برنامج "القناة الأولى": استعادة مضادّة

برنامج "القناة الأولى": استعادة مضادّة

18 يناير 2019
استخدَم بعضاً من الملامح البصرية للقناة الأولى القديمة (فيسبوك)
+ الخط -
نهاية العام الماضي، أطلق الشاب السوري سمير المطفي الحلقة الأولى من برنامجه "القناة الأولى" على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مستقل. وعرضت من البرنامج حتى اليوم ثلاث حلقات، حصدت عشرات آلاف المشاهدات والمتابعين، وتمكن المطفي فيها من إثارة الجدل حول المحتوى الذي يقوم بتقديمه ضمن برنامجه، الذي لا تتجاوز مدة الحلقة الواحدة منه تسع دقائق.
للوهلة الأولى، لا يبدو برنامج "القناة الأولى" مختلفاً عن البرامج الترفيهية التي يتم طرحها على وسائل التواصل الاجتماعي من الناحية الشكلية، كبرنامج "السليط الإخباري" أو "الدحيح" وغيره؛ إذ يتولى مهمة تقديم البرنامج شخص واحد، ويقوم بطرح مواضيع متداولة، والتعقيب عليها بشكل ساخر، مستعيناً ببعض الفيديوهات والصور لتوضيح بعض الأفكار أو إضفاء نوع من النكتة. إلا أن المطفي، استطاع أن يترك بصمة خاصة ومميزة من خلال العمل على الذاكرة التلفزيونية الجمعية في سورية، وتقديم برنامج "يوتيوب" يحمل هوية بصرية مستمدة من الهوية البصرية للقناة الأولى، وما كانت تعرضه في الثمانينيات والتسعينيات؛ فأغلب السوريين تربطهم ذكريات كثيرة بـ"القناة الأولى"، التي أغلقت العام الماضي؛ حيث كانت القناة الأولى والثانية، حتى منتصف التسعينيات، هما القناتان الوحيدتان المسمحوتان في البلاد، قبل أن يُسمح للشعب بتركيب الطبق اللاقط، فكان الشعب السوري في أغلبه يتابع "القناة الأولى".
استخدم المطفي اللوغو القديم الخاص بالقناة الأولى لوضعه على فيديوهاته، أي السيف الدمشقي. ويبدو أن المطفي استخدم اسم "القناة الأولى" وبعض ملامح هويتها البصرية، ليشير إلى أن برنامجه موجه إلى جميع السوريين. واستفاد المطفي من جمالية ما كان يعرض على تلك القناة في التسعينيات والثمانينيات من إعلانات وبرامج في صناعة محتواه، ففي كل حلقة يبدأ البرنامج وينتهي بشارة توقف البث الخاصة بالقناة الأولى. كما أن المُقدّم الشاب قام بالتمهيد لبرنامجه من خلال فيديو طريف، هو عبارة عن فيديو معدل عن إعلان تجاري قديم كان يبث على "القناة الأولى" في التسعينيات للترويج لحليب "حليبنا"، ولاقى الفيديو تفاعلا كبيرا من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
ما يميز برنامج "القناة الأولى" من حيث المحتوى، أنه لا يكتفي بالتعقيب على الأحداث المتداولة وانتقادها بطريقة ساخرة، كما هو الحال في أغلب البرامج التي يتم طرحها أخيراً على وسائل التواصل الاجتماعي، وأنه لا يقوم بتقديم آراء جاهزة ومسبقة؛ وإنما يعمل على إقناع المتلقي بمضمون أفكاره من خلال الحجج والبراهين والسرد التاريخي، وربط الأحداث التاريخية بالأحداث الحالية.
في الحلقة الثانية من البرنامج، تناول المطفي قضية قسمت الشارع السوري، وهي تشجيع المنتخب السوري لكرة القدم، وربط السياسية بالرياضة؛ فقام باستعراض العديد من الأحداث التاريخية التي تؤكد ربط السياسية بالرياضة، ولم يكتف بسرد عناوين تلك الأحداث، وإنما قدم جرعة كبيرة من المعلومات الناتجة من بحث معمق، يعود بعضها إلى عام 1936، إذ بدأ السرد التاريخي من خلال الحديث عن الأولمبياد النازي حينها الذي كان تحت رعاية هتلر، والدعاية النازية التي قام بها هتلر من الأولمبياد وتسييس الرياضة، ليتمكن من خلال العودة إلى هذه الحقبة التاريخية من إيجاد روابط تجمع الجمهور بكافة أطيافه مع ما يقدمه من أفكار، فبيّن بسرده التاريخي، الذي لا يخلو من الكوميديا، أن السياسة لا تُفصل عن الرياضة عالمياً ومحلياً.

المساهمون