"إت": ثلاث ساعات مملة

"إت": ثلاث ساعات مملة

03 أكتوبر 2019
مخرج الفيلم أندرس موشياتّي (دايف بينيت/Getty)
+ الخط -
قبل عامين، أُنتج الجزء الأول من It، لأندرس موشياتّي Andrés Muschietti، المقتبس عن رواية مشهورة لستيفن كينغ، بالعنوان نفسه، صادرة عام 1986. يومها، حقّق الفيلم نجاحًا مدوّيًا، جعله "أنجح فيلم رعب في التاريخ"، بتحقيقه إيرادات دولية بلغت 700 مليون و381 ألفًا و748 دولارا أميركيا، مقابل ميزانية إنتاج تُساوي 35 مليون دولار أميركي فقط. بهذا، تخطّت الإيرادات ما حقّقه The Exorcist الذي أخرجه ويليام فريدكن عام 1973، والذي عُرض قبل 35 عامًا، وحقّق 441 مليونًا و306 آلاف و145 دولارا أميركيا (بحسب القيمة المالية للعملة في تلك الأيام).
منذ ذلك الحين، بات الفصل الثاني، المُكمِّل للحكاية، أحد أكثر المشاريع السينمائية المنتظرة. رغم هذا، النتيجة مُخيّبة للآمال. كأن صنّاعه انقلبوا فجأة على مميّزات الجزء الأول، المتحوّلة هنا إلى كوارث. يُمكن حصر عوامل تميّز الجزء الأول بثلاثة:
أولاً: أجواء الثمانينيات الفائتة، ومدينة ديري الصغيرة، التي نشعر أننا من سكّانها الملعونين بالكائن الشيطاني المهرّج، بيني وايز. ثانيًا: شخصيات الأطفال التي لا تمتاز فقط بالتلقائية وجودة أداء الممثلين جميعهم، بل أيضًا لأنّها مكتوبة بشكل جيّد، ولأنّ لكلّ شخصية معالمها الواضحة والمتّصلة تمامًا بجوهر الفيلم، أي بتجسيد وايز لمخاوفهم. ثالثًا: الرعب الذكي يأتي في لحظات غير متوقّعة، وبأقلّ قدر ممكن من استخدام Jump Scares الرخيصة.
لكنّ الفصل الثاني يفقد هذا كلّه من دون استثناء. بدايةً، تدور الأحداث بعد 27 عامًا، مع عودة المهرّج مجدّدًا، ساعيًا إلى الانتقام. ويتجمّع الأصدقاء بدورهم في ديري لمواجهته. لكن الزمن الذي له حضور وشأن عام 1989، بات هنا فاترًا، وبتحييد كامل لعام 2016. الأسوأ، أنّ المدينة نفسها وجغرافيّة المكان والشعور بالحصار، لم تعد كلّها موجودة.
من ناحية أخرى، فقد الفيلم، بشكل كارثي، قوّة الشخصيات، بافتراض سطحي ومزعج، يقول إنّ هؤلاء الأطفال سيبقون، بعد 27 عامًا، في المخاوف والهواجس نفسها، من دون أي تغيير: تبقى "بيفرلي" في دائرة الرجال العنيفين، و"إيدي" يظلّ يعاني سيطرة أمّه، ومعاناة "بِلْ" متأتية من ذكرى أخيه، إلخ.
هذا البناء فعّالٌ في الرواية، التي تمزج ماضي الشخصيات بحاضرها. لكن، مع فصل الزمنين أحدهما عن الآخر، في عملٍ سينمائي طويل، يُتوقّع التفكير في الشخصيات بشكل أكثر منطقية وعُمقًا، وبما يُفيد عنصر الرعب. هذا يفتقده الجزء الجديد الذي لا مبالغة في القول إنّ كلّ لحظة فيه متوقّعة، تعتمد على حِيَل الرعب التجاري من دون ابتكار، فيُدرك المتفرّج ما الذي سيحدث قبل حدوثه بقليل. هذه ورطة، جزء منها إخراجي وتقني، وجزء آخر متعلّق بالسيناريو الذي يتحرّك، في معظم أحداثه، بشكل متتابع بين أبطال الفيلم الستة، وهم يواجهون موقفًا مرعبًا، وبالتالي تكون الأحداث والتفاصيل متوقّعة منذ بداية المشهد.
هذه الأمور كلّها، جعلت It Chapter 2 فيلمًا ضعيفًا. ما زاد الأمر سوءًا أنّه ضعيف ومتوقّع، وأنّ مدّة أحداثه تبلغ 3 ساعات، فبات أطول فيلم رعب، من دون أية حاجة درامية إلى تلك المدة الزمنية. يكفي القول إنّ هناك ساعة كاملة قبل أن يبدأ أبطال الفيلم في مواجهة بيني وايز، الذي يعرف أنّهم سيأخذونه. ساعة كاملة من دون رعب أو دراما أو تعميق للصلة بالشخصيات، قبل استمرار مَشاهد طويلة متوقّعة هي أيضًا، وصولاً إلى خاتمة هي الأخرى مُتخبّطة في المنزل الملعون، والذي يفقد كلّ رهبة الجزء الأوّل ومفاجآته.
حتى وايز نفسه، أحد أبرز أعظم كائنات الرعب، فاتر للغاية في هذا الجزء، ولا يُثير أي شعور بالرهبة والقلق.
نتيجة هذا؟ فيلم ضعيف ومملّ، لا يملك جودة الجزء الأول، رغم أنّ صنّاعه هم أنفسهم.

دلالات

المساهمون