قصة نضال 3 مراهقات مسلمات لعزف الموسيقى بإندونيسيا

قصة نضال 3 مراهقات مسلمات لعزف الموسيقى بإندونيسيا

04 سبتمبر 2017
تعرضن لتدهديدات وصلت إلى القتل (فيسبوك)
+ الخط -
تتألف فرقة "فويس أوف باشي بورت" من فتاتين بعمر الـ17 عامًا، وأخرى بعمر الـ15، يعزفن ألحان "هيفي ميتال" في إندونيسيا، إذ يشتهر هذا النوع من الموسيقى، لدرجة أن الرئيس الإندونيسي، جوكو ودودو، من كبار المعجبين بفرقتي "ميتاليكا" و"ميغاديث" اللتين تعزفانها.

وتتحدى الفتيات بموسيقاهن التي تلهب مشاعر الجمهور المحلي، القوالب النمطية الراسخة، التي تخص الجنس والعرف الديني، في بلد من أكبر الدول ذات الأغلبية الإسلامية في العالم، وفقًا لموقع "نيويورك تايمز".

وتعيش الفتيات في قرية سينغاجايا الريفية في منطقة جاوة الغربية، إذ يتلقين التعليم الثانوي، ويعني اسم فرقتهن "صوت الضوضاء" باللهجة المحلية لتلك المنطقة، كما يؤكدن أن التزامهن بتعاليم الدين الإسلامي، لا يمنعهن إطلاقًا من عزف الموسيقى الصاخبة، والحصول على استقلاليتهن.

وتؤكد عازفة الغيتار والمغنية الأساسية في الفرقة، فيردا كورنيا (17 عامًا) أن الحجاب وموسيقى الهيفي ميتال أمران مختلفان، وتقول: "الحجاب هويتي، والميتال هو نوع الموسيقى الذي أفضله".

تعرضت الفتيات خلال فترة تأسيس الفرقة لانتقادات عديدة من الأصدقاء والعائلة والجيران، وتلقين مئات رسائل التهديد بالقتل عبر الإنترنت، بحجة أنهن لا يمثلن الصورة الحقيقية عن الفتاة المسلمة، حتى وصل الأمر إلى إلقاء رسائل تحمل كلمات بذيئة عليهن أثناء خروجهن من استديو التسجيل.



واعتمد أسلوبهن في الكفاح من أجل حقهن بالتعبير، على كتابة أغان تتحدث عن التعصب، المساواة بين الجنسين، وحقوق الشباب؛ في بلد لا تزال فيه قضايا مشابهة للتزويج القسري لمن هم دون السن القانونية، أمرًا سائدًا، وخاصة في المناطق الريفية مثل جاوة الغربية.

ولم يذهب إصرار الفتيات سدى، حيث حصلن على استقطاب جماهيري كبير، وحضر 2000 شخص حفلهن الشهر الماضي، الذي أقيم في العاصمة جاكرتا احتفالًا بالذكرى 72 لاستقلال البلاد، من بينهم العديد من كبار المسؤولين الحكوميين، رجال الإعمال، ومجموعات طلابية.



ولم تكن صداقة فتيات فرقة "فويس أوف باشي بورت" حديثة العهد، بل كانت الآنسة فيردا، وعازفة الإيقاع يوسي سيتي آيسيا، وعازفة الغيتار الأخرى ويدي رحماواتي (15 عامًا)، صديقات منذ الطفولة، تعلمن معاً العزف لأول مرة في حصص الموسيقى في المدرسة الإعدادية عام 2014، ليشكلن الفرقة في العام ذاته، بتشجيع من أستاذهن سيب إرسا إكا سوزيلا ساتيا، الذي رأى فيهن تمردًا جميلًا فوجّهه نحو الموسيقى.

وعزفت الفتيات في البداية سرًا، بسبب اعتراض أهاليهن على أدائهن، إلا أنهن سرعان ما صورن عروضًا مباشرة على الإنترنت، حققت نسبة مشاهدة عالية، وصنعت لهن قاعدة جماهيرية واسعة، إلا أن تأثيرها السلبي كان نتيجة التهديدات التي وصلتهن بسببها، والتي أكدن أنها مرسلة من مسلمين متشددين، حيث قالت الآنسة يوسي: "هددونا بمختلف الأشكال والأساليب، ووصل الأمر مع البعض لتهديدنا بقطع رؤوسنا". وأضافت: "أخبرنا مدير المدرسة أيضًا أن الموسيقى محرمة، ومحظورة في الدين الإسلامي".

وتعتبر إندونيسيا بلدًا علمانيًا يبلغ تعداده السكاني حوالي 260 مليون نسمة، بغالبية مسلمة يبلغ عددها أكثر من 200 مليون نسمة، بالإضافة إلى أقليات مسيحية، هندوسية، وبوذية، إلا أن التحفظ بين المسلمين ما زال متناميًا مع وجود الجماعات الإسلامية المتشددة العنيفة، وتعرضت البلاد لهجمات إرهابية خلال السنوات الماضية، من قبل خلايا محلية أعلنت ولاءها للقاعدة، أو لتنظيم "داعش".

لكن الفتيات ماعدن يخفن بعد الآن من التهديدات، بعد أن بدأت فرقتهن بالظهور على التلفاز الوطني، وجني الكثير من الأموال مقابل الأداء أمام جمهور أكبر، وأصبحن يقدمن حوالي 5 عروض في الشهر الواحد، وينلن التشجيع من الناس من مختلف الخلفيات الثقافية، ومن الرئيس الإندونيسي نفسه.

(العربي الجديد)



المساهمون