"ليليت السورية": بكائيات النظام في فيلم

"ليليت السورية": بكائيات النظام في فيلم

23 فبراير 2019
مشهد من فيلم "ليليت السورية" (فيسبوك)
+ الخط -
ازدادت في السنوات الأخيرة كمية الأفلام التي تقوم بإنتاجها المؤسسة العامة للسينما في سورية. إلا أن هذه الكثافة الإنتاجية لم يكن هدفها تقديم محتوى فني، وإنما كان هدفها سياسياً بحتاً. فجميع الأفلام المنتجة من قبل مؤسسة السينما في السنوات الماضية تتشابه بالتوجه والمحتوى. والهدف من إنتاجها، هو التطبيل والتهليل لنظام بشار الأسد. ولا يبدو فيلم "ليليت السورية" مغرّداً خارج هذا السرب. الفيلم مقتبس من رواية "تحت سرة القمر" للكاتبة جهينة العوام، وأخرجه غسان شميط، ولعب أدوار البطولة فيه: مجد فضة، وضاح حلوم، لينا حوارنة، مريم علي وعبد الرحمن أبو القاسم.

يُظهر الفيلم جنود الجيش السوري بأبهى الصور الإنسانية. ففي بداية الفيلم، يصور لنا المخرج مشهداً كاملاً لعسكري يقف على حاجز للنظام، يشك بأحدهم، فيقوم برفع السلاح نحوه وإهانته وإجباره على الركوع. وعندما يكتشف أنه على خطأ، وأن المشتبه به قادم من حلب لخسارته بيته على يد الإرهابيين، يقوم بالاعتذار منه وتقبيله وطلب الفغران والسماح منه. وهذه الصورة التي يقدمها الفيلم عن العساكر في حواجز النظام، مناقضة تماماً للواقع الذي شهد حالات اعتقال وضرب وإهانة، وعنف غير مبرر مارسه عناصر الجيش السوري على تلك الحواجز بحق المواطنين. كما يُظهر الفيلم جنود الجيش السوري كأبطال، فهم من يحررون المدنيين في المناطق المحاصرة من قبل الإرهابيين، وهم من يردّون المخطوفين من قبل الإرهابيين إلى أهاليهم. وذلك ما يجعل الفيلم، وكأنه جزء من الاحتفالات الكرنفالية بانتصارات النظام على شعبه.

ويُظهر الفيلم أن ما حدث في سورية ليس نتيجة ثورة سياسيَّة على السلطة، وإنما نتيجة صراع طبقي بين فئات الشعب؛ إذْ إن البطل المضاد في الفيلم هو إرهابي، انضم إلى مجموعة من "الإرهابيين" لينتقم من رئيسه بالعمل الذي كان يقوم باضطهاده على الدوام، ويبخس في أجره، فيقوم بتفجير سيارته، واختطاف ابنه، وحرق مصانعه بمساعدة "الإرهابيين".

ولا يصور صناع الفيلم هذا الصراع الطبقي بشكل درامي جيد، وإنما يتم تصويره بأسلوب بكائي فج، ويبالغ صناع الفيلم باستعراض الأحزان واستنزاف العواطف، ليمرروا رسائل مباشرة، مفادها أن ما عاناه الشعب السوري من آلام ناجم عن الحراك الشعبي، القائم على أحقاد طبقية بين طبقتي التجار والعمال! ويبرئ الفيلم نظام الأسد من تلك المعاناة بشكل كامل، إذْ يحكي الفيلم قصة عائلة تضطر إلى مغادرة بيتها بسبب دخول "الإرهابيين" إلى المنطقة التي يعيشون بها، ويتمّ تفجير سيارة الأب من قبل "الإرهابيين" الذين يخطفون أحد أفراد الأسرة. وفي نهاية الفيلم يستهدف "الإرهابيون" الحي الجديد الذي تقطن به العائلة؛ وكأن الفيلم يقول أن الشعب السوري مستهدف بسبب أحقاد وخلافات شخصية! ليبتكر الفيلم نوعاً جديداً من نظريات المؤامرة التي لطالما تبناها النظام السوري، وتتمحور حول أن المؤامرة على الشعب السوري، هي بسبب الهناء والنعيم اللذين كانوا يعيشون فيهما.

ومن مشاكل الفيلم أيضاً، أن صناعه يقدمونه باعتباره فيلماً مناصراً لقضايا المرأة السورية ومعاصراً لها. ولهذا السبب تمت تسميته بـ"ليليت السورية"، كتلميح لإسقاطات من الحكايات السومرية الأسطورية على واقع المرأة السورية في الحرب. أما بطلة الفيلم، فهي تبدو طيلة الوقت خاضعة للسلطة الأبوية التي تحكمها، ومن بعدها تظهر خانعة للسيطرة الزوجية وضعيفة أمام زوجها.

المساهمون