الأكل العاطفي: حين يتحوّل الطعام إلى صديق

الأكل العاطفي: حين يتحوّل الطعام إلى صديق

02 اغسطس 2018
لا يعد إشباع الحاجات العاطفية بالطعام خطوة ناجحة (Getty)
+ الخط -
بعدما أقنعت نفسها بتناول قطعة واحدة فقط، انتهى بها الأمر إلى تناول قالب الحلوى بأكلمه، لتنقض بعدها، ومن دون وعي، على كيس الرقائق، لوح الشوكولا، وعلبة البسكويت. في البداية، ظنت سمر أن الجوع هو الدافع وراء شراهتها المفرطة في الأكل، إلى أن أيقنت أنها كانت تنغمس في الطعام طوال الوقت ومن دون توقف نتيجة حالة الكآبة التي تعاني منها جراء انفصالها عن الحبيب. 

سواء كان الأمر متعلقا بنكسة عاطفية، أو بموت شخص عزيز، أو رسوب في الدراسة، هناك مجموعة من الأسباب التي قد تقود المرء إلى الوقوع في فخ ما يسمى "الأكل العاطفي". ما هو هذا السلوك المدمر وكيف يمكن معالجة هذه المشكلة؟

بخلاف ما يعتقد البعض، فإننا لا نأكل دوماً بسبب الشعور بالجوع، إذ إن الطعام في معظم الأحيان يتحول إلى صديق مقرّب نشكي له همومنا ومشاكلنا.

واللافت أنه في الوقت الذي نشعر فيه بأن تناول الطعام يساعدنا على التعامل مع العواطف غير السارة، مثل الحزن، الملل أو الوحدة القاتلة، فإنه يجعلنا ندخل في دوامة مغلقة، وفي مأزق أكبر: بعد تناول الطعام بطريقة جنونية، نشعر بالسوء ليس نتيجة المشكلة الأساسية التي دفعتنا إلى الإقدام على هذا السلوك الهستيري، بل يتولد لدينا شعور بالذنب نتيجة الإفراط في تناول الطعام.

عرّف موقع helpguide الأكل العاطفي باللجوء إلى التهام الطعام للشعور بتحسن عاطفي معيّن، وعليه يتحول دور الطعام من مجرد غاية لإشباع الجوع الملموس إلى وسيلة لتلبية الاحتياجات العاطفية، وهو الأمر الذي يدفعكم، مثلاً، إلى إنهاء علبة كاملة من البسكويت في حال كنتم تشعرون بالغبطة، أو طلب "بيتزا" عملاقة لالتهامها بمفردكم نتيجة الشعور بالوحدة والملل.



صحيح أن استخدام الطعام كمكافآة بعد يوم عمل شاق لا يعد بالضرورة أمراً سيئاً، إلا أن المشكلة تكمن حين يتحول الأكل إلى الآلية الأساسية في معركة المواجهة العاطفية، أي حين يصبح دافعكم الأول هو فتح باب البراد كلما تملككم الشعور بالتوتر أو بالغضب أو بالإرهاق، غافلين أن انغماسكم في الأطعمة غير الصحية سـ"يزيد الطين بلّة"، وخاصة أنكم في الأساس لم تعملوا على معالجة المشكلة التي أغرقتكم في دوامة الأكل العاطفي.

في الحقيقة لا يعد إشباع الحاجات العاطفية بالطعام خطوة ناجحة، فبالرغم من أن الأكل يجعل المرء يشعر بتحسن ملحوظ، إلا أن هذا الشعور آني ولن يستمر، لا بل على العكس ستنقلب الأمور رأساً على عقب، إذ إنه في أغلب الأحيان يشعر الأفراد الذين أفرطوا في تناول الطعام بالسوء وبحالة من الكآبة تفوق حالتهم السابقة بعد إدراكهم حقيقة السعرات الحرارية التي اكتسبوها من دون وعي.

اعتبر موقع "سيكولوجي توداي" أن الأكل العاطفي يتخطى مسألة عدم القدرة على ضبط النفس: "لو كان الأكل العاطفي مسألة بسيطة مرتبطة بالانضباط، لكان بالإمكان معالجة ذلك من دون الاضطرار إلى تعذيب أنفسنا بالواجبات المدروسة ودفع المال مقابل الأطباق الغذائية الخاصة والتفكير المفرط في مسألة ماذا نأكل ومتى، وبطبيعة الحال لكنا قد تفادينا مشكلة اضطراب الأكل".

وعليه، اعتبر الموقع أن هناك خمسة أسباب تقف وراء الأكل العاطفي:
الجهل: يمكن أن يحدث الأكل العاطفي كنتيجة مباشرة لغياب الوعي بشأن نوعية الأكل وفي السبب الذي يدفعنا إلى الإفراط في تناول الطعام، في سياق ما يعرف بـ"الأكل اللاوعي"؛ أي عندما ينتهي المرء من تناول وجبة ما ورغم الشعور بالتخمة إلا أنه يستمر في تناول بقايا الطعام أو التهام أي نوع من الأطعمة لمجرد أنها أمام عينيه. 

أما الحل فيكون عبر الانتباه جيداً لما نأكله، إذ إنه وبالرغم من أن مسألة التركيز على ما يدخل إلى أفواهنا من مأكولات تبدو خطوة مملة، إلا أنها ضرورية لتجنب الإفراط في تناول الطعام.

المتعة الوحيدة: في بعض الأحيان يصبح الطعام أشبه بالمخدرات التي يصعب التخلص منها بسهولة، فبعد نهاية يوم طويل وشاق قد يكون وعاء الآيس كريم فعالا لتحسين المزاج، أما السبب فيعود لكون السكريات التي يحتويها تطلق المواد الأفيونية في دماغنا، وهي المكونات الموجودة في الكوكايين، الهيرويين وغيرها من المخدرات، وبالتالي فإن الإقدام على كسر عادة الأكل العاطفي قد يكون أشبه بالتخلص من المخدرات. أما الحل فيكون عبر إيجاد طرق أخرى لمكافأة النفس وتحسين المزاج.



عدم القدرة على التغلب على المشاعر الصعبة: منذ صغرنا نتربى على فكرة تجنب الأمور التي تشعرنا بالسوء، إلا أن الطرق التي وجدناها لتشتيت انتباهنا عن المشاعر الصعبة قد لا تصب دوماً في مصلحتنا، وبالتالي غياب القدرة على تحمل مشاعر الحياة التي لا مفر منها قد يكون كافيا لجعلنا عرضة للأكل العاطفي. من هنا، فإن الحل يكون عبر السماح للنفس باختبار المشاعر الصعبة وعدم الهروب من الواقع.

كره الجسد: تعدّ السلبية والخجل وكره الذات عوامل تحث الناس على إجراء تغييرات كبيرة تتعلق خاصة بأجسادهم، واللافت أن العديد من الناس يزعمون أنهم سيتوقفون عن الشعور بالسوء تجاه أجسادهم عندما يصلون إلى الوزن المثالي، إلا أنه من المضر ربط الشعور بالخجل من الجسد بمسألة التخلص من عادة الأكل العاطفي.

سبب عضوي: إن قيامنا بترك أنفسنا نشعر بالجوع والتعب هو أفضل طريقة لكي نترك أنفسنا عرضة للأكل العاطفي، من هنا من الضروري أخذ قسط من الراحة والنوم إضافة إلى تناول العديد من الوجبات الصغيرة خلال النهار.

دلالات

المساهمون