"ذا إند أوف ذا فا**نغ وورلد": كوميديا الموت

"ذا إند أوف ذا فا**نغ وورلد": كوميديا الموت

20 نوفمبر 2019
حكاية يتحوّل فيها الشخص الشرير إلى بطل نبيل (Imdb)
+ الخط -
لم تبدأ الحكاية كقصة حب تقليدية؛ فالشاب الصغير، جيمس، تقرب من زميلته أليسا بالمدرسة بغية القتل، لتكون أولى ضحاياه كقاتل متسلسل، بعدما أمضى عدة سنوات من طفولته بممارسة هوايته المروعة بقتل الحيوانات الأليفة. في حين أن ما دفع الفتاة الشبقة جنسياً، أليسا، للتقرب من جيمس، هو اعتقادها بأن هذا الشاب غريب الأطوار قد يكون فرصتها الأسرع للتخلص من حياتها المنزلية المزرية؛ ليتفقا معاً على سرقة سيارة والد جيمس ومغادرة المدينة، ليبحث الشاب عن اللحظة المثالية لقتل فتاته، وتبحث الفتاة عن مغامرة جنسية في مكان بعيد. 

هكذا، بدأت رحلة المغامرة في مسلسل "The end of the f***ing world"، بلقاءات عاطفية غريبة الأطوار وباردة، ترصدها الكاميرا بأسلوب الـ"ديب بان"، الذي ينتقل بين الوجوه بلقطات قريبة، ليرصد ردود الفعل بأسلوب كوميدي، وتحرك المشهد والمتعة فيه المونولوجات الداخلية التي يتفوه بها أبطال القصة دون توقف.
خلال الجزء الأول، المقتبس عن رواية لشارلي فورسمان تحمل الاسم نفسه، والجزء الثاني الذي تم عرضه في بداية الشهر الجاري، تمكن المسلسل من طرح منظور خاص للكوميديا السوداء، لم يسبق أن شهدنا له مثيلاً سوى في بعض أفلام تارانتينو، الذي بدا صناع العمل متأثرين فيه، بأسلوب صياغة القصة وتقطيعها لخطوط زمنية متعارضة، تسرد حدثاً مأساوياً بأسلوب لا يخلو من الكوميديا.
تتمحور الكوميديا في الجزء الأول من المسلسل حول الدوافع الخفية التي تحفّز أبطال العمل على خوض المغامرة، التي تبدو غير محسوبة العواقب، بالإضافة إلى ردود الفعل الطفولية التي تصاحب المواقف الدرامية القاسية؛ لننتقل بلحظات من الكوميديا إلى المأساة، وتكسرها الكوميديا مجدداً. هذا المزيج المتماسك من المخاوف والمتعة، تُتوِجُهُ الصدفة ليسرد حكاية يتحول فيها الشخص الشرير إلى بطل نبيل؛ وذلك تجلى بالمشهد الذي يقتل فيه الشاب، جيمس، رجلاً للدفاع عن أليسا التي كانت تتعرض للاغتصاب؛ لتكوّن هذه التناقضات، التي ترسم ملامح الشخصيات، ردود فعل متضاربة حول العرض، فينتهي غريباً، بالغرابة نفسها التي يبدأ بها، مع مشهد الموت البطولي لجيمس وهو يضحي بنفسه من أجل الحب.


طبيعة الجزء الأول المقترنة باكتشاف الشخصيات لذواتهم ومحيطهم، وموت جيمس، الشخصية الأكثر جاذبية في المسلسل، خفّضت من مستوى التوقعات حول الجزء الثاني، ولا سيما بعدما تم عرض البرومو الرسمي للمسلسل، الذي غُيّب فيه جيمس؛ ولكن الحال تبدل بعدما تم عرض المسلسل وتبين أن جيمس نجا من الموت وعاد من جديد ليعيش مغامرة لا تقل غرابة. تمكن صناع المسلسل من خلق الإثارة في الجزء الثاني من خلال إضافة شخصية محورية جديدة، وهي بوني، عشيقة الدكتور كليف، الذي تم قتله على يد جيمس في الجزء الأول، والتي دخلت إلى عالم المسلسل بدافع الانتقام.

يبدو أثر تارانتينو في الجزء الثاني أكثر وضوحاً، ولا سيما بالطريقة التي تم فيها إقحام شخصية بوني في المسلسل، التي بدت شبيهة إلى حد ما بتصوير شخصية البطل المضاد، بوتش كولدج (بروس ويلس)، في فيلم "بالب فيكشن"؛ فتبادل الأدوار ما بين البطل والبطل المضاد أعطى المسلسل جرعة كبيرة من الإثارة، وأعاد الروح للحكاية التي بدت كأنها مغلقة.
كذلك، أضيفت بعض التفاصيل الغنية لشخصيتي جيمس وأليسا، لتدعما الطابع الكوميدي بالمسلسل، وأهمها العلاقة الغريبة بين جيمس وموت أبيه، وتشبثه الغريب بالآنية الفخارية التي تحتوي رماد أبيه طيلة المسلسل، وكذلك تردد أليسا بخوض علاقة عاطفية مع جيمس بعدما عرفت أن الأخير فقد قدرته على ممارسة الجنس بعدما أصيب بنهاية الجزء الأول. 

هذه العوامل مجتمعة وضعت بطلي المسلسل في مغامرة جديدة، لا تقل بفكاهتها ورومانسيتها عن مغامرة الجزء الأول؛ لكن كل هذا البناء الدرامي المتين تحطم في الحلقة قبل الأخيرة، عندما تخلت بوني فجأة عن فكرة الانتقام، وتخلت الشخصيات عن عوالمها المناقضة للمثالية فجأة، وانتهى المسلسل بمواقف رومانسية كوميدية توحي بأن العرض سيستمر لموسم ثالث على الأقل، لتفسد أحداث الحلقة الأخيرة ملامح الكوميديا السوداء التي تميز بها المسلسل.

المساهمون