مولد سيدي عبد الرحيم القنائي... الليلة الكبيرة

مولد سيدي عبد الرحيم القنائي... الليلة الكبيرة

29 ابريل 2018
ضريح عبد الرحيم القنائي (العربي الجديد)
+ الخط -

يتوافد اليوم الأحد وغداً الاثنين آلاف المريدين والزائرين، بصورة استثنائية، على ساحة مسجد سيدي عبد الرحيم القنائي، في مدينة قنا بالصعيد المصري، حيث تقام الليلة الختامية غداً من مولد ذلك القطب الصوفي، الذي يتزامن تاريخ إقامة مولده مع احتفالات ليلة النصف من شعبان.

والشيخ عبد الرحيم القنائي أو القناوي، مغربي الأصل؛ ولد سنة 521 هـ/1127 م. ولم يكن اسمه عبد الرحيم، وإنما هو من سمّى نفسه بهذا الاسم، بعد أن كان اسمه "أسد"، ولذلك يطلق عليه أهالي قنا "أسد الصعيد"، ومن ألقابه أيضاً "أبو الكرامات". ويقال إن نسبه ينتهي إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما.

بدأت رحلته العلمية مبكراً على يد والده إمام مسجد مدينة ترغاي بإقليم سبتة، فحفظ القرآن وهو في سن الثامنة. وحين توفي والده وهو في سن الثالثة عشرة كان خير خلف له، حيث صعد المنبر وهو في الرابعة عشرة من عمره، واستمر لمدة خمس سنوات، أثر فيها في الناس بأسلوبه وخُطَبِهِ وحِكَمِه. ثم رحل إلى مكة المكرمة، وهناك التقى بالشيخ مجد الدين القشيري إمام الجامع العمري في قوص، الذي أقنعه بالسفر إلى مصر والاستقرار بها.

اختار الشيخ عبد الرحيم مدينة قنا للإقامة بها لأن في قوص ما يكفي من العلماء والدعاة. وكان ذلك في عهد الخليفة العاضد لدين الله، آخر خلفاء الدولة الفاطمية. وحينما استقر أمر الدولة الأيوبية، اختاره الأمير الأيوبي عبد العزيز شيخاً لمدينة قنا. وقد أحبه أهالي المدينة وافتتنوا به، وذاع صيته في البلاد والقرى والنجوع المجاورة. إلى أن رحل القنائي في سنة 592هـ/1196م عن عمر 71 سنة، تاركاً العديد من المؤلفات مثل تفسيره للقران الكريم، ورسالة في الزواج، وأحزاب وأوردة، وكتاب الأصفياء.

أما المسجد القديم الذي أطلق عليه لاحقاً اسمه لأنه دفن فيه؛ فيعود إنشاؤه الأول للعصر الأيوبي، حيث بناه الأمير إسماعيل بن محمد الهواري سنة 1136م، قبل أن يقوم شيخ العرب همام بتوسعته وزيادته. وفي أيام الملك فاروق أعيد بناء الجامع سنة 1948م، على أنقاض المبنى القديم المتهالك.

وإضافة للاحتفالات الشعبية التي تصاحب الموالد الصوفية، فإن حلقات الذكر التي تقيمها الطرق الصوفية المشاركة في الاحتفال لا تنقطع يومياً. أما الإنشاد الديني فهو أهم معالم هذا المولد، حيث يحيي الشيخ أمين الدشناوى الملقب بـ"ريحانه المداحين"، الليلة في مقر احتفال الطريقة البرهامية خلف المسجد والمقام القنائي، ثم يحيي الليلة الختامية، غداً الاثنين، بمقر احتفال العصبة الهاشمية بمنطقه الشؤون، كذلك تقيم فرقة الشيخ ياسين التهامي حفلات الإنشاد طوال ليالي المولد حتى الليلة الختامية.

وسوف يفتقد المريدون هذا العام المنشد القبطي مكرم جبرائيل المنياوي، الشهير بـ"مداح الرسول" الذي اعتادوا على سماعه في السنوات الماضية، بعد أن رحل عن عالمنا يوم 14 إبريل/نيسان الجاري عن عمر 71 سنة.

المساهمون