الفنانون خارج الشاشة في فخ مواقع التواصل الاجتماعي

الفنانون خارج الشاشة في فخ مواقع التواصل الاجتماعي

22 مارس 2019
هل يربح باسم ياخور في التقديم التلفزيوني؟ (فيسبوك)
+ الخط -
نجومية تتناقص تدريجياً، كفيلة بدفع فنانين من الصف الأول إلى البحث في ميادين أخرى عن الظهور الإعلامي، فاختارت المطربة السورية أصالة تقديم البرامج عبر "صولا"، وتبعها كل من مروان خوري ولطيفة وشيرين.

في حين استقطبت قناة خاصة سورية وليدة تحمل شعار "لنا"، كلاً من أمل عرفة وباسم ياخور وأيمن زيدان إلى كرسي التقديم، كما شاهدنا أمير كرارة وغادة عادل وشريف منير وأنوشكا ومكسيم خليل وإياد نصار وباسل خياط مقدمي برامج في قنوات مصرية. وزادت قبل نحو عام التجربة السورية لانتقال بعض الممثلين إلى كرسي التقديم، من أمل عرفة، إلى باسم ياخور وأيمن زيدان، وآخرين.

وبينما حالف الحظ البعض وتعثر البعض الآخر في إقناع الجمهور بحضوره كمقدم تلفزيوني، كانت برامج المواهب تضج بحضور الفنانين كأعضاء لجان تحكيم في ترنّح واضح بمستوى قدرتهم على النقد والتقييم، وبدا دور اللجان في غالبية البرامج تجميليا لشدّ الجمهور من أجل المتابعة، بينما تتدخل سياسات المحطة المنتجة وجنسيات المشتركين في تحديد أسماء المتأهلين. وبذلك، جلس عشرات المغنين العرب على كراسي لجان التحكيم يبحثون عن شهرة تائهة منهم في مكان ما عبر تصدّر الواجهة كحكم فني ذي باع طويل في الغناء، ذلك ما انعكس سلبًا على الفائزين في هذه البرامج وأفول نجاحهم بعد أيام من انتهاء عرض البرنامج نفسه.

صور وكواليس
ترافق الظهور الإعلامي للفنانين العرب في كثير من الأحيان بغياب التوازن من حيث الإطلالة والحديث؛ فسقطت الهالة المحيطة بالنجم والتي تستغرق منه سنوات لبنائها أمام ظهور إعلامي متسرع، أو ردات فعل تلتقطها مواقع التواصل الاجتماعي من هنا وهناك.

لم يعد المنبر يمكن السيطرة عليه، إذ بات من المعتاد لفنان يقدم برنامجا تلفزيونيا أن يثقل كاهل المتابعين بصور وكواليس من البرنامج على حساباته الإلكترونية، ويطلّ من خلال القصص المصورة على هاتفه المحمول ضمن الفواصل الإعلانية، ثم يشارك الجمهور رأيه بتغريدات على تويتر، ويعيد نشر تغريدات أعجبته، ثم يطلّ عبر عدة وسائل أخرى في تقارير مصورة ليتحدث عن البرنامج. ما يعني بدوره استنزاف كل خصوصية البرنامج لصالح النجم الذي يشعر الجمهور بالملل من مشاهدته على الشاشة ومواقع التواصل الاجتماعي بشكل كثيف.


منشورات كيدية
مواقع التواصل نفسها عرّت الفنانين في فهم الجمهور لشخصياتهم مما يقدمون من أغنيات أو أعمال فنية فحسب. مثلاً، حين يذكر اسم الست أم كلثوم يحضر أمام الذهن أغنياتها وحضورها على المسرح ومواقفها الوطنية ليس إلا، في حين أن ذِكر اسم نجم عربي في التمثيل أو الغناء هذا الزمن يعني انقسام الجمهور على حالته النفسية ومزاجه العام وطريقة تعاطيه مع المتابعين، وتقييم كافة سلوكياته كما استعرضها على محطات الإعلام وحساباته الشخصية، فلم تعد الصدمة لتحل إذا ما شاهدنا ممثلة سورية قديرة تراهق كـ "فانز" في احتفال إطلاق ألبوم مغنية لبنانية، أو حين تطالع المتابعين منشورات كيدية بين فنانة وأخرى تحول جمهورهما إلى قطيع من المشجيعن العُمي في طريقة الدفاع والتطاول على الآخر.

النسيان
في عرف الفنان العربي اليوم، وخاصة ممن تجاوز مرحلة الشباب، الغياب يعني النسيان؛ فإذا لم تتوفر عقود الإنتاج المغرية والأدوار المناسبة، فلم لا يجري الاستعراض بحضور المهرجانات والفعاليات الفنية ولو بشكل مدفوع، وإيهام الجمهور بجماهيرية اسم الفنان عبر دفع مبالغ للترويج والإعلان في مناخ ضرب مصداقية عدد من الجوائز الإقليمية وحولها إلى بازار يتنافس فيه الفنانون على شراء الجوائز والتكريمات.

أما حالة المقارنة عندما يضع فنان من جيل ما نفسه في مقارنة فنان من جيل أصغر، فذلك يشكل ذروة لمرحلة مراهقة متأخرة تنعكس سلباً على وقار الفنان وأرشيفه المهني الطويل. فما يشكل وهماً للخسارة يغدو خسارة فعلية حين يستطرد النجم في الظهور خارج مسار أعماله الفنية وبشكل غير متزن لتنزاح صورة "القامة" التي يمكن أن يشكلها في ذهن الجمهور تدريجياً.


نجومية "اللايكات"

وسط هذا الجدال حول هوية "النجم" الفعلية هذه الأيام، يتدخل مفهوم الشهرة بشكل فج، يقحم أرقام المتابعين وعدد إعجاباتهم وتعليقاتهم ليحدد نجومية فنان وتميزه عن سواه، وسعياً خلف الأرقام، ينحدر مستوى بعض صفحات الفنانين وتصرفاتهم لغاية تلبية ذوق جمهور صفحات التواصل الاجتماعي أي الفئة ما بين "16-25" عاما، وهذا ينعكس بدوره على طبيعة المحتوى الذي يتوجه نحو صبيانية في النقاش ولحاق للظواهر الإعلامية على هذه المواقع بشكل أعمى من قبل النجوم. ولكن ذلك لا يلغي حرص أسماء قليلة على طريقة ظهورها الإعلامي بشكل راق دون ضجيج ومهاترات، عبر الاستعانة بفريق متخصص للظهور الإعلامي سواء في المناسبات أو عبر الشاشة أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
تكاد تكون الأمثلة هي أيضاً قليلة لو ذكرنا الفنان العراقي كاظم الساهر، الذي يوفق بين أعماله وأسفاره الموسمية، وبين تواجده على مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال صفحته "تويتر" التي أصبحت مرجعية لكثير من المتابعين وحتى الصحافيين في الوطن العربي.

المساهمون