القنّب الهندي... موجة خضراء في بروكسل

القنّب الهندي... موجة خضراء في بروكسل

17 مايو 2019
سيُستخدم القنّب الهندي لغايات طبية (فرانس برس)
+ الخط -


في غضون بضعة أشهر فقط، فتحت قرابة ثلاثين من المتاجر أبوابها لبيع مواد تضم، من بين مكوناتها القنب الهندي القانوني. سوق تنافسية تخضع لشروط صارمة، وقبول قد يكون خطوة نحو ترخيص استعمال هذه المادة. كانت لـ "العربي الجديد" جولة في هذه المتاجر.

موضة جديدة
عشرات المتاجر نمت كالفطر البري منذ الصيف، مستفيدة من فضول المواطنين، ولكن أيضاً، كما يؤكد أحد أصحاب هذه المحلات لـ "العربي الجديد"، لجودة المنتجات المقدمة. ففي غضون بضعة أشهر فقط، انتشرت متاجر موردي منتجات القنب الهندي القانوني في العاصمة الأوروبية بروكسل. متاجر اختارت ظلال اللون الأخضر لواجهاتها لجذب المستهلكين. 

وكما يفسر أرتور سنت، المتخصص في مجال المخدرات، لـ "العربي الجديد": "يتعلق الأمر بنوع من القنب الهندي القانوني: الكانابيديول. وهو مخدر من القنب معروف بآثاره المريحة، لا يخضع لقانون عام 1921 بشأن الاتجار بالمخدرات في بلجيكا؛ لأن معدل المادة المخدرة الموجود عموما بكمية أكبر بكثير في القنب الذي يباع بشكل غير شرعي، منخفض جداً ولا يتجاوز 0.2 في المائة. ولكن يفرض على هذه المنتجات احترام مختلف التشريعات في مجال الصحة العامة والضرائب". يشير سنت إلى أنه "تسمح قوانين أوروبية بإنتاج القنب الهندي الذي يحترم هذه العتبة أي 0.2 في المائة من المادة المخدرة". موجة خضراء يشدد العديد من مندوبي المبيعات الذين شملتهم زيارة "العربي الجديد" على أنها مستمرة في التمدد. هناك بالفعل "طلب حقيقي" بحسب البعض و"سوق هائلة" لفصيلة هذا النوع من المنتجات بحسب آخرين. 

وكما يفسر، تيبو، أول من فتح متجرا للقنب الهندي القانوني في بروكسل: "في الوقت الحالي، نجحنا في الحصول على راتب صغير. والأرباح الضئيلة التي نحققها في كل مرة، نعيد استثمارها، لأن هناك دائما منتجات مثيرة للاهتمام تصل إلى السوق". ولضمان استدامة أنشطته، يدعو السلطات البلجيكية إلى توضيح الإطار القانوني الحالي، لا سيما في ما يتعلق بالمسائل الضريبية.

القنب الطبي
خطوة أخرى تقدمت بها بلجيكا نحو الترخيص لاستعمال القنب الهندي. وافق النواب، قبل أسبوع، على السماح ببيع القنب الهندي لاستعمالات طبية. وكما يقول سنت: "فوائد القنب الهندي في تقليل الألم المصاحب لحالات معينة من الأمراض مثل السرطان والتصلب العضلي، أو شكل نادر من الصرع، معروفة. وبالتالي، تم اتخاذ خطوة مهمة في هذا القرار".

يفرض القانون الجديد إنشاء مكتب تابع للوكالة الفيدرالية للأدوية والمنتجات الصحية للتحكم في إنتاج مواد القنب الهندي للاستخدام الطبي. لكن سيكون من الضروري انتظار مراسيم التنفيذ حتى يتم إنشاء وكالة حكومية للتحكم في إنتاج القنب الهندي لأغراض علاجية مستقلة. 

وفي غضون ذلك، دعا مستهلكو القنب الهندي للأغراض الطبية، الحكومة، وخاصة وزيرة الصحة، ماجي دوبلوك، إلى تطبيق قانون دعم الاستخدام العلاجي للدواء الذي يضم هذه المنتجات.
وكان البرلمان الأوروبي قد وافق في 13 فبراير/ شباط الماضي، على اقتراح قرار لتنسيق وتحسين سبل الحصول على القنب الهندي للاستعمالات الطبية في الاتحاد الأوروبي.

في انتظار الترخيص
وبحسب دراسة أجرتها "مجموعة فوندرودي"، وهي مؤسسة بحثية تضم مجموعة من الشباب، فالترخيص باستعمال القنب الهندي في بلجيكا وتقنينه يمكن أن يجلبا للدولة قرابة 144 مليون يورو. تقدر مجموعة فوندرودي بمبلغ 224 مليوناً النفقات العامة السنوية المتعلقة بالقنب الهندي. وأجرى مركز الأبحاث دراسة عنوانها "اقتصاد القنب الهندي"، تقيس التأثير على المالية العامة لإزالة تجريم هذه المادة، وفقا لثلاثة سيناريوهات. 

وبحسب الدراسة، إن "إضفاء الطابع القانوني على إدارة بيع وتوزيع هذه المادة عن طريق مؤسسة عمومية تابعة للدولة تتحكم في الإنتاج وتوزع تراخيص البيع وتحدد السعر، سيمكن من تحقيق مداخيل قدرها 144 مليون يورو". تشير الدراسة إلى أن "إلغاء التجريم، أي رفع الحظر المفروض على تعاطي القنب الهندي، ولكن ليس على البيع والإنتاج، من شأنه أن يؤدي إلى تخفيض النفقات العامة للدولة بمبلغ 43 مليون يورو. كما أن إنشاء سوق تنافسية تتمتع فيها الشركات الخاصة بحرية تحديد الكمية المنتجة من شأنه أن تجني منه الدولة دخلا بقيمة 78.4 مليون يورو".

وعلى الرغم من أن اقتراح الترخيص باستعمال القنب الهندي، تدافع عنه جميع المنظمات الشبابية للأحزاب البلجيكية، بينما طرحه أخيراً رسمياً الحزب الاشتراكي المعارض في برنامجه للانتخابات التشريعية التي ستُجرى في 26 من مايو/أيار الحالي، فإن المقترح لا يحظى بالإجماع داخل الطبقة السياسية والمجتمع البلجيكي. 

وكما ذكر البلجيكي، ألكسيس غوسديل، مدير المكتب الأوروبي للمخدرات: "في معظم المواد المخدرة التي يتم التطرق إليها لديها مضار. أو على الأقل تأثير مخدر يسعي وراءه المستهلكون. والحديث عن الفوائد العلاجية المزعومة لهذه المواد، التي تفتقر أحيانا إلى أدلة علمية، فإن المرء يخاطر بإخفاء المخاطر الحقيقية للغاية على الصحة".

دلالات

المساهمون