لطفي بوشناق... أغنية ضدّ أغنية

لطفي بوشناق... أغنية ضدّ أغنية

21 مارس 2019
أيد التمديد لـ بن علي (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
على موقع "يوتيوب"، توجد أغنيتان للفنان التونسي لطفي بوشناق تحملان الاسم ذاته: "سوريا"، ولكنهما تختلفان شكلاً ومضموناً؛ فإحداهما يعود تاريخ نشرها إلى بدايات الثورة السورية، تحديداً عام 2012، وهي أغنية تدعم الثورة السورية وتتغنى بها. أما الأغنية الأخرى، فقد نشرت في مطلع الشهر الجاري، وفيها يقوم بوشناق باحتضان علم النظام السوري ويعبر فيها عن دعمه لنظام الأسد!

في النسخة الأولى من أغنية "سوريا"، قام بوشناق بمهاجمة النظام السوري من دون مواربة، وعبّر عن دعمه للثورة، حيث يذكر فيها: "تبت يدا من يقتل الأطفال فهو من اعتدى، يغتال شعباً أعزلاً حتى يظل مسيداً. إن الضعيف إذا تحكّم في العباد استأسدا، يا سوريا آن الربيع على ربوعك قد بدا". ولقيت الأغنية قبولاً عاماً في وقت إصدارها من جماهير الثورة السورية.



وفي المقابل، فإن النسخة الجديدة من أغنية "سورية" كتبت بأقلام أحد أعمدة النظام السوري، فالأغنية من كلمات سفير النظام السوري في لبنان، علي عبد الكريم علي. كما أن الأغنية تتداولها القنوات السورية الداعمة للنظام السوري عبر شاشاتها يومياً ضمن الفقرات المخصصة للأغاني "الوطنية" التي تتغنى بأمجاد الأسد! وذلك فعلياً يتناسب مع مضمون الأغنية الجديدة ومع الكليب الذي صوره بوشناق لها، والذي يظهر فيه وهو يحتضن علم النظام السوري الموجود على الشاشة خلفه، ومن ثم تتوالى اللقطات لمناطق أثرية استعاد النظام سيطرته عليها أخيراً، مثل قلعة حلب ومسرح بصرى. وفي هذه اللقطات، يتم التركيز على علم النظام الشامخ بالقرب من المعالم الأثرية، كما أن الكليب يتضمن لقطات من المسيرات المؤيدة للنظام ضمن "كرنفالات الانتصار" التي قام ببثها على شاشاته أخيراً.



وقد يبدو هذا التحول بالمواقف غريباً، ولكنه فعلياً ليس كذلك بخصوص حالة بوشناق، الذي بدّل مواقفه عدة مرات خلال مسيرته. ففي عام 2011، تم استبعاد بوشناق من فعاليات مهرجان "قرطاج"، بسبب غضب الشعب التونسي من تأييده لتمديد فترة الحكم للرئيس التونسي زين العابدين بن علي، وتم وضع اسمه بقائمة العار التونسية، فقام بوشناق بنكران تأييده حينها وصرح حينها بأنه ليس على دراية بالأمر؛ وبعد ذلك، غالى بتعبيره عن تأييده لثورات الربيع العربي ليعود إلى مهرجان قرطاج 2012. وقد جاءت النسخة الأولى من أغنية "سوريا" ضمن تلك الأغاني التي قدمها بوشناق ليركب موجة الثورة، التي كانت رائجة في المهرجانات حينها.

كما أنه أصدر العام الماضي أغنية "أجراس العودة - صفقة القرن" التي أثارت الجدل حينها بسبب ما ورد فيها من هجوم على الحكام العرب، ولكنه عاد ليصرح بأن المقصود بسخريته وهجومه هو الرئيس الأميركي دونالد ترامب وأنه لم يتعمد الإساءة لولي العهد السعودي، الذي يشير لاسمه في أغنيته. وتبين هذه المواقف أن بوشناق الذي يعتبر أحد أبرز أعلام الأغنية السياسية الملتزمة في الوطن العربي، لا يمتلك أي موقف سياسي، وإنما يغني للقضايا السياسية الرائجة للمتاجرة بها، وليس لأنه يؤمن بمبدأ ما يدفعه للغناء.




المساهمون