عقود من الإهمال هددت كاتدرائية نوتردام قبل الحريق

عقود من الإهمال هددت كاتدرائية نوتردام قبل الحريق

19 ابريل 2019
وجهت اتهامات بالتقصير للحكومة الفرنسية (لودفيك مارين/فرانس برس)
+ الخط -
اندلعت النيران في كاتدرائية نوتردام في باريس يوم الإثنين، ليصاب العالم بأجمعه بصدمة جراء هذه الكارثة، التي أعزيت لـ "خطأ غير متعمد"، إلا أن الأمر ربما لا يكون مفاجئًا مثلما يتوقع البعض، إذ كشفت تقارير حديثة أن هذا المعلم الثقافي والديني، كان ضحية الإهمال طيلة عقود، وكانت دعائمه تتداعى مع الوقت.

واستأجرت الكاتدرائية عام 2013، ديدييه دوبوي وابنه لتقييم وضع المبنى، وتثبيت مانعات الصواعق في نقاط متعددة، بما فيها برجه المركزي، فشعرا بالصدمة من كمية التصدعات والشقوق التي اكتشفاها، ومن الصدأ المتراكم على الصليب فوق البرج، واستغرقت المهمة التي كان يفترض أن تنفذ في أسبوعين، 3 أشهر كاملة، أجرى فيها الرجلان إصلاحات طارئة، قبل أن يعلنا يأسهما ويخبرا المسؤولين أنهما بحاجة لمحترفين.

وأوضح مسؤولو الكاتدرائية، التي تعتبر تحفة معمارية من العصور الوسطى، أنها كانت تتداعى طيلة عقود قبل الحريق، وأن الدعامات التي كانت تحمي جدرانها الجيرية كانت تضعف، في حين كان برجها المرتفع عاليًا في سماء باريس منذ قرنين تقريبًا، يمتص الماء ويتعفن من الداخل إلى الخارج، ويستقصي المحققون اليوم ما إذا كان مشروع ترميم المبنى، أدى بطريقة ما لاحتراقه، ويسعون لاستجواب كل من كانوا في الموقع قبل ساعات من الحادثة.

وأوضح أندريه فينو، المتحدث باسم الكاتدرائية، أن العمال في يوم الحادثة كانوا في مكان يدعى "الغابة"، وهو مساحة جافة من عوارض الأخشاب أسفل المبنى، دعمت سقفه لعدة قرون، وأنهم كانوا يحاولون تدعيم الهيكل ليتمكنوا من تركيب سقالة ضخمة (منصة مرفوعة تستخدم لحمل الأشخاص والمواد في أعمال البناء والترميم)، كما أكد أن السقالات تطابق أكثر معايير الأمن والسلامة صرامة.

عمال الترميم في الصيف الماضي يعملون جوار الأخشاب التي تحمل سقف "وتردام (لودوفيك مارين/فرانس برس)

وتقول السلطات إن الأدلة ما زالت تشير إلى أن حادثًا تسبب بالحريق، وإنها مستمرة بالتحقيق، في حين عثرت الشرطة على مقاطع فيديو على "يوتيوب"، توضح أن بعض الزوار تسلقوا السقالات للوصول إلى أعلى الكاتدرائية، في الأشهر التي سبقت الحريق، كما اتهم ميشيل بيكو، كبير مستشاري جمعية "أصدقاء نوتردام"، الحكومة الفرنسية بالتأخر والتقصير في تقديم التمويل، مؤكدًا أن الكاتدرائية لم تكن لتحترق، لو جرى الترميم قبل هذا الوقت.

وقال فرنسوا ليتيرم، أحد مقدمي عروض المناقصة، لترميم الكاتدرائية: "بدا أن العمل على السقالات في شهر أبريل/نيسان، تأخر عن الموعد المحدد، وصار الناس يتسللون إليها خارج ساعات العمل، حيث عثر على علبة مشروب فارغة في الموقع"، في حين قال مارك إسكنازي، المتحدث باسم شركة Le Bras Freres، التي فازت بجميع مناقصات ترميم الكاتدرائية: "كان الجدول الزمني ضيقا، أرادت الحكومة الانتهاء من السقالات في يوليو/ تموز"، وأضاف: "غادر آخر عامل الموقع يوم الحادثة، في الساعة 5:50 مساء، وقطع الكهرباء وأغلق الباب ثم أعطى المفتاح للمسؤول عن المبنى، وانطلق إنذار الحريق بعد نصف ساعة من ذلك".

صورة التقطت في يونيو 2017 تظهر تداعي الدعامات التي كانت تحمي الجدران (مارتن بوريو/فرانس برس)



يذكر أن الحكومة الفرنسية تركت الكاتدرائية لوقت طويل من دون ترميم، لأنها كانت من بين 100 كاتدرائية أخرى على وزارة الثقافة الحفاظ عليها، مما دفع بعض المهتمين بالمعالم الأثرية لمحاولة جمع التبرعات بغاية ترميمها، قبل أن تقرر السلطات عام 2017 فتح باب تقديم عروض المناقصة، لإنهاء عدد ضخم من الإصلاحات في الوقت المناسب، لتستضيف باريس أولمبياد عام 2024.

 

صار الناس يتسلقون دعامات الترميم بعد انتهاء العمل عليها (لودوفيك مارين/فرانس برس)

دلالات