المنتخب الفرنسي... سخرية خارج المستطيل

المنتخب الفرنسي... سخرية خارج المستطيل

17 يوليو 2018
لا يمكن تبرير العبارات العنصرية التي استخدمها البعض (Getty)
+ الخط -
أُسدل الستار على مونديال روسيا بعد تتويج المنتخب الفرنسي باللقب للمرة الثانية في تاريخه، إثر انتصاره في المباراة النهائية على حساب المنتخب الكرواتي بنتيجة 4-2. وتفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع الحدث بوصفه مفاجئاً، رغم أن تتويج الديوك الفرنسية باللقب لم يكن مستبعداً، ولا سيما أن المباراة النهائية التي خاضها الفرنسيون هي المباراة النهائية الثالثة التي يشارك فيها الديوك في العشرين سنة الأخيرة، في حين أن الفريق الكرواتي لم يسبق له أن خاض مباراة نهائية من قبل.
اللافت في الأمر أيضاً، أن نسبة كبيرة من الجمهور على مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلوا مع المباراة النهائية بطريقة ساخرة، إذ قاموا بتشبيه قائد الفريق الكرواتي ونجمه الأول، لوكا مودريتش، بالسيدة فيروز، ومن خلال رسم الأساطير واختلاق الحكايات حول الرئيسة الكرواتية كوليندا غاريا، التي تمكنت من خطف الأضواء. وفي المقابل، فإن السخرية من المنتخب الفرنسي حملت طابعاً تهكمياً على تلون أعراق لاعبيه وأنهم ليسوا من أصول فرنسية.
فقبل أن تبدأ المباراة، انتشرت على العديد من الصفحات الرياضية صور توضح أصول اللاعبين الأساسيين في منتخب الديوك، لتؤكد أنه لا يوجد سوى لاعب واحد فرنسي أصلي فقط، هو الظهير الأيمن، بينيامين بافار؛ الأمر الذي تسبب بموجة كبيرة من السخرية من فرنسا ومنتخبها، في حين تم تجاهل اللاعبين البيض، أمثال المهاجم أوليفيه جيرو، ذي الأصول الإيطالية، أو حارس مرمى المنتخب وقائده، هيوغو لوريس، ذي الأصول الإسبانية. فما أن انتصر المنتخب الفرنسي بالبطولة حتى بدأ رواد مواقع التواصل الاجتماعي بالسخرية من فرنسا، فكتب البعض: "مبروك للسنغال"، أو "مبروك لمنتخب اللاجئين".

هذه السخرية وصلت أيضا في أحيان عدة إلى مستوى العنصرية، في الوقت الذي يسعى به عدد كبير من العرب إلى الهجرة لبلدان القارة العجوز والحصول على جنسيات بلادها.
يذكر أنه في سنة 1998، ازداد عدد أنصار المنتخب الفرنسي بالأوساط العربية بشكل ملحوظ، ويعود الفضل بذلك إلى الدور المحوري الذي لعبه لاعب خط الوسط ذو الأصول الجزائرية، زين الدين زيدان، في حمل الديوك الكأس الذهبية لأول مرة في تاريخهم؛ ولم يقلل العرب حينها من قيمة كرة القدم الفرنسية، بل كانوا يتفاخرون بالأصول العربية لزيدان. وفي المقابل، تجدهم اليوم يقللون من قيمة كرة القدم الفرنسية بسبب مساهمة الأفارقة، أمثال نغولو كانتي وبول بوغبا وكيليان مبابي، بحمل فرنسا الكأس الذهبية. واستغل البعض هذه المسألة هذه المرة لتقليل قيمة الإنجاز الفرنسي.
في المقابل، فإن عدداً كبيراً من الجماهير العربية سبق أن انتقدوا المدرب الفرنسي ديديه ديشامب واتحاد كرة القدم الفرنسية قبيل المونديال، بسبب عدم استدعاء اللاعب الفرنسي ذي الأصول الجزائرية، كريم بنزيمة، لتمثيل المنتخب الفرنسي، وادعوا أن العنصرية ضد العرب هي السبب وراء غياب نجم ريال مدريد. فماذا لو كان ديشامب قد استعان ببنزيمة، وساهم الأخير في رفع الكأس الذهبية؟ وماذا لو ساهم نبيل فير، ذو الأصول الجزائرية، في التتويج باللقب؟ هل كان سيعيب المنتخب الفرنسي وجود لاعبين من أصول عربية؟

المساهمون