سقوط "عقدة الخواجة"

سقوط "عقدة الخواجة"

08 فبراير 2018
حسن الرداد (فيسبوك)
+ الخط -
لا يبدو أن صناع السينما التجارية في مصر حالياً يدركون الفارق بين صناعة أفلام من المفترض أن تعيش وتبقى، وبين مقاطع فيديو لمواقع التواصل الاجتماعي أو النسخ العربية الرديئة من البرامج الساخرة؛ يكفيها عدد مشاهدات ومشاركات وتختفي. هذا الانطباع يتولد مع كل عمل جديد تظهر في كل دقيقة منه معالم الاستسهال وعدم الاعتناء بهذا الفن ولا الاحترام لجمهوره ظناً من صناع العمل أن الكوميديا لا تحتاج اهتماماً بالتفاصيل أو قصة أو حبكة أو حواراً متقناً.
في فيلمه الجديد "عقدة الخواجة" ينفصل حسن الرداد عن زوجته في الواقع وشريكته في أفلام كوميدية سابقة إيمي سمير غانم والتي حقق معها نجاحاً بمستوى معقول من القصة والإيفيهات مثل "زنقة ستات" و"عشان خارجين"، إلى أن ظهر هذه المرة في بطولة مطلقة بسيناريو شارك في كتابته الممثلان هشام ماجد وشيكو، وإخراج بيتر ميمي.
يبدأ الفيلم بمشهد ركيك ومفتعل يظهر فيه بلا مبرر بيومي فؤاد بشخصيته الحقيقية مع منتج العمل أحمد السبكي، وتتوالى الأحداث بوقوع البطل "فارس الخواجة" في مأزق بعد أن صدم سيارة هنا الزاهد (سالي) ودخل قسم الشرطة لتتلقفه عصابة تدفعه لارتكاب جريمة قتل مقابل أموال تلقاها منهم سابقاً.
كثيراً ما تقنعك الكوميديا الطازجة والايفيهات الجيدة باستكمال فيلم بحبكة رديئة والتغاضي عن البناء المفكك والتمثيل الضعيف، لكن هذا الفيلم فشل في هذا أيضاً، بدءاً من اختيار أبطال كهنا الزاهد وحسن حسني، مروراً بحركات تغيير الصوت وتحريك الفم والوجه بشكل مبتذل وغريب، يظن الرداد لسبب مجهول أنها مضحكة، وصولاً إلى العبارات المسجوعة التي حاول كاتبا الفيلم أن تتحول إلى إيفيهات يرددها الناس كما يفعلان في أفلامهما، لكن دون جدوى هذه المرة.
لم ينجح إسناد دور مختلف لماجد الكدواني (حفناوي) في أن يعطي رصيداً إضافياً لهذه التجربة، خاصة مع ظهور محمد لطفي في دور يشبه كثيرًا ما قدمه خلال السنوات الماضية من أدوار رجل العصابة الشرير أو البلطجي المحترف مع مسحات كوميدية متفرقة.
مخرج العمل بيتر ميمي مولع بمشاهد المطاردات، يجربها في كل أفلامه، حتى إنه لم يراع أن فيلم "عقدة الخواجة" كوميدي، وأصر على استخدام طائرات الدرون، ومطاردات بسيارات دفع رباعي وإطلاق نار من أسلحة رشاشة في شوارع وسط القاهرة الضيقة وسط النهار، من دون أي هدف حقيقي.

أما كاتبا الفيلم فيبدو أن ذلك السيناريو كان مشروع منشور على فيسبوك أقنعا به المنتج والممثل، فلا القصة ولا الأحداث ولا العبارات الفجة أو محاولات استخدام الخلطة السبكية بأغانٍ شعبية لمحمود الليثي أو رقصات على أنغام المهرجانات في قلب النيل أو ظهور وجه يرونه جميلاً، كسامية الطرابلسي، غطت على رداءة ما كتباه ففشل في أن يحقق الفيلم ايرادات أو جذب جمهور عادة ما يبحث عن أفلام كوميدية في هذا الموسم.
لا شيء يعبر عن مستوى الفيلم أكثر من مشهد نهايته، حين تظهر دموع على وجه الرداد يحاول بها إقناعنا أنه ممثل يجيد الأداء التراجيدي كما الكوميدي، بعد أن نكتشف مفاجأة الفيلم ويخرج بعدها ليلاقي سمير غانم الذي يظهر بشخصيته الحقيقية بلا مبرر كما بدأت أحداث الفيلم.

دلالات

المساهمون