إعادة الروح إلى الكنيسة البيزنطية في غزة

إعادة الروح إلى الكنيسة البيزنطية في غزة

21 أكتوبر 2019
دمّرت إسرائيل جزء من الفسيفساء عام 2003 (العربي الجديد)
+ الخط -
يعمل فريق من الخبراء والمختصين والخريجين على إعادة الروح للكنيسة البيزنطية شمالي قطاع غزة، التي تعد واحدة من أقدم الكنائس، بغرض حمايتها من الاندثار والضياع، خاصة بعد أن غطت الكثبان الرملية تفاصيلها لعقود من الزمن.
تهتم "الإغاثة الأولية الدولية" في غزة وطاقمها عبر برنامج الترميم وإعادة الإحياء بإعادة بث الروح في تفاصيل الكنيسة التي تقع في جباليا شمالي القطاع، وتعد واحدة من أهم وأعرق الكنائس في بلاد الشام، حيث يعود بناؤها إلى العام 444 ميلادية، وقد بنيت في عهد الإمبراطور البيزنطي يودوسيوس الثاني. لا تزال الكنيسة البيزنطية شاهدة على الأزمان والحقب التاريخية التي مرت بها مدينة غزة، بما يميزها من أرضيات فسيفسائية مختلفة الأشكال، والرسومات، والدلائل الأثرية والتراثية.
بدأ العمل في برنامج الترميم منذ عام 2017، إذ تم إطلاق برنامج لترميم وإعادة إحياء المواقع الأثرية، والتدريب على المهن المتعلقة بالتراث، بإدارة منظمة الإغاثة الأولية الدولية، وتحت الإشراف العلمي لدائرة الآثار في فلسطين، والمدرسة الفرنسية الإنجيلية والأثرية في القدس، بدعم من المجلس الثقافي البريطاني، وبالشراكة مع قسم الثقافة والإعلام والرياضة.
موقع الكنيسة البيزنطية الأثري والذي كان عبارة عن قبر بسيط لسلف كان يحظى بالشهرة، توسع، وصار مجمّعا كاملاً تدل نقوشه اليونانية السبعة عشر على أن عبادة الموتى قد تم الحفاظ عليها من نهاية القرن الخامس، إلى منتصف القرن الثامن الميلادي، لأكثر من 300 سنة.




تتكون الكنيسة من ثلاثة صحون، أضيفت إليها كنيسة صغيرة تسمى "شابيل" لتقديم القرابين، ومن ثم تم تشييد معمودية مكونة من أربع غرف، وقد رُصفت المباني الثلاثة بـ400 متر مربع من الفسيفساء عالية الجودة، والتي تم استيحاء رسوماتها من الأساطير الرومانية واليونانية.
تدلل البقايا الأثرية على ازدهار اقتصادي كبير كان قد ساد في قطاع غزة في القرن السادس، وحملت بعض لوحات الفسيفساء صورة لشجرة نخيل عُنونت بـ"شجرة الجنة"، والعديد من اللوحات التي صَوّرت التفاصيل الحضارية القديمة. وتضم الكنيسة وفقا لما تم اكتشافه حتى اليوم نحو 16 نصا كتابيا باللغة اليونانية القديمة. يقول مدير مكتب غزة للإغاثة الأولية الدولية جهاد أبو حسان، وهي مؤسسة غير ربحية، تعمل في المجال الإنساني، إن مؤسسته القائمة على البرنامج تعمل في عدة مجالات، منها المجال الطبي، الأمن الغذائي، المأوى، المياه، العمل مقابل المال، والحماية بشكل عام، وتنفيذ أنشطتها في 22 دولة حول العالم.
ويشير أبو حسان إلى أن الالتفات للكنيسة البيزنطية، وموقع تل أم عامر، جاء بعد توفر الفرصة المناسبة من الصندوق البريطاني، وذلك بهدف حمايتها من الاندثار والضياع والسرقة، وخصوصاً أنها مواقع مفتوحة أمام الجمهور، إلى جانب تحويلها إلى مزار أثري وتراثي. يقول لـ"العربي الجديد": "تحدثنا مع المختصين في ذلك المجال، وطرحنا الفكرة على المختصين التابعين للمدرسة الفرنسية للآثار في القدس، وقررنا البدء بمشروع حماية المواقع الأثرية، والتراثية، التي تحتاج إلى تدخل طارئ للحفاظ عليها. يتابع أبو حسان: "تعاونا مع كلية التاريخ والآثار في الجامعة الإسلامية، وكلية الفن العمراني في جامعة فلسطين، واخترنا نحو 50 طالباً وطالبة، لتلقي التدريبات مع الفرنسيين، وبعد فترة من التدريب وتخريج الدورات، اخترنا 15 خريجاً، ووصل عدد الفريق إلى 22 شخصاً، إضافة إلى 11 عاملاً ذوي خبرة، وخمسة أشخاص لتنظيف المواقع، إلى جانب أربعة خبراء فرنسيين، تشرف عليهم المدرسة الفرنسية للآثار، وتوزعت مهامهم على قطع الحجارة وإعادة تصفيفها، الفسيفساء، وبناء الجدران".




يوضح مدير الإغاثة أنه تم تدمير جزء من فسيفساء الكنيسة البيزنطية أثناء الاجتياحات الإسرائيلية لشمال قطاع غزة عام 2003، ولا تزال آثار الدمار واضحة حتى الآن، مضيفاً: "لذلك حاولنا التحرك بهدف حماية التراث الفلسطيني بشكل عام وعلى وجه التحديد على سانت هيلاريون، والكنيسة البريطانية".
ظلت الفسيفساء النادرة التي تغطي أرضية الكنيسة البيزنطية لفترة طويلة مغطاة بالتراب، وعُرضة للخطر والتلف، ما دفع الإغاثة إلى البدء بمشروع بناء مبنى جديد يحمي تلك الفسيفساء، والبئر، وما تحتوي عليه الكنيسة القديمة، حفاظاً عليها من الاندثار، إلى جانب تحويل الكنيسة المهجورة إلى مزار للمواطنين والسياح.

المساهمون