بيروت آند بيوند: المدينة مُهيّأة لكل هذه الموسيقى

بيروت آند بيوند: المدينة مُهيّأة لكل هذه الموسيقى

06 ديسمبر 2018
يسعى المهرجان إلى تطوير الساحة الموسيقية المستقلة (إلينا كوكوليفا)
+ الخط -
تتوزّع المهرجانات الموسيقية، في العالم العربي، على عواصمه ومدنه، طوال العام. معظم هذه المهرجانات، حين نقرأ بياناتها، نجد أنها تحاول أن تقدّم مزيجاً متنوّعاً من الأنماط الموسيقية؛ ابتداءً من الكلاسيكية، وليس انتهاءً بالإلكترونية والتجريبية. فرق وتجارب فردية كثيرة نتعرّف إليها، بعضها من ينال شهرةً واسعةً، وبعضها الآخر يبقى محصوراً بجمهور محدود. 

اليوم، تنطلق دورةً جديدةً من مهرجان "بيروت آند بيوند"، في العاصمة اللبنانية. تأسّس المهرجان وانطلقت دورته الأولى عام 2013. في بيانه، يقول القيّمون على المهرجان: "يضمّ البرنامج مجموعة منوّعة من الأعمال المحليّة والدوليّة، تشمل الموسيقى الكلاسيكية الشرقيّة، وموسيقى الجاز، والموسيقى الإلكترونية".

كيف تأسّس "بيروت آند بيوند"؟ تحدّثنا مديرة المهرجان، أماني سمعان، وتوضح: "كانت بدايات بيروت آند بيوند في 2012. كنا أربعة نعمل في مجال الإنتاج الموسيقي؛ هاني سبليني، وزياد فايد، وخالد ياسين، وأنا". تضيف: "كان الإنتاج الموسيقي في حينها كثيفاً وغنياً، ليس فقط في بيروت، بل في كل العالم العربي. لم يكن هناك منصة مستقلة تعرض هذه الإنتاجات وتطلقها. وهذا كان السبب في خلق "بيروت آند بيوند"، الذي يعطي المساحة لهذه الفرق كي تقدم ما لديها للجمهور اللبناني ولمتخصصين عالميين، يُدعون ليكتشفوا الموسيقى الصاعدة في العالم العربي".

حول ما تسعى التظاهرة إلى تقديمه، وما يميزه عن بقية المهرجانات في العالم العربي، تقول سمعان: "يتميز مهرجان "بيروت آند بيوند" عن غيره من المهرجانات بعدّة نواحٍ؛ أولاً، أنه يعطي المساحة لفرق موسيقية صاعدة بأن يعرضوا أعمالهم على مسارح مختلفة في بيروت، كما أنه يدعو متخصصين عالميين إلى اكتشاف هذه الفرق؛ فيتحول إلى منصة تطلق الفنانين المستقلين من العالم العربي إلى العالمية. كذلك يسعى المهرجان إلى تطوير الساحة الموسيقية المستقلة من خلال ورشات عمل، وحلقات نقاش، وإقامات فنية. أخيراً، يبادر مهرجان "بيروت آند بيوند" إلى خلق مشاريع موسيقية جديدة من خلال تسهيل التواصل بين الفنانين، كما فعل مع ليليان شلالا وحامد سنو".

من خلال برنامج الدورة الحالية، نُلاحظ، أنّ معظم الفرق والمغنين المشاركين، سواء من بلدان عربية أو أجنبية، تحاول أن تمزج بين ثقافات موسيقية متعددة. فمثلاً، ثمة فرق غربية، وأخرى عربية تعمل على اقتراح أنماط موسيقية مختلفة؛ فالموسيقي الفلسطيني باسل زايد، يهتمّ بالموسيقى المتوسطية، والجاز، وكذلك التراث، بينما تذهب فرق وتجارب أخرى إلى الموسيقى الإلكترونية. كيف نقرأ هذا الأمر في سياق المهرجان؟ تجيب سمعان عن هذا التساؤل: "من أنواع الخلق الموسيقي الحالي مزج أنواع مختلفة من الموسيقى واكتشاف مآلها. ما يشجّع هذا المزج هو اللقاءات المتزايدة بين الفنانين من خلفيات متنوعة. وهذا ما يشجعه "بيروت آند بيوند"؛ إذ يهتمّ كثيراً بالمشاركات المختلفة التي يقوم بها مع مؤسسات، وموسيقيين، ومتخصصين من العالم".

ينطلق المهرجان مساء اليوم بعرضين يُقامان في "ستيشن بيروت"، الأول لـ عماد لعيبي، والثاني لـ تانيا صالح. ويستمر حتى التاسع من الشهر الجاري، بواقع ثلاثة عروض يومياً. نتساءل، هُنا: ألا يبدو هذا مُرهقاً بالنسبة إلى المُستمعين؟ تجيبنا سمعان: "المهرجان ليس فقط مجرّد مهرجان، بل يندرج تحت ما يسمّى بـ Showcase festival؛ فنحن نتوجه إلى جمهوريَن مختلفيَن. الجمهور الذي يتوق إلى اكتشاف موسيقى جديدة، ولن ترهقه ثلاث حفلات موسيقية منوعة، خاصة أن مدة الحفلات قصيرة. وجمهور المتخصصين الذي يريد أن يكتشف أكبر عدد من الفرق في الوقت القصير الذي يقضيه في بيروت". تضيف: "نحاول، أيضاً، من خلال التنوع في الفرق كل ليلة أن نخلق اهتماماً أكبر عند الجمهور".

إذا ألقينا نظرةً إلى المشهد الموسيقي في العالم العربي، سنلاحظ وجود عدد كبير من الفرق، لكن ربما، سيصعب تحديد ملامح واضحة المعالم لهذا المشهد. في هذا السياق، تقول سمعان: "لا هوية واضحة للإنتاج الموسيقي العربي. لا تخلو المدن العربية من الغليان في الإنتاج الموسيقي، إنما ليست جميع هذه الإنتاجات ذات قيمة فنية عالية. إنها تجارب متناثرة، وفي بعض الأوقات غير كاملة لعدم تماسك الأفكار، أو لعدم وجود دعم ثابت، أو حتى لعدم وجود إدراك عند الموسيقيين لكيفية خلق مشروع متماسك ذات خطة فعّالة لتأمين استمرارية في العمل".

في الدورة الأولى من المهرجان، شارك تامر أبو غزالة ومريم صالح وموريس لوقا كلّ في حفل لوحده. وكذلك، شارك كل من تامر أبو غزالة وموريس لوقا وخيام اللامي في الدورة الثانية، كفرقة اسمها "الألف". اليوم، يعودون مرّة أخرى، لكن مع مريم صالح (من دون خيام اللامي)، ضمن مشروعهم الأخير، "الإخفاء"، الذي لاقى نجاحاً لافتاً. أليس هذا تكراراً؟ تجيب سمعان: "ما سبب في استدعائهم مرّات عدّة هو طبيعة مشاريعهم وتنوّعها. فـ "الإخفاء" نتج عن الحاجة إلى دمج القدرات والطاقات، كي يكون التأثير واضحاً وفعّالاً". تضيف: "أما على مستوى المهرجان، فحتى لو كنا نحاول فسح المجال لفرق جديدة، وعدم تكرار البرمجة من نسخة إلى أخرى، لا نستطيع أن نمر مرور الكرام على مشروع موسيقي جديد، مثل "الإخفاء"، له هذه القيمة والجودة الموسيقية، والتمعن والبحث، والابتكار في المزج".



المساهمون