نبات الخباز: هدف الفقراء في العراق

نبات الخباز: هدف الفقراء في العراق

29 ابريل 2019
طريقة طبخ الخباز تتشابه بين مختلف المدن (فيسبوك)
+ الخط -
بعد كل موسم أمطار، تبهرُ مدن العراق أهلها بمختلف أنواع النباتات، منها ما يصلح للأكل، ومنها ما يكون للزينة. وفي الحالتين، تُعتبَر هذه النباتات مصدر دخل لشريحة الفقراء، والتي تضاعفت عقب الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، وانهيار الاقتصاد العراقي. فبعد الكمأ والفطر والقصب، والتي تدرُ أرباحاً معقولة للمواطنين الباحثين عن فرص عمل، وتشكِّل مدخولاً مالياً سهلاً، يأتي دور نبات الخباز الذي انتشر في مدن شمال وغرب ووسط العراق وجنوبه بشكل كبير، وعلى مساحات كبيرة، جعلت منه هدفاً للمواطنين الذين يبيعونه في الأسواق. 

فوائد صحية
والخبّاز في اللهجة العراقية، أو الخبيزة لدى أهل الشام، هو نباتٌ عشبيّ ينمو بشكل طبيعي في المناطق الزراعية والصحراوية على حد سواء، وحتى على حواشي الطرقات والممرات والحدائق العامة. ويعرف بطيب مذاقه، ويُعدُّ لوحده كطبق خاص، أو بخلطه مع الطماطم واللحم والباذنجان. يسلق الخبّاز أولاً، ثم يُقلّى بالدهن. وبعضهم يفضّله مسلوقاً فقط. وينصح به للأشخاص المصابين بالسكري، أو الذين يعانون من ارتفاع مستمرّ بالكولسترول، وهو ومعروف بغناه بعدة فيتامينات وأملاح مهمة للجسم.

خبز الفقراء
علي السماوي (31 عاماً)، يسكُن في بلدة قرب مدينة السماوة، العاصمة المحلية لمحافظة المثنى، جنوبي العراق، والتي تبعد حوالي 250 كلم عن بغداد. يشير السماوي لـ"العربي الجديد"، إلى أن أرضهم مباركة، "كلما تمطر... تنبت، فنحصل على الرزق"، ويضيف: "منذ مدّة، وأنا بلا عمل، لأنَّ المشروع الذي كنا نعمل فيه توقف. وقام ربّ العمل بتسريحنا. فصرت أخرج لأجمع الخباز منذ أيام، إذْ أجمع الكثير منه، وأجعله في حزم متوسطة الحجم، وأنزل للسوق وأبيعه". ويؤكد السماوي أنه يحصل على "خير من الله"، ويستدرك: "أحصل من بيع الخباز على ما بين ثمانية آلاف وعشرة آلاف دينار عراقي كل يوم، وأعود للبيت. إذْ بعد انتهاء موسم الخباز، ستدرُّ علينا الأرض بخيرٍ آخر. فالصيف مقبل، والعام الماضي، كنت أصعد إلى أشجار النخيل الموجودة في البرية، والتي لا تشكّل ملكية لأحد، لأقطف التمور وأبيعها، كي تتيسّر أموري".

وعلى الرغم من الموازنات المالية الضخمة التي يعلنها العراق سنوياً، إذ تراوح ما بين 80 و105 مليارات دولار سنوياً، منذ عام 2003، إلا أن مؤشر الفقر والبطالة في البلاد بارتفاع مستمر. إذْ تشير تقارير أخيرة، بعضها صادر عن البرلمان العراقي نفسه، إلى ارتفاع معدل الفقر في البلاد إلى أكثر من 25%، وتصل في المدن المحررة من سيطرة تنظيم "داعش" أخيراً إلى أكثر من 35%".


سجاد عبيد (14 عاماً)، يقول لـ"العربي الجديد"، إنه اشترى ملابس العيد من عمل أسبوع في بيع الخباز، ويضيف "اشتريت أشياء لأمي أيضاً. وأصلحتُ شاشة هاتف أخي المحطمة، وكلّه من بيع الخباز". في نينوى، يقول أحمد المولى، إن المثل الشعبي العراقي القائل "نركض والعشا خباز"، يُطلق على الشخص الذي يعمل كثيراً ولكن بلا نتيجة ملموسة. ويضيف أحمد أنّ هذا المثل لم يعد خيالاً، وصار قديماً، ولا ينفع مع حالنا اليوم، لأنَّ الخباز بالفعل هو مصدر رزق للكثيرين، وغيّر حياة العديد من الفقراء والعاطلين من العمل.


وعن طريقة طبخ الخباز، تقول فاطمة عبد الله (35 عاماً)، إنها تتشابه بين مختلف المدن العراقية، بل بين الدول العربية أيضاً، وتتمثل بالتقطيع ثم السلق، مع إضافة القليل من الملح، ثم فرم البصل أو الطماطم أو الباذنجان ويضاف إليه ليؤكل ساخنًا بالخبز. وفي حادثة غير مسبوقة، شهدت محافظة ميسان، جنوب البلاد، نمواً كثيفاً لنبات الخباز وبأحجام لم تكن معروفة وصلت إلى ارتفاع 3 أمتار، وعرض الورقة بحجم وجه الإنسان تقريباً.

ويقول المهندس الزراعي حيدر المرسومي، إن "نبات الخباز يعتبر الطعام الأساسي والوجبة الرئيسية للفقراء في مدن جنوب العراق، وذلك وسط انتشار الفقر والبطالة، وضعف الإمكانات المادية لمعظم الأسر، ولعدم وجود دخل يوفر بدائل أخرى".
ويشير المرسومي إلى أن "الخباز ينبت بشكل طبيعي على ضفاف الأنهار والأهوار وفي الأراضي الزراعية والسهول والهضاب. ويحتوي على عناصر غذائية مهمة ومفيدة لجسم الإنسان. وهو أحد أشهر النباتات القابلة للأكل في العراق منذ القدم".

دلالات

المساهمون