"حليمو"... أسطورة الرداءة

"حليمو"... أسطورة الرداءة

13 يناير 2018
يشارك بيومي فؤاد في بطولة الفيلم (فيسبوك)
+ الخط -


لعامين كاملين، تحدث طلعت زكريا عن فيلمه الجديد المنتظر. إذْ يقول، بجدية تستحق الإعجاب، لمراسلي الفضائيات ومحرري الصحف، إن "حليمو أسطورة الشواطئ"، والذي يعود به بعد ست سنوات من الغياب، منذ أن قدم فيلمه "الفيل في المنديل"، وهو فيلم يستهدف تنشيط السياحة التي تعاني في هذه الأيام! ويتناول الإسكندرية "مدينته الحبيبة، وناسها الطيبين، والعاملين على شواطئها".

لكن تترات الفيلم الافتتاحية حملت لنا اسم مدحت سعد في ثلاثة مواضع، "لأول مرة" و"مشرف عام على الإنتاج" و"الإنتاج"، ليبدو أن الرجل هو الذي صنع هذا الشريط لنفسه، ويسيطر من خلال الأحداث على مساحة كبيرة من المشاهد، لدوره الشرير الذي يواجه من خلاله البطل "حليمو" في صراع طوال الأحداث. ورغم وضع لافتة "+12" على الفيلم، يصر أبطاله ومنتجه على أنه مناسب لكل أفراد العائلة، رغم ما فيه من ألفاظ ومشاهد استحقت هذا التصنيف العمري.

لا شيء يستحق الإعجاب في هذا الفيلم، سوى أمر وحيد صنع بكفاءة واقتدار، وهو الإخلاص والتفاني والانضباط في جعله فيلما رديئاً ومبتذلاً يتجاوز ما كنا نراه في أفلام المقاولات، وعناية مدهشة للخروج بكل عناصره على المستوى ذاته من السوء والإثارة للتقزز. بدءاً من كتابة عناوينه وموسيقاه، ومروراً باختيار أبطاله وأسماء شخصياتهم، ووصولاً إلى قصته التي تصلح لـ"سكتش" رديء لا تقبل بعرضه قنوات البث غير الشرعي المنتشرة في مصر حالياً.

يبدأ الفيلم بمشهد للإسكندرية في الماضي، ويظهر الوالد "البحر جسور" (طلعت زكريا)، الذي يهرب بابنه "حليمو"، أي طلعت زكريا، لاحقاً إلى مكان بعيد، بعد حوار قصير عن علاج غريب يقدمه له بكي ظهره. وبعدها نعود إلى الإسكندرية في الوقت الحاضر، لنرى "حليمو" الذي يعمل على شاطئ البحر منقذاً للمصطافين من دون أن يستطيع السباحة، يقف على البحر ليسحب بالحبل إحدى الغارقات لتخرج له. وما إن تصل، يبدأ في ادعاء إنقاذها بتنفس صناعي بتقبيلها أكثر من مرة، إلى أن تظهر حبيبته "زنوبة"، أي ريم البارودي.

والحبكة في الفيلم، إن صحت تسميتها وتسميته كذلك، قائمة على قصة الحب بين زنوبة وحليمو، والتي يرفضها خالها "قنصوة" (بيومي فؤاد) وأختها "رخصة" (دينا)، وغريمه الذي يسعى للزواج منها أيضاً، وهو المعلم حسام، تاجر التكاتك، الذي يسعى لإفساد حياة حليمو، ويدفع الشرطة للقبض عليه ومنعه من العمل على الشواطئ لتدمير مشروع زواجهما.

يبدو من العبث أن تناقش منطقية الأحداث وتكرار القصة في فيلم كهذا، أو أن تخشى حرق الأحداث على القارئ الذي قد ينوي رؤيته. لكنه واجبك أن تحذره، وأنت تشاهد قصة الحب هذه، إذْ يظهر لك مستشفى تعمل فيه شقيقة البطلة، وتاجر مخدرات يبدو صريعاً على الشاطئ، وعصابة تسعى، كما في سبعين في المائة من الأفلام المصرية القديمة، لاستعادة الكنز المفقود من ابن "البحر جسور" زميلهم السابق في السجن.

يعيش حليمو في جحيم الخوف من ضياع حبيبته، وعدم امتلاكه لمصدر دخل، إلى أن تظهر له "لونة" (هبه السيسي) من قلب البحر، وهو يجلس على الشاطئ مع تاجر المخدرات الظاهر حديثا "بحبح" (كريم أبو زيد)، وتبدأ في إغوائه، لتحصل منه على خريطة الكنز لصالح العصابة المؤلّفة من الممثل أحمد حلاوة، ومنتج الفيلم مدحت سعد.

يبدو أننا استغرقنا كثيراً في شرح قصة الفيلم، لكن لاختصار الأمر سنصل إلى نقطة التصاعد الأكبر، والمعبرة حقاً عن طبيعة الفيلم ومستواه، وهي مشهد دخول حليمو للمستشفى بعد سقوطه مغشياً عليه حين رأى حفل خطبة حبيبته لغريمه. وعلى سرير الطبيب، وهو يحقنه بالأدوية، يكتشف حليمو أن خريطة الكنز التي يبحث عنها الجميع رسمها والده على مؤخرته! 
بدا هذا مشهداً مضحكاً لصناع الفيلم، وغيره الكثير من المشاهد التي لم تفلح في كسب ابتسامة الجمهور المعدود الذي دخله منذ بدء عرضه، لتصل الإيرادات إلى ما يقارب خمسمائة ألف جنيه فقط.




المساهمون