سابع جار... صدمة إنتاجية أيضاً

سابع جار... صدمة إنتاجية أيضاً

06 يناير 2018
سارة عبد الرحمن في مشهد من المسلسل (فيسبوك)
+ الخط -
مع عدّاد لم يتوقّف عند المليون الثالث، يمكننا القول إن أرقام مشاهدات الحلقة الأولى من "سابع جار" وباقي حلقات المسلسل، تغير واقع الدراما في مصر بشكل يقارب الضجة الأخلاقية التي صاحبت عرضه على فضائية "سي بي سي" خلال الأشهر الماضية، ورأى فيها المحافظون تشجيعاً لأنماط غير مقبولة من العلاقات في المجتمع.
لم يكن المسلسل الذي كتبته هبة يسري وشاركت في إخراجه مع زميلتيها نادين خان وآيتن أمين بالنسبة لشاشة عرضه، سوى محاولة لملء فراغ ما تبقى من العام. إذ عادة ما يكتفي صناع الدراما والعارضون والمتفرجون بشهر رمضان فقط للتعامل مع المسلسلات التي تزدحم السوق بتصويرها وعرضها. وهو ما يجعل الشاشات وجيوب الفنانين والمنتجين خاوية للأيام فيما تبقى من السنة.
أما بالنسبة لصناع المسلسل فلم يكن سوى "حدوتة" تقدم تجربة اجتماعية مختلفة، وربما هذا ما حقق الإقبال الكبير على متابعته. فالآراء جميعها تبحث عن أوجه الشبه بين عمارات القاهرة وحكاياتها وبين ما يرويه المسلسل، وحتى المنتقدون كانوا يبحثون في المقابل عن أوجه الاختلاف.
لم تزد الهجمة الأخلاقية الحلقات إلا إقبالا وزيادة في المشاهدات التي رسخت هذا النجاح، فالأرقام التي تظهر على يوتيوب تقول إن ما حدث لم يشهده مسلسل رمضاني في العام المنقضي، والبحث عن أخبار الحلقات الجديدة وموعد عرضها موضع اهتمام الجمهور على وسائل التواصل الاجتماعي.
اعتمد المسلسل ميزانية منخفضة للغاية، مقارنة بما نسمعه من مخصصات لباقي الأعمال مع اقتراب كل موسم، فالمخرجات الثلاث اخترن تقديم دلال عبد العزيز وشيرين في البطولة، واستدعوا وجوهاً أخرى غابت لفترات طويلة عن الشاشة كما الحال في أسامة عباس وصفاء جلال ومحمد متولي، ودعموا العمل بالكثير من الوجوه الجديدة ومنحوها مساحة كبيرة من المشاهد كسارة عبد الرحمن ومحمود الليثي وفدوى عابد، كما أن غالبية مشاهد المسلسل صُورت في مبنى سكني بشقق متواضعة التكلفة.
لسنوات ظل المنتجون والفنانون يحاولون تجميل غيابهم عن الشهر الدرامي بادعاء أنهم يبحثون عن عرض بعيد عن الزحام. في حالات عدة كان واضحاً أن السبب في استبعادها، هو مستوى المسلسل أو التخوف من عدم الإقبال الجماهيري والإعلاني عليه. وكثيرا ما كانت تختفي هذه الأعمال بعد استبعادها من العرض الرمضاني، لكن العامين الأخيرين شهدا محاولات عدة لإيجاد منافسة وجذب لجمهور يبحث عما يسليه.
بدأ الأمر بأعمال ضعيفة المستوى حصدت نجاحاً جماهيرياً لكونها وحيدة على الشاشة فقط. حدث هذا مع "سلسال الدم" الذي امتد لأربعة مواسم، و"ساحرة الجنوب" الذي امتد لموسمين، ومع "نصيبي وقسمتك" الذي امتد لموسمين هو الآخر. ومن بعدهما مسلسل "الأب الروحي". ثم جاء هذا العام حاملا مسلسلات "سابع جار"، و"بين عالمين"، و"الطوفان"، و"الكبريت الأحمر" في محاولة من القنوات الثلاث العارضة لها "سي بي سي"، و"دي أم سي"، و"أون تي في" أن تنافس مجموعة "إم بي سي" على اهتمام المشاهدين والنصيب من الإعلانات فنجحت بشكل كبير.
المشاهدة المرتفعة للمسلسلات الأربعة وفي مقدمتها "سابع جار" على يوتيوب وصفحات القنوات على فيسبوك، عززت كذلك التوجه لدى المعلنين للإعلان الإلكتروني، ففي الوقت الذي تغيب فيه أرقام رسمية عن نسب الإعلانات في المسلسلات، تقول تقديرات إن نصف مليار جنيه (28 مليون دولار) فقط كانت إنفاق المعلنين لمسلسلات رمضان الفائت الذي شهد أعمالاً فاقت تكلفتها ملياري جنيه (112 مليون دولار).
أجور الفنانين واحدة من أزمات كل عام. خلافات بين أبطال الأعمال والمنتجين ومنافسة بين المشاركين في كل عمل. وحده عادل إمام كان نصيبه من مسلسله "عفاريت عدلي علام" الذي لم يشاهده ربع من شاهدوا "سابع جار" أجراً اقترب من خمسين مليون جنيه (حوالي 3 ملايين دولار). قرر الرجل أن يخرج في العام المقبل مع فريق كتابة جديد لتقديم مسلسله "عوالم خفية" بعد أن هجر يوسف معاطي الذي صاحبه في السنوات العشر الأخيرة. فهل يكفيه هذا التغيير؟
الصدمة التي تلقاها قطاع كبيبر من الجمهور المصري عندما شاهد حكايات هبة وطارق ودعاء وعمرو وكريمة في "سابع جار"، التي لم يعتد رؤيتها على الشاشة، لا تقل قوة عن الدهشة التي استقبل به صناع الدراما نجاح العمل، وتصدر أبطاله أحاديث السوشال ميديا وصحفات الجرائد وفقرات التوك شو واستفتاء الأكثر مشاهدة. ليبقى لنا انتظار ما سيحدثه هذا من أثر. هل يغير المعادلة أم يقتصر الأمر على الاتجاه إلى استنساخ التجربة دون فهم أسباب نجاحها ودوافع الناس إلى الإقبال عليها؟



دلالات

المساهمون