"كابتن مارفل": مشاكل لا تستدعي هجوماً نقدياً مدمراً

"كابتن مارفل": مشاكل لا تستدعي هجوماً نقدياً مدمراً

16 مارس 2019
أبطال "كابتن مارفيل" في سنغافورة (سهيمي عبدالله/ Getty)
+ الخط -
نتيجة لقطة واحدة في ختام "آفنجرز: حرب لا نهائية" Avengers: Infinity War، لأنتوني وجو روسّو (الأخوان روسو)، متمثّلة في إرسال نِكْ فوري (صامويل أل. جاكسون)، قبل تلاشيه، نداء استغاثة، حظيت شخصية وفيلم "كابتن مارفل" بزخم لا مثيل له بين محبّي هذا النوع من الأفلام ومتابعيها. فالشخصية ليست بطلة جديدة ضمن هذا العالم فقط، لكنها هي التي يُفترض بها إنقاذ الأبطال الآخرين من ثانوس (جوش برولِين). لذلك، وخلال عام كامل، تضاعفت أهمية العمل، وانتظار الجديد منه. هذا الزخم، تفسير لحالة إحباط بلغت مرتبة الغضب، من النقّاد والجمهور، إزاء "كابتن مارفل"، وللثنائي آنّا بودِن وراين فليك، لا بالنسبة إلى مستواه، بل لأنه أبسط بكثير من ملحمية "آفنجرز"، فبدا وكأنّه منتمٍ إلى مرحلة أسبق من بداية مسيرة "مارفل"، تحديدًا على المستوى البصري.

تبدأ أحداث الفيلم على الكوكب البعيد "هالا"، والذي يعيش فيه جنس "كري"، أو الجنود الخارقون المدافعون عن المجرّة، ضد كائنات "سكرالز" المتطفّلة، والتي تستطيع نسخ الحمض النووي لأي كائن والتشبّه به. كارول آفنجر دانفرز/ كابتن مارفل (تؤدّي دورها بْرِي لارسون) تنتمي إلى "كري". أثناء تنفيذها إحدى المهمّات، يخطفها "سكرالز"، وعند هروبها، تهبط على كوكب الأرض، فتلتقي نِكْ فوري (جاكسون) لتنفيذ مهمة، هدفها الأساسي التخلّص من "سكرالز" الذين يُطاردونها.



هناك هدف آخر أيضًا: معرفة سبب بعض الذكريات الأرضية العالقة في رأسها، وهوية المرأة العجوز التي تراها في أحلامها.
بعيدًا عن أي توقع مسبق. يُمكن القول إن الفيلم ممتاز في ثلثي أحداثه، لكن انتقادًا له يتمثّل في تطابق "رحلة الشخصية" مع أفلام أخرى للشركة نفسها، كشخصية ثُوْر (كريس هيمس وورث): وهو كائن خارق يأتي من كوكب آخر إلى الأرض، ويتفاعل مع مهمة تجعله يكتشف أمورًا كثيرة عن نفسه وعالمه. الانتقاد محقّ، باستثناء أن الأفلام الخاصّة بالشخصيات المنفردة في "مارفل" ترتكز على البناء نفسه: "دكتور سترانج" و"كابتن أميركا" و"بلاك بانثر" وغيرها. بناء مبسّط، هو جانب من آثار شهرة "شركة مارفل" وشعبية أفلامها. لذلك، تعتمد على صيغة يتفاعل معها المُشاهد بسهولة.

لكن "كابتن مارفل" يتضمّن تفاصيل جيّدة ومختلفة أيضًا: فكرة الذكريات المفقودة في عقل الشخصية، ومحاولة اكتشاف واستعادة ما كانت عليه وما حدث، والطريقة التي تتداخل فيها حياتها الأرضية السابقة، بتلك الآنيّة، لطرح أسئلة والإجابة على أخرى. كذلك، هناك رحلتها الخفيفة، والكيمياء المذهلة بينها وبين نِكْ فوري. هذه كلّها منحت النصف الأول من الفيلم متعة وقوّة، استمرّا مع الانقلاب الدرامي، الذكي فعلاً، والذي بيَّن حقيقة ما حدث، وغيَّر حلفاء الشخصية. هذا كلّه ممتاز ومسلٍّ، وكان يُمكن إدخاله (حتى ثلثيه) في لائحة أفضل أفلام "مارفل"، ربما.
 غير أنّ الفيلم انهار في فصله الثالث. أبرز مشكلة كامنةٌ في مستواه البصري، وتصميم الـ"أكشن" وشكله، في مَشَاهد ضعيفة للغاية، تكاد لا تنتبه، أحيانًا، إلى تفاصيل ما يحدث داخلها. فهي تبدأ وتنتهي من دون التأسيس للقوّة الخارقة لـ"كابتن مارفل" وحدودها، إذا كانت قادرة على فعل كلّ شيء. والأهمّ: ما هي نقاط الضعف التي تُثير شعورًا بالخطر عليها في لحظةٍ ما؟ المَشَاهد كلّها آمنة ومتوقَّعة، وتقدِّم "أكشن" تجاوزته "مارفل" نفسها منذ 10 أعوام: مجرّد صخب فضائي لوحوش وانفجارات من دون تفاصيل أو دراما، ليكون هذا الشيء، هو الأكثر إحباطًا ومللاً في العمل.

إلى ذلك، يظهر ارتباك آخر: إلى أي مدى هو جاد؟ أم أنه هزلي كخاتمته؟ كيف يُمكن للقط مثلاً أن يكون الحلّ في بعض اللحظات؟ المشهد الأسوأ متعلّق بتفسير سبب فقدان نِكْ فوري عينه، كأنه لغز بدأ منذ بداية العالم قبل 11 عامًا، قبل تقديمه بشكل عبثي وهزلي تمامًا، في الفصل الذي تتجلّى فيه إحدى أكبر المشاكل المتّفق عليها حتى بين من أحبوا الفيلم: لا تملك بْرِي لارسون جاذبية كافية في تأديتها الشخصية السينمائية، في مقابل تقديم الممثلين الآخرين، وتحديدًا صامويل أل. جاكسون، حضورًا ممتازًا. لارسون مرتبكة، خصوصًا في ما يجب أن تعبّر عنه شعوريًا. فهل تكون كارول، الشخصية الأرضية، أم فيرز، مُحارِبة الفضاء؟ بشكلٍ عام، يُعاني "كابتن مارفل" مشاكل عديدة. لكن الهجوم عليه مُبالغ فيه بشدّة، إذْ لم يكن مطلوبًا منه أبدًا أن يكون كملحمية "حرب لا نهائية"، وإنْ يكن ربطه بهذا، سبب الزخم في انتظاره.

دلالات

المساهمون