تطوان التركية... مدينة بحيرة نمرود والقصور المنسية

تطوان التركية... مدينة بحيرة نمرود والقصور المنسية

22 أكتوبر 2018
صبية يلهون على ضفاف بحيرة وان (إحسان أوزترك/الأناضول)
+ الخط -
أول ما قد يخطر على بال القارئ، ذاك التشابه بالأسماء، بين تطوان التركية وتطوان المغربية، وربما يتساءل أيهما الأقدم ومن اقتدى بالاسم.
رغم أن التاريخ يشير لقدم تطوان التركية، ما يرجح أنها الأقدم، إلا أن هذا الأمر لم يبت به بعد، كما أن كلا الجانبين، التركي والمغربي، لم يجدا به إشكالاً ربما، بدليل عدم إدراجه على جدول "تبادل الوثائق التاريخية" بعد مضي أكثر من عام على الاتفاقية بين البلدين.
والباحث بتاريخ تطوان العربية، أو الحمامة البيضاء كما توصف لاحتوائها على تمثال الحمامةِ البيضاء، والواقعة بين مرتفعات جبل الدرسة، وسلسلة جبال الريف، والمعروفة باسم "الريف الكبير"، والتي تعد من أصغر المدن المغربية، قد لا يجد ما هو أقدم من أنها كانت مأهولة باللاجئين الأندلسيين المغاربيين في القرن السابع عشر الميلادي، وقد استولت القوات الإسبانية عليها في عام 1860، بعد معركة بقيادة ليوبولدو أودونيل، لتعود مرة أخرى قبل عام 1913 إلى السيطرة المغربية ومن ثم يستولي عليها الأسبان، لتصبح عاصمة المغرب الإسباني حتى عام 1956، وقت عادت إلى الحكم المغربي.
في حين يعود تاريخ مدينة تطوان التركية، إلى قرابة 5 آلاف سنة، وكان أول من سكنها الاسبارطيون ومن بعدهم الحيثيون، وحكمها الأوراتوريون منذ القرن التاسع قبل الميلاد إلى أن جاء السلاجقة وحكموها بعد معركة ملاذكرد عام 1071 وظلت تحت سيطرتهم حتى عام 1200 للميلاد. وتعد معركة تشالديران عام 1514 التي ألحق فيها الجيش العثماني الهزيمة بالجيش الفارسي نقطة تحول هامة في تطوان حيث أصبحت أجزاء كبيرة من منطقة شرق الأناضول تحت حكم الدولة العثمانية.
بعد هذه المحاولة في الإجابة عن تشابه الأسماء وتاريخ كلتا المدينتين، ربما أثار فضول القارئ، ما أتينا عليه بعجالة، على اتفاقية تمت العام الفائت، بين الرباط وأنقرة، حول تبادل الوثائق التاريخية.
في العام الفائت وقعت الحكومة المغربية "قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير" مع الحكومة التركية لتبادل الوثائق التاريخية مع تركيا، ودخلت منذ ذاك حيز التنفيذ، لتبادل المعلومات والوثائق، بعد أن جلبت المغرب أكثر من 2.5 مليون وثيقة من الأرشيف الفرنسي، الذي يتوفر على حوالي 20 مليون وثيقة تهم المغرب، ومحيطه.
ويمتد السعي المغربي لجلب وثائق تهم التاريخ المغربي من تركيا؛ وتمكين أنقرة من الوثائق التي تهمها في الأرشيف المغربي، ضمن مشروع استجلاب وثائق الذاكرة المغربية، الذي أطلقته المملكة المغربية ابتداء من 2004.
وبالعودة إلى تطوان التركية، فهي إحدى مدن ولاية "بيتليس" وأجملها، وتقع على الساحل الغربي لبحيرة "وان" شرق منطقة الأناضول، وتمتلك ساحلا بطول 100 كيلومتر وتبلغ مساحتها الإجمالية ألفا و362 كيلومترا مربعا مما يجعلها أكبر مساحة من مدينة "بيتليس" نفسها. ويقدر عدد سكانها بنحو 89 ألف نسمة وتبعد 25 كيلومترًا عن مركز مدينة "بيتليس".



وتزخر تطوان، فضلاً عن ساحلها الطويل جدا، بأوابد وقصور وقلاع، ووجود ثاني أكبر بحيرة بركانية بالعالم، بحيرة نمرود التي تقع على بعد 15 كيلومترا عن مركز مدينة تطوان و26 كيلومترا عن مركز مدينة بيتليس. ويبلغ عرضها 10 كيلومترات وانخفاض أعمق نقطة فيها 155 مترا، وتحوي البحيرة أحواضا باردة، وأخرى بركانية ساخنة، ومغارات متجمدة، ومداخن بخار وقد نالت بحيرة نمرود جائزة المثالية ضمن مشروع الوجهات الأوروبية المتميزة "إدين"، حيث تتميز بإطلالة فريدة وطبيعة بكر تنتظر الاستكشاف من قبِل عشاق السفر والتصوير. ومن معالم تطوان التركية:
- تلة أسوار قلعة كاله كيران: تقع في قرية "تشيكمجة" التابعة لمدينة تطوان بالقرب من بحيرة نمرود، ويقال إن الشاه الفارسي "شاه ميران" قد أنشأها في تلك الحقبة، ولم يبق اليوم من القلعة، سوى أسوارها الموجودة على التلة والتي توفر منظرا بانوراميا لتطوان وما حولها.
- قلعة تطوان: تقع في حي "توغ" الواقع في مركز المدينة. بُنيت في عهد السلطان سليمان القانوني (1550-1560) بأمر من وزيره "زال باشا"، لكن شاه إيران "طاهمساب" أمر بهدمها بعد سيطرته على قلعتي "عادل جيفاز" و"أهلاط" لكي يمنع الإمدادات إلى مدينة فان.
قصر تطوان راهفا: يقع هذا البناء الذي أنشئ في القرن السادس عشر على مساحة كبيرة على الطريق الواصل بين مدينتي تطوان وبيتليس، ويعد من أكبر قصور الضيافة في الأناضول، فهو يتألف من خمسة أقسام ويحوي مسجدا وحماما وحوض سباحة، و160 غرفة.
- مزار أورارتو الحجري: يقع بالقرب من ميناء سفن تطوان، ويتكون من غرفتين صغيرتين، وهو من بقايا آثار العهد الأورارتي.
- قصر الأمان: يعود تاريخه إلى القرن السادس عشر حينما أمر أمير فان "كوسه خسرف باشا" ببنائه، ويتألف من خمسة أقسام منفصلة وهي: المسجد والحمام وحوض السباحة و160 غرفة وقسم الخان بطول 60 مترا وعرض 70 مترا، وأما الآن فيستخدم هذا القصر كمقر لجمعية اجتماعية بعدما تم ترميمه.

المساهمون