الفنانون ومواقع التواصل: معارك على جدران وهمية

الفنانون ومواقع التواصل: معارك على جدران وهمية

13 ديسمبر 2019
يبتكر بعض الفنانين حسابات وهمية بأسماء مختلفة (Getty)
+ الخط -
يظن مجموعة من النجوم العرب أن تميزهم على مواقع التواصل الاجتماعي يأتي من حديث المعجبين عنهم، ولكن أي حديث ذلك الذي يصف كل عمل جديد للنجم بأنه استثنائي ويكيل كلمات الحب ورموز الإعجاب الصفراء والقلوب الحمراء على كل نفس يتنفّسه الفنان.
المعادلة في الإعجاب تغيرّت، سابقاً كان النجم بحاجة إلى ظهور على الشاشة لتكتب عنه المواقع الفنية، أو مرور في الشارع ليصادفه الجمهور، ويلتقطوا معه الصور. فكان ثمن الغياب هو الهالة التي يبنيها الفنان لنفسه، ولا يمكن لأحد اختراقها إلا بإرادته.

ومع نمو مواقع التواصل وقيادتها حتى لمحتوى وسائل الإعلام التقليدية، تحول الفنان إلى "شيء" متاح يمكن للجمهور معرفة أدق تفاصيل حياته اليومية، من يحب ومن يكره وكيف يتغير مزاجه، من لحظة الفرح إلى لحظة الانزعاج.
المربك في الآونة الأخيرة هو تحول المعجبين إلى جيش إلكتروني بكامل الولاء للنجم، من اسم الحساب إلى التعريف عنه وإلى المنشورات الفائضة بالحب. وهذا لا يعني ألا يعبّر الجمهور عن حبهم للفنان، لكن الإلغائية التي بلغت حداً لا يستهان به بدأت تحمل أبعاداً عكسية على الفنان نفسه وعلى الجمهور الحقيقي الذي يترقب ما يقدمه النجم من إنتاج ليقيّمه بالرضا أو الرفض أو الانتقاد المنطقي. لكنّ التجييش الذي غدا عادة مقلقة لكثير من رواد مواقع التواصل، كشف عن حروب خفية بين الفنانين راحت تظهر بشراسة على منصات تويتر وإنستغرام وفيسبوك.

هنا الفنان لا يتحدث بلسانه، بل يحرك معجبيه ليتحدثوا بالموضوع، ويأتي هو لاحقاً ليكتفي بالإعجاب أو المشاركة، مدّعياً الدهشة. وحيث تشير تسريبات من حلقات مقربة من نجوم الصف الأول عن دفع مبالغ طائلة سنوياً على هذه الحسابات المزيفة لبناء الشهرة، تتحول الجماهيرية إلى فعل تجاري يحركه "التريند" على مواقع التواصل ويعبث بحقيقة من هو النجم ومن هو الظاهرة؟
التعبيرات المتزايدة من وباء المعجبين دفعت بعض الفنانين إلى الإحجام عن إنشاء حسابات على مواقع التواصل أو التأكيد مراراً وتكراراً أنهم يمتلكون صفحة رسمية واحدة لا غير حتى لا يدخلوا في معارك لا دخل لهم فيها، بالمقابل يستثمر بعض المشاهير في السوشيال ميديا للحد الأقصى، كحالة استنزاف للرمق الأخير من نشر حالات مصورة لصور جديدة ومقاطع صوتية وبث مباشر، كحالة هيمنة على جمهورهم المتابع، حتى وإن أدرك هؤلاء أنهم يفقدون بذلك حالة الجماهيرية التي تفسّر محبة الجمهور بشكل عام لهذا الاسم، إلى حالة المعجبين الذين يجدون في فنانهم ملاكاً مهما فعل، ويقابلهم جزء من الجمهور المعاكس في الرأي، ما يعني حالة انقسام وتلاسن و"تريند" من جديد يحول المعركة إلى اسم الفنان وليس حول القيمة الفنية لأعماله وأدواره وأغنياته.
من جهة أخرى، يعمد بعض الفنانين إلى الاستعانة بموظفين أو معجبين من أجل إنشاء بعض الصفحات الوهمية، التي تنقل فيديوهات للفنان أو الفنانة وتظهر أنها صفحة إعجاب، فتحمل اسم الفنان إلى جانب كلمة Fans، أو "صفحة المعجبين الرسمية". لكن بحسب ما هو ظاهر، فإن كل هذه الحسابات وهمية، ويملك مفتاحها الفنان أو الفنانة، وباستطاعتهما الدخول إليها أو تكليف أحد المعجبين ببث فيديوهات تظهره في جلسات خاصة، أو نشر صور لا يريد نشرها على صفحته الخاصة الموثقة.

المساهمون