خان مرجان... أقدم أسواق بغداد في المزاد العلني

خان مرجان... أقدم أسواق بغداد في المزاد العلني

30 يناير 2018
ما تبقى من سوق خان مرجان (Getty)
+ الخط -
يقع خان مرجان في محيط شارع الرشيد المتاخم والموازي لنهر دجلة من جانب الرصافة في بغداد قرب المدرسة المرجانية، ويطل على شارع السموأل من جهة والبزازين من جهة ثانية، ويعتبر من أشهر خانات بغداد، وقد شيد بين عامي 758هـ/ 1356م - 760هـ/1358م، أنشئ خان مرجان في عهد السلطان الجلائري الثاني (أويس بن الشيخ حسن) الملقب بمعز الدين، تولى السلطة بعد أبيه عام 1356ميلادية. 

مخطط الخان مستطيل، يبلغ طوله 30.25 متراً وعرضه 11,40 متراً ويبلغ ارتفاعه 14 متراً. ويتوسط المخطط بهو واسع تحيط به 22 غرفة تفتح أبوابها عليه يعلوها في الطابق العلوي 23 غرفة بزيادة غرفة واحدة فوق المدخل، وتفتح الغرف على شرفة من جهاته الأربع على ارتفاع 6 أمتار، وهكذا حدد مسقط الخان المستطيل ضرورة تسقيفه بالطابوق، على عكس الأشكال المربعة التي كانت تغطى بالقباب عادةً.

وتكمن في هذا الطابق عبقرية المعلم، ومقطعه عقد مدبب مرسوم بأربعة أقواس، فقد لجأ المعماريون لتجسيده على هذا الشكل استنادا الى طريقة قديمة اختصت بها العمارة العراقية قبل الإسلامية، وقد عرف في العهود المتأخرة باسم خان الأورتمة، أي الخان المستور أو المغطى، ذلك أن الخان كان يتميز عن معظم خانات بغداد بأن فناءه الداخلي، مغطى بعقود هائلة من الطابوق، وقد عقد ما بينها بسقوف معقودة أخرى، ويتميز هذا المبنى بالإضافة إلى سلسلة العقود المتوازية بنقوش مكتوبة تزين بوابته من جهة سوق البزازين الحالي حيث تحوي تسعة أسطر من الكتابة البارزة على الطابوق المصنوع من الآجر، وكتبت على نحو بالغ الروعة والدقة، وتمثل سائر الكتابة نصّ وقفية أمين الدين مرجان الكبيرة على المدرسة المرجانية، ودار الشفاء التي أنشأها على شاطئ نهر دجلة في نهاية شارع أسامة بن زيد، وتوضح هذه الوقفية أنها مما أوقفه مرجان للإنفاق على هاتين المؤسستين، فضلاً عن الخان نفسه.

وتأتي أهمية الخان من وظيفته، فهو يؤدي أغراضاً اقتصادية واجتماعية عدة لكونه يمثل محطة تتوقف عندها القوافل والتجار، وقد أتاح الخان للتجار الذين كانوا يرتادونه أو ينزلون فيه فرصة الإقامة الطيبة، حيث تحفظ بضائعهم وأكثرها من الأنسجة الحريرية ونحوها من آثار وأضرار الطبيعة، بينما تجري في فنائه الصفقات التجارية، وتبرم العقود بين مرتاديه من التجار.

أعمال الصيانة
لم يكن للخان أن يسلم من آثار التخريب والتلف، سواء بفعل الإهمال أو من الأضرار الطبيعية مما دفع مديرية الآثار القديمة العامة إلى ترميمه ترميماً شاملاً، وجعلته متحفاً للفنون الإسلامية، وأطلقت عليه اسم (دار الآثار العربية)، فصار الخان مقصداً للسائحين والزوار عدة عقود من السنين، بيد أن ارتفاع مستوى المياه الجوفية في أرض الخان وما حوله، أدى إلى أن تغمر المياه أرضيته، فلم يعد يصلح لأن يكون متحفاً، فلم يكن من دائرة الآثار إلى أن نقلت معروضاته، وقامت بعملية صيانة واسعة له، نجحت خلالها في تدعيم أرضيته وجدرانه بمادة الإسمنت حتى تمت السيطرة على عملية نضح المياه الجوفية إلى داخله، ثم جرى استغلاله خلال فترة الثمانينيات من القرن العشرين وتم إعادة ترميمه واستخدم المبنى كمطعم سياحي يقصدهُ السائحون والناس عامة، غير أن الإهمال طاوله منذ الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003.



قصة صاحب الخان
أمين الدين مرجان، هو رجل إيطالي واسمه السنيور موركان، وتحولت مفردة موركان مع السنين إلى مرجان؛ كان مثقفًا يتكلم العربية والفارسية، وكان مرجان غير محظوظ، إذ اضطرته الأزمات إلى أن يعمل جنديًا مرتزقاً، وفي أحد الحروب أسره المغول وباعوه، ثم باعوه واشتروه أربع مرات حتى وصل إلى بغداد، فباعه تاجر لقصر السلطان أويس، وهو ابن حفيد هولاكو المغولي. عمل هناك مرجان خادماً وعينه رئيس الخدم طباخاً، وكان حين يقدم إلى السلطان طبقاً يسمعه شعراً وحكمة، حتى أعجب به السلطان فعينه وزيراً ثم وزيره الأول وقد جمع ثروة كبيرة.
ولما قرر السلطان تلبية رسالة وصلته من ملك (الأيلخانية) آسيا الوسطى يقول فيها: ساعدونا! لقد ثار علينا التركمان، قال السلطان لمرجان، اجلس على عرشي واحكم باسمي حتى أعود، لكن مرجان خان العهد وخطب بالعراقيين وبشرهم بنهاية الدولة (الأليخانية)، وبداية الدولة (المرجانية) والحياة الكريمة، لكن السلطان العائد إلى قصره هزم جيش مرجان، إلا أنه عفا عنه، ولقد ندم مرجان على ما فعل وجمع كل أمواله وبنى جامعًا كبيرًا وبنى مائة دكان وهي سوق الشورجة الحالي، وجعل إيجار الدكاكين للجامع ولإطعام الفقراء والمساكين، وبقي في داخل الجامع يعمل خادمًا يكنس وينظف ويطبخ ويعطي الطعام للمصلين والفقراء حتى وافاه الأجل.

سوق للإيجار
بموجب قانون بيع وإيجار أملاك الدولة رقم 21 لسنة 2013 أعلنت الهيئة العامة للآثار والتراث، إعادة إعلان إجراء المزايدة العلنية بتاريخ 24 كانون الثاني/ يناير الحالي لإيجار مبنى خان مرجان، ليكون سوقاً ثقافياً ومكاتب صيرفة.

المساهمون