الرأي الممنوع: فنانون مصريون على قائمة المغضوب عليهم

الرأي الممنوع: فنانون مصريون على قائمة المغضوب عليهم

28 مارس 2019
عمرو واكد وخالد أبو النجا في فيرجينيا (فيسبوك)
+ الخط -
لا تزال ردود الفعل تتوالى على زيارة الممثلَين المصريَين عمرو واكد وخالد أبو النجا إلى الكونغرس الأميركي للحديث عن الأوضاع السياسية في مصر. ولعل ردة الفعل الأعنف حتى الساعة كانت من قبل نقابة المهن التمثيلية (برئاسة الممثل أشرف زكي) التي ألغت عضوية الفنانين، بعد اجتماع طارئ لمجلس النقابة ليل الثلاثاء، متّهمةً إياهما بـ"الخيانة العظمى". 

هذا القرار بدا متوقعاً، خصوصاً أن تصريحات واكد وأبو النجا في السنوات الأخيرة هاجمت بشكل مستمر نظام الحكم برئاسة عبد الفتاح السيسي. لكن ما حصل لم يكن في الحقيقة سابقة في مصر، بل إن أكثر من فنان دفع ثمن مواقفه من الانقلاب العسكري في يوليو/ تموز 2013.

نبدأ من الفنان حمزة نمرة الذي أصدر مطلع عام 2014، وبعد أشهر قليلة من الانقلاب، أغنيته "وأقولك إيه"، التي تطرّقت إلى الانقسام الكبير في المجتمع المصري. وبسرعة قياسية وجهت إليه اتهامات بالتحريض على الجيش والشرطة، فمُنعت أغانيه من العرض التلفزيوني والبث الإذاعي. ولم يشفع لنمرة تأكيده المستمرّ أنه لا يقصد التحريض على أي فئة، وأنه لا ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين، وفق الاتهامات التي وجّهت له.

الأمر نفسه تكرّر مع الممثلة بسمة. إذ دفعت ثمن مواقفها السياسية الجريئة، فمنع عرض عدد من أعمالها، وصولاً إلى منع مسلسل "أهل إسكندرية" (2014 ــ كتابة بلال فضل، وإخراج خيري بشارة وبطولة بسمة وهشام سليم). فغضب السلطات من فضل ومن بسمة نفسها، إلى جانب اتهام سيناريو العمل بمهاجمة الشرطة المصرية، منعا العمل من إبصار النور.

وبعد إعلانه مقاطعة الانتخابات الرئاسية الأخيرة تقلصت فرص عمل المخرج المصري الشهير داوود عبد السيد، حيث اتهم وقتها "بالتحريض على قلب نظام الحكم والإضرار بالاقتصاد والأمن القومي المصري". وشنّت ضده حملة هجوم واسعة من الصحف ومن قبل بعض الممثلين، ليبتعد عن الساحة الفنية.

تطول اللائحة لتشمل أيضاً الفنان أحمد عيد الذي اختفى عن الساحة الفنية بعد مساندته للرئيس المعزول محمد مرسي. وعلى الرغم من تعمد وسائل إعلام مقربة من الأجهزة الأمنية، إشاعة أنه ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين، فإن عيد نفى دوماً ذلك، لكنه كرر رفضه للانقلاب الذي حصل.

في السياق نفسه من القمع والتضييق على أي رأي معارض، تبدو قصة الفنان المصري محمد عطية الأكثر دلالة على سياسة النظام المصري. إذ لم يقدّم الفائز بلقب الموسم الأول من برنامج "ستار أكاديمي" أي عمل فني سياسيّ. لكنه عبّر عن مواقفه من التطورات في مصر بشكل واضح وجريء، على مواقع التواصل الاجتماعي. وأشهر ما كتبه عطية كان بعد الحكم ببراءة الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، إذ نشر تدوينة على "فايسبوك" هاجم فيها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قائلاً: "لماذا أصابت الصدمة مؤيدي الثورة بعد براءة مبارك؟ متى كان السيسي أو الحكم العسكري ولاؤهم للثورة؟ كل انتماءات السيسي للثورة عبارة عن جملة كاذبة في خطاباته...". ونتيجة لما كتبه، إلى جانب منشوراته الأخرى، ابتعد عطية عن الساحة الفنية، وباتت أعماله قليلة.

محمد عطية لم يكن الفنان الشاب الوحيد الذي دفع ثمن موقفه، بل سبقه رامي عصام الذي هاجر بشكل نهائي إلى السويد، رغم تحقيقه في بداية ظهوره نجاحاً كبيراً، تحديداً في السنوات الأولى التي تلت ثورة 25 يناير. ومن السويد أطلق أغنيته "بلحة" الساخرة من السيسي، فاعتقل النظام في مصر كاتب كلماتها جلال البحيري، كما لحقت حملة الاعتقالات الفنان الشاب أسامة الهادي، لأنه كان يدير قبل سنوات صفحة عصام على "فيسبوك".

وإذا كان هؤلاء الفنانون قد دفعوا ثمن تصريحاتهم السياسية وأعمالهم بتقليص فرص عملهم، إلا أن هناك آخرين دفعوا ثمناً أغلى فمنعوا من دخول مصر، وباتت مسيرتهم المهنية منسية. وهو ما حصل مثلاً مع بعض الفنانين الموجودين حاليا في تركيا، ويعملون مذيعين مثل الفنان محمد شومان الذي سبق أن قدم في مصر عدداً كبيراً من الأفلام في أدوار ثانية، وإن كان أشهرها مع الفنان عادل إمام في فيلمي "مرجان أحمد مرجان"، و"السفارة في العمارة"، وكذلك أفلام "فول الصين العظيم" مع محمد هنيدي، و"واحد من الناس" مع الفنان كريم عبد العزيز. ولم يتمكن شومان مجدداً من العمل في مصر، خاصة أنه تم شطب عضويته من نقابة المهن التمثيلية بمجرد التحاقه بقناة "الشرق"، التي يقدم من خلالها برنامج "شومان شو"، والذي ينتقد فيه الكثير من الأوضاع السياسية في مصر.

المصير نفسه واجهه الفنان هشام عبد الله الذي سبق أن قدم بعض الأعمال في مصر، وإن كان لم يحقق أي نجومية حيث كانت أدواره هامشية في مسلسلات "البخيل وأنا" مع الفنان فريد شوقي، و"ليالي الحلمية" و"رأفت الهجان"، وبعض الأفلام السينمائية مثل "اللعب مع الكبار" و"شاويش نص الليل"، وغيرهما.

لكن وبعد عمله في قناة "الشرق" تم شطب عضويته من النقابة بقرار من أشرف زكي الذي تحايل على القرار، وأكد أن عمل عبد الله في القناة أو مواقفه السياسية ليست السبب في قرار الشطب "بل السبب يعود إلى أنه لم يجدد عضويته النقابية بشكل شخصي"، علماً أن عدداً كبيراً من الفنانين لا يحضرون بشكل شخصي لإنهاء أوراق تجديد عضويتهم. وتكرر الأمر نفسه مع الفنان هشام عبد الحميد الذي خرج من قناة "الشرق" التي يملكها أيمن نور، بعدما قدّم على شاشتها برنامجاً بعنوان "بالتأكيد مع هشام عبد الحميد".

وكان من المفترض أن يشارك عبد الحميد في بطولة مسلسل "شهادة ميلاد" قبل سفره مباشرة إلى تركيا، إلا أن فريق العمل وبسبب آرائه المعارضة سياسياً ووجوده في تركيا رفضوا مشاركته، وتم استبداله بالفنان زكي فطين عبد الوهاب.

المساهمون