"آخر الرجال في حلب"... الخوذ البيضاء مجدداً في الأوسكار

"آخر الرجال في حلب"... الخوذ البيضاء السورية مجدداً في الأوسكار

24 يناير 2018
من الوثائقي (فيسبوك)
+ الخط -
يُشكِّل حصول "آخر الرجال في حلب" (2017)، للسوري فراس فيّاض (1984)، على ترشيحٍ رسمي لجائزة "أوسكار" في فئة أفضل فيلم وثائقي طويل، سابقة سينمائية سورية، واهتماماً دولياً إضافياً بالواقع السوري، عبر سرد حكاية مدنيين يعملون في حقل الإنقاذ، في وضعٍ مأسوي قاسٍ. فالفيلم الوثائقي هذا (إنتاج سوري دنماركي مشترك، 89 دقيقة)، الذي يتناول عمليات إنقاذ يقوم بها متطوّعون مدنيون تابعون للمجموعة المدنية "الخوذ البيضاء"، يُقدِّم صورة حسية وميدانية لأعمال يقومون بها وهم يواجهون مخاطر وتحدّيات مختلفة، كي يُحقّقوا عملاً إنسانياً، يتمثّل بإنقاذ أناسٍ يُعانون وحشية حربٍ، يشنّها عليهم النظام الأسدي، المدعوم من إيران وروسيا.



ويأتي نيل "آخر الرجال في حلب" ترشيحاً رسمياً للجائزة الدولية، التي تُعلن نتائجها في 4 مارس/ آذار 2018، بعد عام واحد فقط على فوز "الخوذ البيضاء" (2016)، للبريطاني أرولاندو فون آينسيدل (1980)، بجائزة "أوسكار"، في فئة أفضل فيلم وثائقي قصير، في الدورة الـ89 (26 فبراير/ شباط 2017) للجوائز، التي تمنحها، سنوياً، "أكاديمية فنون الصورة المتحركة وعلومها"، في لوس أنجليس.




والفيلمان مهتمّان بالمجموعة المدنية نفسها، المنضوية في إطار "الدفاع المدني". ويتابع "آخر الرجال في حلب" حكاية المتطوِّعين خالد ومحمود، العضوين في "الدفاع المدني السوري"، والمتطوّعين في "الخوذ البيضاء"، والعاملين على إنقاذ المدنيين المحاصرين في حلب، الذين يتعرّضون لقصف النظام السوري وحليفه الروسي. فبعد كلّ عملية قصف وحشي، يهرع الثنائي مع فريق من المتطوّعين، الذين كانوا طلاباً وعمّالاً في السابق، إلى المناطق المنكوبة، بحثاً عن الناجين بين الأنقاض، لتقديم الإسعافات اللازمة، ولمحاولة إيجاد أمكنة لهم تقيهم من وحشية القصف الهمجيّ.
كما أن هؤلاء المتطوّعين المدنيين ينتشلون الجثث المدفونة تحت الأبنية المدمّرة، ويجمعون أشلاء أفرادٍ، سعياً إلى دفنهم بطريقة تليق بالشهداء. ورغم وحشية العيش اليوميّ في مدينة محاصرة بالدم والدمار، يرفض الثنائي خالد ومحمود، والمتطوعون المدنيون، مغادرة المدينة، ويُشهرون إصراراً إنسانياً وأخلاقياً كبيراً على أولوية العمل الإنساني في إنقاذ الجرحى، ودفن الموتى، ومحاولة دعم المشرّدين من منازلهم المدمِّرة.
الجدير ذكره في هذا المجال، أن هناك حملة صحافية ـ إعلامية على المنظّمة، بدأت منذ عام 2013، تاريخ تأسيس "الخوذ البيضاء"، ازدادت قسوة بعد بثّ الفيلم الوثائقي للبريطاني أرولاندو فون آينسيدل على شاشة الشبكة الأميركية "نتفليكس"، في 16 سبتمبر/ أيلول 2016. والحملة منطلقةٌ من اتهام النظام السوري للمنظّمة، يقول إنّ مؤسِّسَها "ضابطُ استخباراتٍ بريطاني"، بحسب بشار الجعفريّ، مندوب النظام في مجلس الأمن. يضيف الاتّهام "الجعفريّ ـ الأسديّ"، أيضاً، أنّ طبيباً من المنظّمة، التي يصف المتطوّعين فيها بالـ "زعران"، "يُطلِق صاروخاً ضد طائرة"، متغاضياً كلّياً (إذا كان هذا الاتهام صحيحاً) عمّا تفعله الطائرة في مناطق مدنية، وإن تكمن "الحجة الرسمية" بوجود إرهابيين أصوليين، منتشرين في أصقاعٍ عديدة في سورية، خارج سيطرة النظام الأسديّ وحليفيه.
وثائقيّ فراس فياض يغوص في أحوال المتطوّعين، ويتابع وقائع العيش في مدينة مكبّلة بالدم والغبار والتجويع والتهجير، ويتناول أحوال الصامدين فيها. كما أنه يتابع يوميات الثنائي خالد ومحمود، تلك اليوميات المؤلّفة من الرعب والحسّ الإنساني، ومن مخاطر إنقاذ المدنيين في لحظات القصف الوحشي، ومن محاولة الاستفادة من أوقات الهدنة "النادرة". وهي يوميات مجبولة، أيضاً، بتساؤل أخلاقي إنساني: هل يتوجّب عليهما البقاء في مدينتهما، أم عليهما محاولة اللجوء إلى تركيا؟
يُذكر أن "آخر الرجال في حلب" مُصوّر بين عامي 2013 و2016، بكاميرا محمولة غالباً، وبلقطات مكثّفة ومضغوطة في أحيانٍ كثيرة.

(العربي الجديد)


المساهمون