رؤساء الجمهورية في السينما المصرية: من الرمز إلى التقديس

رؤساء الجمهورية في السينما المصرية: من الرمز إلى التقديس

15 يناير 2018
يؤدّي أحمد السقا دور السيسي (تويتر)
+ الخط -
انتشرت خلال الأيام الماضية صور من فيلم "سري للغاية"، يجسد فيها الممثل أحمد السقا دور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في تناول من تأليف وحيد حامد، وإخراج محمد سامي، لمرحلة حكم الإخوان المسلمين والرئيس المعزول محمد مرسي، والذي يؤدي دوره الممثل أحمد رزق. وكذلك للوقت الأخير من رئاسة الثلاثين عاماً للرئيس المخلوع حسني مبارك، ويجسد دوره الممثل أحمد شاكر عبد اللطيف. 

وخلقت الصور ترقُّباً كبيراً عند المتابعين، وتساؤلات عن كيفية كتابة تاريخ على هذا القدر من القرب؟ ووجهة النظر، الرسمية بالتأكيد، والتي سيحملها العمل، حتى مع كونه من كتابة سيناريست بقيمة حامد؟ والأهم: كيف سيتمّ تناول السيسي أثناء فترته الرئاسية؟ وذلك وفي سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ السينما المصرية،
 وعلى هامش "سري للغاية"، نتناول في هذا التقرير كيفية تعامل السينما المصرية مع كل رئيس أثناء حكمه. 



عبد الناصر رمزاً
بوعي شديد، تبنّى نظام الرئيس جمال عبد الناصر، صَفوة الموسيقيين والسينمائيين وجعلهُم على مقربةٍ من السلطة، ولأن الحركة السينمائيّة كانت قائمة بالكامل بإنتاج رسميٍّ من الدولة، لم يكن من الصعب تمرير شخصيّة ناصر أثناء حياته، بصورة رمزية على قدر كبير من الوضوح في بعض الأفلام، تُقرِنه دوماً بكونه الزعيم، وموحّد الأمة العربية. أشهر الأفلام التي تبنت تلك المقاربة هي "الناصر صلاح الدين"، للمخرج يوسف شاهين عام 1963، حيث يتم استدعاء نموذج تاريخي مثل صلاح الدين الأيوبي، وتبنّي سردية تاريخيّة مبسطة جداً، وأحياناً مغلوطة، عن تحريره بيت المقدس وقهره جيوش أوروبا الآتية في حملة صليبية، وترك بقية المقاربة والرمز في اسم "الناصر". 

تناولٌ مختلِف لشخصيّة عبد الناصر يحدث في فيلم "رد قلبي"، للمخرج عز الدين ذو الفقار 1957، حيث يتناول فترة ما قبل الثورة، والتفاوت الطبقي بين الفقراء والأغنياء، وانضمام بطل الفيلم للضباط الأحرار، مع منح الممثل كمال ياسين، شخصية مُؤثّرة، ظلت لعقود طويلة يُشار إليها باعتبارها رمزاً لعبد الناصر ودوره في الثورة.




أنور السادات ونصر أكتوبر
بعد وفاة عبد الناصر، وفي ظل هزيمة 67، مرت السينما بمراحل ترنّح: ولم تعد الدولة هي المسؤولة عن الإنتاج كما كان سابقاً. وفي ظل تغيرات سياسية ضخمة، لم تكن شخصية الرئيس السادات هي الأهم للتناول السينمائي، بقدر ما كان الحدث الذي يمنحه شرعيته. فبعد حرب أكتوبر 1973 كان تركيز السينما في مصر وكل دعم الدولة موجهاً للأفلام الحربية، وقصص البطولة المرتبطة بها، مع الإشارة أحياناً إلى خطة وقرار العبور، أو ظهور السادات في لقطاتٍ أرشيفية، مثل "الرصاصة لا تزال في جيبي" و"بدور" و"أبناء الصمت" (كلها إنتاج 1974) و"حتى آخر العمر" (1975) و"العمر لحظة" (1978).




حسني مبارك وصورة "المخلّص"
على العكس من ناصر والسادات، فإن السينما تعاملت بشكل أكثر مباشرة مع الرئيس المخلوع حسني مبارك. صحيح أنه ظل محتفظاً بقداسة كبرى، باعتباره الشخص الذي يأتي في نهاية العمل، ويقدم حلاً لكل المشاكل، كما يحدث في فيلم "جواز بقرار جمهوري" (2001) الذي يدور حول عريسين يقدمان دعوة لرئيس الجمهورية من أجل حضور زواجهما، أو يقدم تكريماً لبطل الفيلم مثل "أمير الظلام" (2002)، إذْ يظهر مبارك في المشهد الأخير من الفيلمين في صورة "المُخلّص".

 وفي أحيانٍ أخرى كان وجوده عن طريق مكالمة تليفونية، أو تركيز الكاميرا على صورته في مكتب لمؤسّسة تخصُّ الدولة، ليكون إشارة إلى تدخله وإنهائه الحاسم للمشاكل. إلا أنّ حياته وفترة حكمه لم يتم تناولهما مطلقاً.

 ولذلك، فإن "سري للغاية" سيكون، أيضاً، أول فيلم يتناول سيرة "مبارك" بشكل مباشر بعد الثورة.




المساهمون