رحيل صادم للملحّن خالد البكري: السوري الذي سكنته مصر

رحيل صادم للملحّن خالد البكري: السوري الذي سكنته مصر

16 يونيو 2018
لم يعرف كثيرون أن البكري من أصل سوري (فيسبوك)
+ الخط -
رحل ليل الجمعة المؤلف الموسيقي السوري المصري، خالد البكري، في حادث أليم على الطريق الصحراوي في مصر.
يعود شريط الزمن خلال لحظات إلى طفل يلهو قرب بيانو في منزل أصدقاء العائلة، يقفز نحوه ويعزف لأول مرة في حياته، يكبر خالد البكري، وفي سن الثالثة عشرة تفتح له أبواب المعهد العالي للموسيقى في القاهرة، مبشرة بمؤلف موسيقي لن يقبل بالشرط التجاري ليمضي سنوات عمره في العزف من أجل الفن.
وحيث لم تكن المادة هي الهدف، اكتفى خالد بعملين اثنين أو ثلاثة في السنة الواحدة. إلا أنه استطاع أن يجعل لحن أغنية ألفها ينتقل لسبع دول في العالم. أعاد الموسيقيون فيها تقديم اللحن بلغة جديدة. فأي عالم تحدى خالد البكري في مشواره الخمسيني؟
تكاد تخلو شبكة الإنترنت من معلومات شخصية عنه أو مقابلات تلفزيونية، لتشكل إطلالته الأخيرة مطلع العام الحالي في برنامج "الستات ميعرفوش يكدبوا" حواراً عبّر فيه عن الهواجس التي كان يعيشها قبل دخوله عالم الفن والموسيقى والصعوبات التي تعترض طريق الفنانين الذين يرفضون العيش وفق أهواء المنتجين للحفاظ على سوية محترمة للموسيقى العربية.
استلهم البكري من والده الضابط السوري في الجيش العربي، أيام الوحدة بين سورية ومصر، قوة التحمل لبلوغ الهدف، في حين شغلت والدة خالد مساحة كبيرة في حياته لتأثره الشديد في علاقته معها كما يقول. وجاء الهوى السوري المصري ربيعاً في مسيرة قصيرة قدم فيها خالد أعمالاً موسيقية لا تنسى أبرزها "أتحدى العالم" و"أجمل نساء الدنيا" و"ملكت الكون" للفنان التونسي صابر الرباعي، وأغنيتا "نسيني الدنيا" و"الحب الكبير" للفنان اللبناني راغب علامة وأعمال عديدة مع الفنان المصري هاني شاكر والفنانة السورية أصالة نصري كان أحدثها "رجع الفرح" من ألبوم أصالة الأخير، ومن كلمات الشاعرة سهام الشعشاع.
عاند خالد كثيراً السوق الغنائية، رافضاً تقديم أي عمل موسيقي بكلفة إنتاجية باخسة، أو بدون توفر التقنيات اللازمة للحفاظ على جودة اللحن، وحين عرض عليه نهاية العام الماضي تقديم أغانٍ للمهرجانات، رفض متمسكاً بتقديمه نمطاً موسيقياً غير تجاري في أعماله. وحيث تأثر بالتغييرات الكبرى في الشارع العربي، وغياب وجود مشاريع موسيقية واضحة، شكل لقاؤه مع الراحلة وردة مفصلاً في حياته، إذ وصفته وردة بالعبقري وقدمت من ألحانه أغنية "واحدة بواحدة"، من كلمات هاني الصغير شريك خالد في كثير من الأعمال الناجحة.
يغيب اسم خالد عن الشارع السوري، تنعاه ابنة عمه الممثلة السورية تولين البكري، في حين يبرز تساؤل عن مدى معاناة خالد بأن يُعرف كملحن سوري على مستوى الوطن العربي، وسط عشرات السوريين الذين لم تنصفهم مؤسسات الثقافة في بلدهم الأم، فكانت مصر الوجهة التي تستقبل الفنان وتقدره على مدار عقود. وإن كان البكري قد ولد وتربى في مصر وعُرِف في الشارع المصري كابن البلد، فمن المسؤول عن تجاهل رصيده الفني في الإعلام السوري، حاله حال أشخاص كثر قدّموا للفن شيئاً مختلفاً.
صدمة كبيرة انتابت الوسط الفني بعدما نشرت الفنانة المغربيّة، سميرة سعيد، خبر وفاة خالد البكري، بداية، على حسابها الرسمي في "إنستغرام"، كما نعاه عدد من الفنانين، ومنهم صابر الرباعي وراغب علامة، وأصالة نصري، ووصفوا فقدانه بالخسارة للموسيقى العربية.
ظلم خالد البكري، بحسب تعبيره، حين هوجم من قبل الإعلام اللبناني لسنوات، إثر خلاف قضائي مع آل الرحباني حول اقتباس لحن أغنية "أتحدى العالم" من غناء صابر الرباعي. وقيل إنه من أغنية قديمة لإلياس الرحباني، وقال البكري في مقابلة تلفزيونية "انزعجت من تهمة الاقتباس". ورجَّح أن قلة أعماله خلال السنوات الأخيرة كانت لأسباب كثيرة، لكن حين بدت ملامح انطلاقة مجدداً بادية، وصرح قبل وقت قليل "أنا لسه مقدمتش 1 بالمية من الي قادر أقدمو"، باغته الموت أول من أمس في حادث سير مفجع.





المساهمون