"فن السياسة" في لبنان

"فن السياسة" في لبنان

14 ديسمبر 2018
وزير الإعلام اللبناني ملحم رياشي يغني في "ديو المشاهير"(MTV)
+ الخط -
لم تهدأ بعدُ العاصفة التي أثيرت، الأسبوع الماضي، بين نائب في البرلمان اللبناني، حكمت ديب، والفنان راغب علامة، خصوصاً بعدما دعا بعض الأصدقاء المشتركين إلى هدنة بين الطرفين. ويجري الكلام، الآن، عن مصالحة قد تجمع بين النائب ديب وعلامة قريبًا.

مواقع التواصل الاجتماعي التي وقفت إلى جانب راغب علامة بداية ضد جملة "يجب أن يطير رأس راغب علامة"، والتي صرَّح بها النائب، بعد إصدار علامة أغنية انتقادية للأوضاع السياسية والاجتماعيَّة بعنوان "طار البلد"، بدأت، الآن، بتوجيه اللوم لعلامة نفسه، واتهامه بأنه يستهلك القضية من أجل مصالح تسويقية خاصة. خصوصاً أن راغب علامة لم يضمن بعد حفلته لرأس السنة الميلادية. واعتبر البعض، أن ما أثاره علامة من تصريحات في الرد على النائب، ما هو إلا نوعٌ من التسويق الذي يتقنه علامة جيداً، ولزيادة الترويج للأغنية التي بدت ضعيفة، ولم تلق الصدى في الشارع اللبناني. وبالتالي، يقول البعض إنها جاءت في غير موعدها، خصوصاً أنَّ راغب علامة تربطه صداقة مع السياسيين، وصفحاته الشخصية على المواقع البديلة، لا تخلو من صور تجمعه بهم. ورأى آخرون أن لعلامة مصالح سياسية للمستقبل البعيد، خصوصاً أن اسمه طُرِح كمرشح محتمل لوزارة الشباب سنة 2013، وذلك بعد زيارته لرئيس الوزراء السابق، تمام سلام، في منزله، وكانت الحكومة اللبنانية، آنذاك، في مرحلة التشكّل.

هكذا يحاول بعض الفنانين الصعود، أو الدخول إلى عالم السياسة، فيما يختار بعض السياسيين المساهمة في الحياة الفنية والغناء. وزير الإعلام اللبناني، ملحم رياشي، دخل هذه المرة في بازار برنامج المنوعات "ديو المشاهير". للأسبوع الثالث، يظهر الوزير مساء كل يوم أحد مغنيًا. أمام فنانين محترفين، يحاول الوزير أن يظهر الوجه الآخر له، بعيداً عن المآخذ التي تطاول وزارته. أحياناً يلعب دوره بإتقان، وأحياناً أخرى يقع في فخ الادعاء. من هنا تأتي مشاركة السياسيين في لبنان في الفنون، إذْ أنَّها وسيلة لإقناع المشاهد بالطابع الإنساني الذي يسكنهم، أو تبييض صورة الحزب والتيار الذي ينتمون إليه.



فيرا يمين، مستشارة ومحللة سياسية، أيضاً، قبلت الدخول في "بازار" الفن، ضمن برنامج "ديو المشاهير" نفسه هذه السنة. تقف يمين إلى جانب خصمها السياسي وزير الإعلام، ملحم رياشي، بعد مصالحة تمت قبل وقت بين تيارين سياسيين تنازعا لسنوات طويلة. صورة تبدو متكلفة، ولو جمعها الغناء والفن والديوهات، بين يمين ورياشي. والهدف الإنساني المعلن لفيرا يمين، هو صك البراءة، وذلك عن طريق تقديم مساهمة مالية من البرنامج الترفيهي إلى جمعية خيرية.


خلاصة القول، أن الاستعانة بالفن لاستقطاب القاعدة الجماهيرية تبدو في لبنان نوعاً من التحايل، لما يمثله أو يحمله الساسة من مواقف وتبعات واتهامات لا تمحيها أغنية أو مشاركة في برنامج، ولو كان يحمل طابعاً خيريًا يجمع عليه الناس. تبدو الحالة نفسها متشابهة مع أفكار أو اتجاه الفنانين إلى عالم السياسة، من أجل النفوذ والتكسُّب عبر العلاقات مع رجال الأمن والسياسة. وفي الحالتين، "المصالح" هي المفردة التي تصلح للوجهين، أو تلك التي تغلب وتدفع فنانًا ميسورأ إلى خوض المجال السياسي، مع ما يحمله من تناقضات، وتحمل نائبًا أو وزيراً إلى الغناء بدافع التقرب من الناس.

دلالات

المساهمون