الدراما السورية وحملة ضد الممثلين اللبنانيين: أخرجوهم من مسلسلاتنا

الدراما السورية وحملة ضد الممثلين اللبنانيين: أخرجوهم من مسلسلاتنا

26 مايو 2018
يشارك قيس الشيخ نجيب في بطولة "جوليا" (العربي الجديد)
+ الخط -
منذ بدء موجة النزوح السوري إلى لبنان، إثر تدهور الأوضاع في مختلف المناطق، واجه السوريون عنصرية مقيتة من الكثير من اللبنانيين. عنصرية تبلورت وظهرت بشكل واضح من خلال خطاب إعلامي سوقي وسخيف، إلى جانب برامج كوميدية ساخرة رمت كل مكنوناتها العنصرية على الشاشات. لكن هذه المرة يبدو أن حملة في الاتجاه المعاكس بدأت ليلة أمس، إذ أطلقت صفحة "دمشق الآن" التابعة للنظام السوري، حملة جديدة، في محاولة منها لدعم الدراما السورية التي تعيش موسماً جديداً من الفشل؛ لكن حملتها الجديدة اتسمت بعنصرية غير مسبوقة، حيث حملت اسم "أخرجوا اللبنانيين من الدراما السورية"!

تحاول "دمشق الآن" أن تحلل أسباب الأزمة التسويقية التي تعاني منها الدراما السورية، ووصلت إلى ذروتها العام الماضي، حين فشلت 8 مسلسلات سورية من الوصول إلى شاشات العرض. وارتأت الصفحة أن السبب وراء ذلك يعود إلى مؤامرة شرسة و"حرب غير معلنة" شنتها المحطات العربية ضد الدراما السورية. وللخروج من هذه الأزمة لجأت بعض شركات الإنتاج السورية إلى إقحام ممثلين لبنانيين في الدراما السورية لأغراض تسويقية، وهو الأمر الذي أدى إلى أزمة جديدة، بحسب ما ترى "دمشق الآن"، وهي "فقدان الدراما السورية تألقها المعهود وتهالكها".

وورد في النص التعريفي بالحملة أيضاً: "فرق اللهجة كان واضحاً وبشكل يثير اشمئزازاً لدى المتابع، خاصة في دراما البيئة الشامية، وهي التي كانت تحكى بلهجة شامية أصيلة باتت تحكى بلهجة "شاملبنانية"... وغاب معظم النجوم السوريون عن الشاشات نظراً لاحتكار اللبنانيين للبطولة، فتشعر وكأنك تشاهد مسلسلا سوريا من دون وجود ممثل سوري، مع أن معظم الفنانين السوريين الذين غابوا عن الشاشات هم ممن صمدوا في سورية وبقيوا طوال فترة الحرب، ولم يفكروا بمغادرتها، حرصاً منهم على استمرار سير عجلة الدراما السورية".

ورغم أن الخطاب الذي تنشره "دمشق الآن" مغرق بالعنصرية، لكنها تحاول أن تنفي هذه الصفة عن نفسها، وتحاول أن تبرر حدتها بالغيرة على المصلحة الوطنية، حيث ذكرت: "لسنا عنصريين في حديثنا هذا، بل غيورون على مصلحة الدراما السورية، فمصنع الأعمال العظيمة لا يجب أن يكتب له الفشل بهذه الطريقة".

وتأتي هذه الحملة بعد موجة من الحملات التي تهدف إلى التسويق للدراما السورية، التي تشكل الوسيلة الأنجع لتسريب الخطاب الإعلامي التابع للبروباغندا السورية إلى الشاشات العربية، ومنها حملة "دراما ونص" وحملة "أنا مع الدراما السورية".

الملفت في الأمر أن صناع الدراما السورية والإعلام الموالي للنظام يحمّلون، طيلة الوقت، أخطاءهم للآخرين، ففي البداية أرجعوا فشل الدراما "الوطنية" إلى نظرية المؤامرة واستهداف الدراما السورية، الناجحة بنظرهم، في محاولة من الفضائيات العربية لإفشالها، انطلاقاً من مبدأ "لا ترمى بالحجارة إلا الأشجار المثمرة"؛ وبعد أن استمر الحال على ما هو عليه في الموسم الحالي، بدأوا بإلقاء اللوم على الشركاء، وكأنه لا ينغص على الدراما السورية المسيسة إلا الشركاء اللبنانيون.




ويبدو من الواضح أن هذه الحملة لا يمكن أن تُقرأ إلا ضمن إطارها العنصري، الذي لا يعتبر جديداً على الدراما السورية؛ فجميعنا نذكر القرار الذي أصدرته نقابة الفنانيين السوريين، العام الماضي، بمنع سيرين عبد النور من المشاركة في مسلسل "قناديل العشاق"، ناهيك عن الصور النمطية التي تصدرها الدراما السورية للبنانيين في عدد كبير من مسلسلاتها؛ فقبل أن تنجرف الدراما السورية في تيار الدراما العربية المشتركة، صورت الرجال اللبنانيين بوصفهم رجالا يفتقدون للرجولة والمبادئ، وصورت النساء اللبنانيات باعتبارهن نساء "سهلات المنال". وحتى هذه السنة تقوم بعض الأعمال السورية بتصدير صور نمطية للبنانيين لا تخلو من العنصرية، مثل مسلسل "الواق واق"، الذي يحاول من خلال أحداثه اللا منطقية وحواراته الرمزية أن يشير إلى أن اللبنانيين تسلّقوا على مأساة الشعب السوري، وزاحموهم على بلاد اللجوء الغربية وسرقوا فرصتهم.

مما لا شك فيه أن هذه العنصرية التي تؤججها وسائل الإعلام التابعة للنظام السوري لن تتمكن من حل الأزمة التسويقية التي تعاني منها الدراما السورية، بل على العكس من ذلك، فقد تزيد الأمر سوءًا، ولا سيما أن الفضائيات اللبنانية تعتبر اليوم الوجهة الأفضل للدراما السورية، بعد أن تخلت معظم الفضائيات العربية عن المحتوى الدرامي السوري. وإضافةً إلى ذلك، فإن هذه الحملة قد تزيد من الاحتقان، وستلقي بظلالها السلبية على اللاجئين السوريين الذين يعيشون في لبنان، والفنانيين السوريين الذين تبنوا موقفاً واضحاً من ممارسات النظام الأسدي القمعية، ولم يجدوا سبيلاً لاستئناف عملهم إلا في الدراما المشتركة.

المساهمون