وثائقيان عربيان في "كارلوفي فاري 2018"

وثائقيان عربيان في "كارلوفي فاري 2018"

04 يناير 2019
"المرجوحة" لسيريل العريس: ملاعبة الموت (فيسبوك)
+ الخط -
استكمالاً لاستعادة الحضور السينمائي العربي في محافل دولية خلال عام 2018، لا بُدّ من التوقّف عند "مهرجان كارلوفي فاري السينمائي الدولي"، الذي ينفتح شيئًا فشيئًا على الجغرافيا العربية. 


ففي المسابقة الرسمية للأفلام الوثائقية في دورته الـ53 (29 يونيو/ حزيران ـ 7 يوليو/ تموز 2018)، تنافس فيلما "المرجوحة" للّبناني سيريل العريس و"الحلم البعيد" للمصري مروان عمارة والألمانية يوهانا دومكي. الأول منتمٍ إلى نوع نادر من الأفلام، مردّه لا الأسى والحزن بل غلبة الموت وسيطرته. فيه، يقترب العريس كثيرًا من الموت، إلى درجة يكاد المُشاهد يلمسه. فالموت حاضرٌ في كلّ دقيقة. لذا، يبدو الفيلم شديد الثقل على النفس والمشاعر. وبخلاف الموت والاحتضار التدريجي، هناك المرض والشيخوخة والعجز والـ"ألزهايمر".

باقتدار، نجح العريس في إكمال فيلمه على نحو سليم وجذّاب بنائيًا وفنيًا، رغم صعوبة الموضوع ودقته وحساسيته، حتى بالنسبة إليه شخصيًا (يتناول الفيلم يوميات والديه العجوزين إثر وفاة شقيقته، علمًا أن والده غير عارفٍ برحيلها). ورغم الحزن والموت المُخيِّم كلّ لحظة، كان الفيلم مُمتعًا فعليًا، والرغبة في متابعة مشاهدته لا تفتر أبدًا، إذ ليس هناك ملل إطلاقًا.
إلى جانب تمكّنه من صُنع فيلم جيّد للغاية من مادة بسيطة فنيًا وعميقة إنسانيًا وثقيلة على المشاعر، يُحسب للعريس براعته في التخلّص مونتاجيًا مما لا فائدة منه. التصوير تمّ داخل شقّة العائلة، رغم صعوبة هذا النوع من العمل السينمائي الذي تدور أحداثه كلّها في أماكن مُغلقة.
في المقابل، حاول عمارة ودومكي، في "الحلم البعيد"، القبض على تبعات حالة الدمار الاقتصادي ـ النفسي، الذي يصيب المكان والأشخاص، جراء حادثة معينة تعرّض لها المكان وأُصيب بها الأشخاص. المكان هو أحد المنتجعات السياحية في شرم الشيخ المصرية، والأشخاص هم عاملون فيه.



لم يشأ المخرجان أن يكون فيلمهما "تسجيليًا تقليديًا"، فمزجت المُعالجةُ التوثيقيَّ بما يُشبه الدرامي. أما المضمون، ففيه لبس ما، خاصة مع البداية، والتصوير المُتجوّل في أرجاء المنتجع السياحي الفارغ. لاحقًا، ينكشف الهدف، ويتحوّل اللُبس إلى ميزة بارزة: رصد المكان وهو خالٍ من أي سائح أو نزيل، وذلك بعد سقوط طائرة روسية، ما أضرّ السياحة في مصر. نفسيًا واقتصاديًا، هناك رصد للتبعات اللاحقة بالعاملين في المنتجع، وهذا بناء متميّز للغاية. لكن دخول العنصر الفانتازي ـ المُتمثّل بشخصية القرد الذي يستجوب الشخصيات مباشرة، وسؤاله عن أحلامهم وغيرها ـ أفسد الكثير وأربكه وشوّش عليه.

المساهمون