مسلسل "ببساطة"... مُطاردة الهاربين من الجيش

مسلسل "ببساطة"... مُطاردة الهاربين من الجيش

06 مارس 2019
باسم ياخور في مشهد من "ببساطة" (يوتيوب)
+ الخط -
منتصف الشهر الماضي، بدأت محطة "لنا" الفضائية بعرض مسلسل "ببساطة" للنجم السوري باسم ياخور والمخرج سيف سبيعي. منذ ذلك الحين، لا تزال القناة مواظبة على بث حلقتين كل يوم. وتنوعت مواضيع الحلقات ما بين الانتقادات الناعمة للسلطات السورية، وانتقاد المجموعات الجهادية المتطرفة الموجودة في سورية، إضافة إلى انتقاد بعض الظواهر الاجتماعية السائدة. وفي الحلقة الواحدة والثلاثين، التي حملت عنوان "وحدن"، تطرق المسلسل لقضية تهرب الشبان السوريين من الالتحاق بالخدمة العسكرية الإلزامية، من خلال لوحة كوميدية من تأليف عثمان جحا، تستعرض صورة متخيلة عن المجتمع السوري، تسيطر فيها النساء على شتى تفاصيل الحياة الاجتماعية بالشارع السوري بعدما خلت البلاد من الرجال بسبب هربهم وتخلفهم عن الخدمة الإلزامية في جيش النظام السوري. 

ما من جديد
فكرة الحلقة وشكلها ليسا بجديدين، وليسا غريبين عن الجمهور السوري؛ فقد سبق أن قدمت حلقة مشابهة لـ"وحدن" ضمن سلسلة "بقعة ضوء" الشهيرة قبيل الثورة السورية. إلا أن ما قدم في مسلسل "بقعة ضوء" حينذاك كان يهدف إلى تبيان معاناة المرأة السورية من مظاهر التحرش والتسلط الذكوري في المجتمع من خلال لعبة تبادل الأدوار وقلب المعادلة لانتقاد الواقع الاجتماعي؛ في حين أن ما قدم بمسلسل "ببساطة" يختلف جذرياً من حيث التوجه، فهو يلجأ للعبة تبادل الأدوار ذاتها ليقدم رؤية ذكورية متطرفة، تعكس مخاوف المجتمع السوري من هيمنة أنثوية مفترضة، تتيح للمرأة التحكم بزمام الأمور إذا ما تخلى الشبان السوريون عن "رجولتهم"، واختبأوا في منازلهم للتنصل من الخدمة في الجيش أو هربوا خارج بلدهم.
ويقدم "الاسكيتش" الجديد صوراً نمطية عن المرأة السورية ويسعى لتكريسها؛ فالمرأة، بحسب الاسكيتش، يجب أن تكون أسيرة المنزل، وأن تكون مسؤولة عن خدمة الزوج والأطفال وأن تقوم بكل الأعمال المنزلية، من طهو وترتيب وتنظيف، ويجب ألا تعمل خارج المنزل.

المريول والزي العسكري
هذه الأفكار الذكورية سبق أن تداولها إعلام النظام السوري في الأعوام السابقة، إذ إن الإعلام الساعي بشكل دائم إلى تجييش الشباب السوري لجأ للعديد من الأساليب لحث متابعيه على الالتحاق بصفوف الجيش، ومنها اتهام الشبان المتخاذلين بأنهم "فاقدو الرجولة" وأنهم "بلا شرف"؛ ويبدو ذلك جلياً في التقارير التي أعدها التلفزيون السوري عن المشاركات النسائية في الأعمال القتالية، والتي عزاها إلى تخاذل الرجال وعدم دفاعهم عن شرفهم، في سياق يشيّئ المرأة ويجعلها كمقياس لشرف الرجال وكرامتهم. ويبدو اسكيتش "وحدن" كامتداد واضح لهذه التقارير في مشهده الأخير، الذي يجمع الزوجين باسم ياخور، الذي يرتدي المريول، وجيني إسبر التي ترتدي الزي العسكري، وتقوم بتعنيفه لفظياً والتحكم به. ولا يكتفي المسلسل بانتقاد الشبان المتخلفين والفارين من الجيش، بل ينتقد أيضاً الشبان المعفيين من خدمة العلم. ففي المشهد الافتتاحي من الاسكيتش، يمشي رجل في الطريق مخفوراً بأمه، ويحتمي بها من تحرش النساء. وفي هذا المشهد، تتم السخرية بشكل واضح من الشاب الوحيد الذي يتمتع بهذه الميزة التي تقيه من مشاق العسكرة، ولم يتطوع بصفوف الجيش.
تنفيس وتفريغ
يؤكد هذا المشهد أن الهدف من المسلسل الساخر ليس انتقاد السلطات السورية أو مواجهتها، وإنما التنفيس والتفريغ ببعض المشاهد، وتمرير رسائل السلطة بمشاهد أخرى. بل إن ارتداء طاقم العمل لأزياء باللونين الأبيض والأسود مخصصة للمساجين في شارة العمل، وادعائهم بأن هذه الانتقادات التي يطرحونها قد تجعلهم ملاحقين قانونياً يتحول لنكتة سمجة عندما يرد في الشارة نفسها شكر لوزارة الدفاع السورية؛ ولا سيما أن هذا الشكر يوضع بإطار تعلوه كلمة Wanted.

المساهمون