مخرجات يمنيات... رؤية نسوية للواقع والسياسة

مخرجات يمنيات... رؤية نسوية للواقع والسياسة

10 ابريل 2018
مشهد من فيلم "نجود" للمخرجة خديجة السلامي (فيسبوك)
+ الخط -
رغم ندرة الإنتاج السينمائي اليمني عموماً، إلا أنَّ أوّل مخرجة سينمائية يمنيّة، خديجة السلامي، اعتبرت أن "الوقت أصبح مناسباً لكسر حاجز الخوف الذي يمنع الفتيات في اليمن من التعبير عن مواهبهن وأفكارهن". مع ظهور أفلام لسينمائيّات من اليمن، تعبر بنكهة جديدة عن الواقع والمجتمع والسياسة وقضاياها، في سعيهنّ لإثبات قدراتهنّ الإبداعية، والتعبير عن التغيير جنباً إلى جنب مع الرجل، نعرضُ هنا إطلالة على أبرز التجارب السينمائية النسوية اليمنية.

خديجة السلامي
أولى النساء اللواتي وظّفن الفن، والوثائقي خاصة، من أجل فضح محيط اجتماعي متسلط بدولة اليمن. درست الإخراج السينمائي في لوس أنجليس. وكانت المخرجة اليمنية الوحيدة التي أنجزت عدداً من الأفلام الملتزمة بشأن المرأة في بلدها، أولها "نساء اليمن"، وهو الفيلم الذي أعدته للتخرّج عام 1990. ومن الأفلام الوثائقية التي أخرجتها خديجة من مقر عملها في باريس، فيلم "أرض سبأ" عام 1997، و"اليمن ذو الألف وجه" عام 2000، و"غريبة في موطنها" عام 2005 الذي افتتح المهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان في جنيف، وفازت عنه بست جوائز في المهرجان ذاته، وقد أنجزته لمناقشة ظاهرة الحجاب في بلد معروف بأعرافه المترسخة. وهو عمل يتأسس، أيضاً، على قصة طفلة صغيرة من صنعاء القديمة بعمر 13 عاماً تدعى نجمية، رفضت أن تتبع تقاليد باقي النساء اليمنيات المُجبرات على التحجب.

الفيلم يجسد ذلك التحدي في وجه التقاليد المغروسة في التربة. ويتتبع الفيلم بعدسته تحركات الطفلة، وممارساتها العفوية، واضعاً المشاهد أمام صورة من التحدي الفريد خلال محطّات هذه الطفلة، وتنتقد أفكارهم مدافعة عن حقوقها الإنسانية. ويدور فيلم "أمينة" عام 2006، حول أمّ شابة اسمها أمينة، محكوم عليها بالإعدام بعد إدانتها بقتل زوجها. صورت خديجة الفيلم داخل سجن النساء، وتدريجيّاً تحول الفيلم من الحديث عن وضع أمينة فقط، ليتحدّث عن وضع نساء أخريات كثيرات في السجن. ورصدت السلامي في فيلم "الصرخة" ما آلت إليه أحوال ثلاث نساء يمنيّات شاركْن في الثورة، وكيف انقلبت الأحلام إلى كوابيس. وتتناول السلامي في فيلمها "قتلها تذكرة للجنة"، قضية الكاتبة، بشرى المقطري، ومقالها الشهير "سنة أولى ثورة" الذي كُفّرت بسببه، وأصبحت تُلعَن على المنابر والمساجد ومواقع الإنترنت والتواصل الاجتماعي.


سارة إسحق
حاصلةٌ على ماجستير من معهد الفنون في جامعة أدنبرا، ودبلوم إخراج وثائقي من أكاديمية لندن للراديو والتلفزيون والفيلم. فيلمها الأوّل الوثائقي القصير بعنوان "ليس للكرامة جدران" عام 2011، بُثَّ على تلفزيون "بي بي سي"، وحاز على إعجاب الجمهور الدولي والمحلي، ورشح لجائزة المواهب الجديدة من "بافتا". وحصل على جائزة أفضل فيلم قصير في مهرجان الجزيرة. يلقي الفيلم الضوء على أحداث يوم 18 مارس/ آذار، الذي أطلق عليه اسم "جمعة الكرامة"، والذي تعرَّض فيه المحتجون والمعتصمون لإطلاق النار من قبل مسلحين، فقتِلَ وجُرح منهم الكثيرون، وهو ما زاد من غضب الشعب، واعتبرته المخرجة سارة إسحاق يوماً يستحق التسجيل، وأصّرت على تقديم هذه المجزرة في فيلمٍ سينمائي مدته 26 دقيقة. أمّا في فيلمها الوثائقي الطويل "بيت التوت"، فتتناول فيه قصّة ابنة لأب يمني وأم اسكتلندية، لم تعد تطيق العيش تحت ضغط التقاليد اليمنية، فقررت أن ترحل إلى اسكتلندا حيث تعيش والدتها. وبعد 10 سنوات، تعود لليمن وقد تغيرت شخصيتها، وتحاول اكتشاف ماضيها لتجد عائلتها وبلدها على أعتاب الثورة، فتوثّق أحداثها بالصورة السينمائية. عن هذا الفيلم، تقول سارة إسحق: "في هذا الفيلم أردت أن أظهر حياة عائلتي المقيمة في صنعاء. الفيلم هو، نوعاً ما، إعادة استكشاف جذوري اليمنية، فقد سافرت للدراسة خارج اليمن، وأثناء غيابي فقدت "الاتصال الداخلي" مع عائلتي ومع الحضارة اليمنية التي نشأت وترعرعت في أحضانها. عندما عدتُ لليمن بعد غياب دام خمسة أعوام، وبدأت بتصوير أفراد عائلتي، أدركْت أنهم تغيروا أيضاً. وهذا التغيير في ديناميكية العلاقات داخل عائلتي، كان بالنسبة لي بمثابة ثورة تغيير حصلت داخل العائلة. لكن هذا التغيير كان يعكسُ أيضاً التغيير الحاصل في المجتمع ككل. حيث إنّ معظم الناس في اليمن تغيّروا، وهذا ما أدى في رأيي إلى قيام الثورة أصلاً. الناس تغيّروا وأصبحوا أيضاً يطالبون بالتغيير. لذا أرى أنّ أفلاماً مثل فيلم "بيت التوت" تساعد العالم الخارجي على أن يفهم الوضع في اليمن، وأن ينظر لليمنيين كأناس عاديين، وأن يدرك أنهم الآن يتعرضون للقصف والعنف، وأنهم ليسوا أرقاماً فقط، بل أفراداً، ولكل منهم اسمه وقصته الشخصية".



صفاء الأحمد
فيلمها "تعز بين المطرقة والسندان"، يوثق الوضع الميداني والإنساني في مدينة تعز التي يخضع جزءٌ كبيرٌ منها لحصار مشدد من قبل المقاتلين الحوثيين وحلفائهم، ودور قوات التحالف الذي تقوده السعودية في دعم المقاتلين المحليين في محيط تعز. كما يكشف الفيلم عن الوجه البشع للأزمة الإنسانية الطاحنة في المدينة المدمرة التي تفتقر إلى الماء والكهرباء والوقود والخدمات الصحية والتعليم، وما يعيشه سكانها من خوف يومي.

المساهمون