ﺣﻨﺔ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﺣﺴﻦ: ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻋﺰﻝ ﻓﻨّﻲ ﻋﻦ ﺟﺬﻭﺭه

ﺣﻨﺔ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﺣﺴﻦ: ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻋﺰﻝ ﻓﻨّﻲ ﻋﻦ ﺗﺎﺭﻳﺨﻪ ﻭﺟﺬﻭﺭﻩ

الدوحة

أسامة سعد الدين

أسامة سعد الدين
أسامة سعد الدين
صحافي سوري، مراسل "العربي الجديد" في قطر.
01 فبراير 2018
+ الخط -
تعمل الفنانة الفلسطينية، حِنّة الحاج حسن، على ألبومها الأول الذي سيتضمن تطوير أغان من التراث الفلسطيني والعربي. وقد أحيت في الدوحة أخيراً أمسية غنائية تراثية، باستضافة من مجموعة الروزنا، استمع إليها جمهور عربي واسع.

وفي مقابلة مع "العربي الجديد" في هذه المناسبة، قالت إن غناء "الحجات" التراثي يبقى في رأسها، وإنها تربّت على أصوات أم كلثوم وناظم الغزالي وصباح فخري. وشددت على صون التراث، باعتبار ذلك نضالاً للحفاظ على الهوية. ولفتت إلى وجود مكتبات في الداخل الفلسطيني المحتل، وافرة بالتراث الفلسطيني، ويتم تزييفها ونسبها لآخرين.

سعد جمهور أمسيتك في الحي الثقافي (كتارا) في الدوحة، بما قدمته من أغنيات تراثية فلسطينية، وأخرى طربية. مَن هي الفنانة حِنّة الحاج حسن؟
ـ أنا من جنين، شمالي فلسطين المحتلة، أغني منذ صغري. بدأت الغناء احترافياً عندما درست في معهد إدوارد سعيد للموسيقى (تعليم العزف والغناء) في رام الله، ما دفعني إلى مواصلة السير في طريق الغناء. وعرفت في المعهد أن للغناء قواعد، وأن للموسيقى ضوابط، وأنها علم قائم بحد ذاته. وبشكل موازٍ، سألت نفسي: لماذا أغني؟ وهل مفيد للشخص أن يغني للتعبير عن نفسه، أي أغني لأني "مبسوطة" فقط؟ وقررت الاستمرار في الغناء، وساعدتني تنشئتي الأسرية على اتخاذ هذا القرار.

كيف كانت هذه التنشئة الفنية داخل الأسرة؟
- تعرفت في بيئتي الأسرية كثيرا من ألوان الموسيقى العربية، المصري لسيد درويش والجيل الذي سبقه، والعراقي لناظم الغزالي وإياس خضر وسعدون جابر، والطرب الحلبي. وكان والدي حريصا على أن أستمع لهذه الألوان كثيرا، كي تكون مألوفة على أذني. وبالفعل، لم أخرج عن هذه الدائرة (الموسيقى العربية). لذلك، وبعد أن درست "إذاعة وتلفزيون"، وتخرجت في جامعة بيرزيت، قرّرت العودة إلى مقاعد الدراسة ودراسة الموسيقى بالجامعة نفسها. وحاليا أتعلم الغناء، دائما أقيّم نفسي، فليس كافيا أن يقول لي من يسمعني إن صوتي جميل، فأين أنا وأين بصمتي وما هو ما أضيفه.
لذلك، بدأت مشروعا، يبدأ من اللحن "الفلكلوري" والتفاصيل الصغيرة والمعروفة فيه. ويقوم هذا المشروع على حفظ التراث، وجعل الناس تسمعه، مع تقديم الجديد بناء على قدرات الموسيقيين، وما يستطيعون إضافته في هذا المجال. وهو مشروع تجريبي، يطاول أغنيات تراثية نسعى إلى تطويرها، وقد نحافظ على اللحن، من دون أي تغيير، وهي محاولة لنشر التراث الغنائي.


هل تأثرت بفنان أو أكثر، إن كان على الساحة الفنية الفلسطينية أو العربية؟
- تأثرت طبعا، عندما أغني اليوم، تجد المصري والشامي وغيرهما. ولم يأت غنائي من فراغ، غناء "الحجات" التراثي يبقى في رأسي. وأم كلثوم وزكريا أحمد والشيخ إمام وسيد درويش محطات أساسية، وكذلك ناظم الغزالي، وصباح فخري. تربيت على أغاني هؤلاء المبدعين، وهذا هو المخزون الذي دخل إلى أعماقي.
لم تتجاوز المادة "الفلكلورية" نصف فترة الأمسية في الدوحة. والباقي كان للشيخ إمام وسيد درويش، وأغاني فلسطينية ليست تراثية. وأديت وصلات غنائية فيها اللونان، المصري والعراقي. ولا نستطيع أن نقول إن هذه الأغنية "فلكلور" فلسطيني نقي تماما، فنحن في الأصل جزء من بلاد الشام، ولا يمكن أن يعزل الفن عن محيطه العربي في امتداده وجذوره، لأن هناك تداخلا كبيرا. ومضى لنا زمن في فلسطين نغني "ع المايا"، ولما غنيناها بطريقة شامية، تبيّن أن أصل الأغنية من منطقة الفرات. ولذلك لا توجد حدود في هذا المجال.

هل تخشين على "الفلكلور" الغنائي والموسيقي الفلسطيني؟
- هناك محاولات كثيرة لسرقة هذا التراث الفلسطيني. وأعتبر حفظ التراث نضالا للحفاظ على الهوية، وما هو حجم التراث الذي تلحقه قبل أن يحسب ويسمى لآخرين، ونحن نحارب في هذا المجال، وتوجد مكتبات في الداخل الفلسطيني المحتل، وافرة بالتراث الفلسطيني، ولكن يتم تزييفها ونسبها لآخرين. والعملية مخيفة، لأن عصرنا الراهن يميل إلى التجديد والسرعة، وتحكمه قاعدة السوق التجاري، فأنت تدخل ليس ضد المحتل الإسرائيلي، فحسب، بل ضد العامل التجاري. ولذلك يعد التلاعب بالتراث مخيفاً جداً. وهناك مؤسسات تحفظ التراث وتؤرشفه وتعرضه بطريقة صحيحة، مثل فرقة الفنون الشعبية التي حفّظتنا، من أربعين سنة، التراث كما هو، وعملت له إطارا كي نراه، ولكن الحملات التي أخشاها تأتي تحت مسميات التجديد، إدخال الموسيقى الغربية وغير ذلك الكثير، وهنا يتم التشويه.

ما هي ظروف عمل الفنانين والفرق الفنية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة؟
- الفلسطيني موجود في كل مكان. عملت مغنية مع مؤسسة نوى الثقافية للموسيقى والغناء العربي، وهي تسعى إلى جمع أعمال الملحنين الفلسطينيين في الداخل المحتل (أراضي 1948)، والذين هجّرهم الاحتلال الإسرائيلي أيضا. ولذلك تحتاج لقاء هؤلاء في الشتات، والصعوبة في جمع المعلومات وفي الأرشفة والتوثيق والعرض وكل خطوات البحث، بأنك مشتت أينما كنت. ومثلا أنك قد تحتاج عند تنفيذك عملاً فنياً مرجعاً في لبنان، ولكن عليك أن تسأل أحداً في سورية، إلا أنه نقل الوثيقة، أو المرجع المطلوب، إلى العراق، واصطحبه معه إلى الكويت، ثم رجع إلى الداخل.
وما يصعب علينا أيضا أن بعض المراجع على مقربة منا، لكننا لا نستطيع الحصول عليها، كونها في الجامعة العبرية، ولا يسمح لنا بدخولها.

هل تفكرين في التعاون مع ملحنين، والإطلالة على الجمهور بأغنيات خاصة بك؟
- نعم، أعمل على ألبوم يصدر قريبا، مع الموزع والمنتج الفلسطيني سامر جرادات، بإعادة أغان من التراث العربي. مثلا نأخذ أغنية من التراث الفلسطيني، ونأتي بكلام تراثي، ونركبها على اللحن المعروف، لكننا نعرض قصة معينة من خلال الكلمات الجديدة، ونعمل على إعادة توزيع عدة أغان عراقية بأوزان جديدة.



المساهمون