نهايات غريبة... أحداث الحلقة الأخيرة

نهايات غريبة... أحداث الحلقة الأخيرة

20 يونيو 2018
توقّع الجمهور نهاية "تانغو" بسبب حبكته المألوفة (lbci)
+ الخط -
مع انقضاء الموسم الرمضاني وإسدال الستار على غالبية المسلسلات السورية، بات واضحاً أن معظم هذه الأعمال تميل نحو التراجيديا لاستعراض المأساة التي يعيشها الشعب السوري، وانعكس ذلك بالحضور الكثيف للموت في المسلسلات السورية، ليكون هو الثيمة المشتركة بين جميع الأعمال التي عرضت في رمضان هذه السنة. لكن كيف انتهت المأساة السورية في المسلسلات الدرامية؟ وما هي الطريقة التي اختتم بها صناع هذه الأعمال مسلسلاتهم؟ 

لقرون طويلة، بقي الموت هو النهاية الأكثر شيوعاً في الأعمال الدرامية التراجيدية، كما كان الزواج يستخدم للنهايات السعيدة؛ فمسرحيات شكسبير التراجيدية كانت دائماً تنتهي وجثث أبطال المسرحية تفترش أرضية المسرح، وفي المسرح الإغريقي كانت تنتهي التراجيديا بدخول جثث الأبطال محملة إلى خشبة المسرح، حيث يتم نعيها بكلمات تليق بوداعها؛ ولم يبحث كتاب التراجيديات عن نهايات مختلفة حتى القرن التاسع عشر، حين اختار هنريك أبسن أن يكون صوت صفعة الباب الذي يمثل تخلي الزوجة "نورا" عن بيتها وأطفالها خاتمةً لمسرحية "بيت الدمية"، ولتكون بذلك أول مسرحية درامية تنتهي من دون موت، ولتفتح صفعة باب أبسن الأفق أمام كتاب الدراما الواقعية ليبتكروا نهايات جديدة؛ فتعددت النهايات التراجيدية في الدراما الحديثة وتنوعت النهايات المأساوية للأبطال حتى وصلت إلى ذروة الابتكار مع الأميركي تنسي وليامز، الذي أنهى مسرحية "عربة تسمى الرغبة" بطريقة مبتكرة غيرت مسار الأعمال الدرامية، حيث انتهت المأساة بالزج ببطلة المسرحية "بلانش" في مشفى المجانين وهي بكامل عقلها؛ وبعدها أصبحت نهاية البطل الدرامي التراجيدية تتنوع ما بين الموت والفقدان والجنون والاعتقال وغيرها.
وبالنسبة لصناع الدراما السورية، فهم أيضاً ابتكروا النهايات الخاصة بهم. وهذا ما نراه واضحاً في بعض المسلسلات التي عرضت هذه السنة، والتي بدت نهاياتها غريبة، منها:

روزنا
تتمحور أحداث المسلسل حول شخصية "رزان"، التي أداها الوجه الجديد هبة زهرة، وينتهي المسلسل بموتها، وذلك ليس بالأمر الغريب؛ ولكن اللقطة التي تنتهي بها أحداث المسلسل تعتبر أغرب ما في العرض، حيث نشاهد حقيبة رزان تصعد وحيدة على الدرج الكهربائي بعد أن ماتت، ويرافق اللقطة صوت القاتل المأجور وهو يعلمنا بأنه أنجز مهمته. نعم، ليس غريباً أن يتم قتل "رزان" من دون أن نرى المشهد، ففي المسرح اليوناني كان القتل دائماً يتم بعيداً عن أنظار الجمهور، ولكن التركيز على تلك الحقيبة يبدو أمراً غير منطقي؛ من الممكن تفسير اللقطة بفهم خاص للمأساة، وهو مأساة خلود الأشياء وفناء البشر، فالشيء الذي كانت تحمله "رزان" بيدها استمر بالصعود في حين أنها ماتت. وذلك يتوافق مع فكر المسلسل، الذي يؤكد على أن الحياة لا تزال تنبض في حلب رغم الدمار الذي حل بها، وأن المدينة ستعيش حتى لو قتل أهلها وشردوا!



وردة شامية
بعد سلسلة طويلة من جرائم القتل، تقوم بها الأختان "وردة" و"شامية" بمساعدة زوجيهما، تنكشف الحقيقة في الحلقة الأخيرة، وتسعى الشرطة لاعتقال الأختين، اللتين تسارعان للهرب. ويلاقي أبطال المسلسل مصيرين مختلفين، فمن لم تُعطِ بالاً للعواطف الإنسانية تتمكن من النجاة والهرب، بينما تُجَر إلى حبل المشنقة "شامية" التي تضعف أمام عاطفة الأمومة، وتتراجع عن الهرب في اللحظة الأخيرة؛ لتعطي هذه النهاية عبرة غريبة، فتؤكد النهاية أن القاتل يتوجب عليه التخلي عن مشاعره الإنسانية إذا ما أراد الحياة!

الواق واق
رغم أن المسلسل يصنف ضمن الأعمال الكوميدية، إلا أن النهاية التي اختارها صناع العمل لبطل المسلسل هي نهاية تراجيدية بامتياز. حيث ينتهي المسلسل برحيل جميع من سكن جزيرة "درة الزبد"، فيهجر "الشعب" القائد الدكتاتور "عرفان الرقعي"، ويتركونه وحيداً في مملكته الخاوية، ويبقى على الجزيرة دون أمل بالنجاة. وفي اللقطة الأخيرة يجلس "عرفان الرقعي" بالخطأ على لغم، فيحوله إلى شخص عاجز، أي حركة منه ستؤدي إلى الموت.

تانغو
حبكة "تانغو" البوليسية، وتمركز الأحداث حول دائرة الجريمة وكشف هوية القاتل، جعلا الجمهور يتوقع النهاية ويحاول التنبؤ بها مبكراً، فاكتشاف هوية القاتل ومعاقبته هي النهاية المنطقية التي لم يشذ عنها المسلسل. ورغم ذلك، فإن صناع العمل لم يكتفوا بحدود النهاية البوليسية للقصة، وأنهوا المسلسل بلقطة غريبة رغم ألفتها؛ فالمسلسل ينتهي بلقطة تصور "عامر" (باسل خياط) وهو مستلق في غرفة العناية المشددة بعد غيبوبة دامت طويلاً، وتمر الثواني ببطء وصمت حتى يفتح عينيه فجأة وينتهي المسلسل مع تلك النظرة. هذه اللقطة التي اختتمت أحداث المسلسل قد تدل على أحد أمرين، وهما: أن يكون المسلسل قد ابتكر نهاية جديدة لم يسبق أن استخدمت في التراجيديا، وهي تتويج المأساة بالاستيقاظ، وكأن المصير الأسوأ للإنسان هو العودة إلى الحياة؛ فتعكس هذه الفكرة مسار النهايات التراجيدية بصورة لا تقل رعباً. وأما الاحتمال الثاني فهو مجرد أسلوب إخراجي لإعلام الجمهور بأن للأحداث تتمة وأن هناك جزءاً ثانياً سيتم التحضير له.

دلالات

المساهمون