تدفق الغرباء إلى المبنى من بوابة الشقة المفروشة المعروضة للإيجار! ولكن هذا التغييب للأزمات السورية الداخلية لا يبدو عشوائياً، رغم ضعف البناء الدرامي للمسلسل، بل يبدو مقصوداً وذا هدف، ومن الممكن أن نعتبر "ناس من ورق" بداية مرحلة جديدة في الدراما التلفزيونية السورية، من الممكن تسميتها بالدراما السياحية؛ ففي "ناس من ورق" تغيب كل المظاهر التشبيحية والبدلات العسكرية والأسلحة التي كانت السمة المشتركة بين المسلسلات التلفزيونية المعاصرة التي أنتجت في الأعوام الماضية، وذلك لأن هدف "ناس من ورق" لا يتقاطع مع أهداف المسلسلات السابقة، فهو لا يسعى لتمجيد الجندي السوري ولا يدعو للتجنيد؛ بل على العكس من ذلك، هو مسلسل أنتج بهدف التشجيع على السياحة في سورية، بالتزامن مع افتتاح معبر "نصيب" على الحدود الأردنية السورية، واستجابةً للخطاب الإعلامي السوري الذي روّج لانتهاء الحرب.
ولكن هل سيتمكن هذا النوع من الدراما غير المتقنة من رسم صورة سياحية لسورية، تنافس الصورة الواقعية للداخل السوري، والتي يتداولها الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي؟ وهل ستتمكن هذه الدراما من استقطاب السائحين وحث السوريين في الخارج على العودة؟

المساهمون