رقصة الدبوس... قوة رجال مقهورين

رقصة الدبوس... قوة رجال مقهورين

18 سبتمبر 2017
ظهرت لعبة الدبوس قبل 3 قرون في الجنوب(العربي الجديد)
+ الخط -
يجذبُ الاحتفال بالعرس أو العقيقة أو أي مناسبة اجتماعية، جمهوراً كبيراً في موريتانيا، إذا كان الحفل يحييه فنّانٌ معروفٌ، أو تُقامُ خلاله مُبارزة بين رجلين، وهو ما يُعرَف محليّاً بـ"رقصة الدبوس". 

ويقيس الموريتانيون أهميّة المناسبات الاجتماعية إذا ما تضمَّنت عروض "رقصة الدبوس" التي تعتبر ذروة الاحتفال بالعرس أو العقيقة. وتعدّ رقصة دبوس العصا، من أشهر الرقصات والألعاب التقليدية في موريتانيا. وهي تجمع بين الرقص والتسلية. إذ يقوم الراقصان، أو المتباريان، بالمبارزة بالعصا على وقع إيقاع الطبول والدفوف التي تقرعها النساء من أجل بث الحماس في المتبارزين.

وتستوحي رقصة الدبوس أو "لعبة أنيكور"، كما يطلُق عليها بعضهم، حركاتها من تراث الفروسية والمبارزة بالسيوف، إذ يُحاكي الراقصان حركات المقاتلين في المعركة، وإصرارُهما على الفوز. وتستبدَلُ السيوف في هذه اللعبة بالعصي القوية التي تتحرك يميناً ويساراً في تناغم مع إيقاعِ الموسيقى وقرع الطبول.

وفي معركة استعراضية، يتلاحم الراقصان، ويتحلَّق الجمهور حولهما، بينما تدخل النساء بين المتبارزَيْن لشدّ أزرهما. وتحُمْن حول المتنافسين مطلقاتٍ العنان لحناجرهنّ، لتتعالى الزغاريد التي تبثُّ الحماس أكثر في المتبارين، وسط تصفيق الحضور.

ورغم سرعة حركات المتباريين، فإنهما يحرصان على التناغم مع دقات الطبول، والإتيان برقصات مُتقنَة ومتناسقة. وقد يتبارز واحد مع اثنين أو ثلاثة أو أربعة حسب خبرته، والجو الحماسي المحيط به، والذي يُشجِّع المتبارين على التنافس في الرقص، واستعراض كامل خبرتهم.

ويحصلُ المتنافسون على استراحة يتمّ خلالها عزف الأغاني الحماسيّة، قبْل أن تلتحم العصي من جديد، لتتواصل المعركة الاستعراضيّة. وتلعبُ العصي دوراً هاماً، لأنَّ الضربات التي يحدث قرعها إيقاعاً موسيقاً منتظماً تحتاجُ إلى عصي صلبة وقويّة تزيد من حماسة الجمهور.
ويتم اختيار العصي من طرف خبيرٍ يحرص على أن تكون متساوية وصلبة، لتتحمّل الضربات القوية بعضها على بعض. ورغم أنّ استخدام العصي لرعي الغنم أو الدفاع عن النفس أو حملها كنوع من الوجاهة شائع في المناطق التي تحظى فيها لعبة "الدبوس" بشعبية كبيرة، إلا أنّ عصي اللعبة لها خصائص مميزة، تُمكّن المبارزين من الرقص بخفة، وضرب عصا المنافس بقوة.

ويقول مسعود ولد الغوث (راقص وخبير في لعبة الدبوس)، بأنّ هذه اللعبة من الفولكلور الموريتاني الأصيل، وهي أيضاً شبيهة بصراع "النبوت" في مصر. لكن الفرق بينهما أن لعبة الدبوس لا خاسر فيها، والهدف منها التسلية والترفيه، وإحياء تراث الأجداد.

ويضيف في حديثه لـ "العربي الجديد": "تحظَى لعبة "نيكور" أو لعبة "الدبوس" بمتابعةٍ كبيرة. ويأتي إليها المشاركون والمتابعون من أماكن بعيدة. وتتطلَّب أنْ يمتلك المتنافسان أو الراقصان جسداً قويّاً وعضلات مفتولة، إضافة إلى الخبرة والقدرة على المناورة، وسرعة الحركة للمبارزة على إيقاع الطبول".

ويشير بأن لعبة الدبوس، ظهرت قبل 3 قرون في منطقة الجنوب. وكانت خاصة بشريحة العبيد "الحراطين" الذين لم يكن أسيادهم يسمحون لهم بحمل السيوف والأسلحة. فيحاولون تعويض ذلك، بتجسيد دور الفرسان الأقوياء أمام نسوة ينحدرْن من نفس وسطهم الاجتماعي.


دلالات

المساهمون