"نبضات إلى فلسطين"... نشاطات لبناء وعي حول الحقوق

"نبضات إلى فلسطين"... نشاطات لبناء وعي حول الحقوق

23 اغسطس 2017
مجتمع رياضي يساعد في خدمة القضية الفلسطينية" (حسين بيضون)
+ الخط -
يستغل الطفل الفلسطيني أسعد (اسم مستعار) فترة الاستراحة للتواصل مع والدته المقيمة في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين جنوبي لبنان، والاطمئنان عليها بعد اندلاع اشتباك مُسلح في الأزقة الضيقة للمخيم. حرمت هذه الأحداث المُتكررة أسعد ومعه آلاف الشبان والأطفال من فرصة الاستمتاع بحياة آمنة وبمساحة للعب. لذلك تُرسله أمه كل عام إلى المخيم الرياضي الذي تنظمه مبادرة "نبضات إلى فلسطين" ليحظى باستراحة من حياة المخيم الصعبة. فقد أسعد والده خلال إحدى المعارك داخل المخيم. ويقول صديقه الأكبر منه، أحمد السعيد، إن "المخيم الرياضي السنوي والابتعاد عن أجواء المخيم لعدة أيام في العام ساعدت أسعد على تجاوز وفاة والده بعض الشيء". 


الرياضة للتوعية المجتمعية
أُطلقت "نبضات" قبل 4 سنوات على يد مجموعة ناشطين فلسطينيين يُقيمون في مُختلف دول العالم بهدف "بناء وعي حول موضوع الحقوق ولا سيما قضية العودة عبر التأسيس لعلاقات بين الشباب في المخيمات والمناطق اللبنانية، مستخدمين بذلك الرياضة والثقافة كأدوات للتفاعل فيما بيننا. لتكون الرياضة وسيلة محورية للتوعية المجتمعية، وممارسة الحقوق والمطالبة بالحقوق". يقضي 60 طفلاً من مُختلف مخيمات اللجوء الفلسطيني في لبنان وفي سورية أسبوعاً رياضياً في أحد المجمعات في منطقة المنية شمالي لبنان. وذلك بعد نجاح الناشطين في إطلاق حملة تمويل إلكترونية، وجمع تبرعات من عدد من الجميعات التي لا تبتغي الربح. يتوزع نهار المشاركين بين الرياضة الصباحية التي تشمل تمارين اللياقة والركض، ثم الفطور، ثم التدرب على كرة السلة وكرة القدم والكرة الطائرة. ويشارك في المخيم هذا العام ناشطة أميركية من حركة "سود من أجل فلسطين"، ومدرب رياضي دنماركي جمعهما بالأطفال دعم القضية الفلسطينة واحتراف الرياضة.


(حسين بيضون)


الرياضة كطريقة لتحسين سلوك الأطفال
تُصحح تويا، الشابة الأميركية الجامعية والمؤهلة للعب في الدوري الأميركي لكرة السلة، من وضعية يد إحدى المشاركات في فريقها لكرة السلة. تخاطبها بلغة إنكليزية بسيطة، ويبدو أن الطفلة تحاول بكل جدية تجاوز عقبة اللغة والتعبير لتويا عن فهمها للتوجيهات. تقول تويا لـ"العربي الجديد"، إنها تزور هذه المنطقة من العالم للمرة الأولى، وأنها سعيدة بالمشاركة في تحسين قدرات الشبان الفلسطينيين الرياضية. وتشير الناشطة إلى أن "ما يجمعني كأميركية بالقضية الفلسطينية هي حالة العسكرة المُشتركة التي يعيشها شعبي الأسود في الولايات المتحدة والعسكرة التي يعيشها الفلسطينيون في فلسطين". كما تؤكد وجود حملات لمناهضة "مشاركة قوات الشرطة الأميركية في دورات مشتركة مع نظيرتها الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، حيث يتم تبادل الخبرات القمعية المُستخدمة لانتهاك حقوقنا".
يُبعد المدرب الفلسطيني، مجدي مجذوب، الكرة التي كادت ترتطم بكتف أحد الأطفال المشاركين في النشاط الرياضي على أرض ملعب كرة السلة في المخيم. يعطي توجهياته للأطفال بالانتباه، كما يطلب من مساعدي المدربين المزيد من الانتباه. يشير مجدي بإصبعه إلى ثلاثة شبان يرتدون اللون الأصفر لتمييز أنفسهم عن باقي المشاركين: "هؤلاء الشبان الثلاثة بدؤوا معنا كمشاركين قبل أربع سنوات، واليوم هم مساعدون للمدربين وأصبح لديهم خبرة جيدة في التدريب الرياضي وفي الإشراف على الأطفال المشاركين". يُشرف المُدرب على فريق رياضي في مخيم شاتيلا في العاصمة بيروت، ويتحمل هذا العام مسؤولية إدارة المخيم. يؤكد مجدي أن "الرياضة لا تعمل فقط على الاستفادة من طاقة الأطفال وتطويعها في النشاط الرياضي، ولكنها تُحسن من سلوك الأطفال على صعيد الانضباط والالتزام العام بالقواعد الأخلاقية في التعاطي وروح الفريق وهي صفات تنقص لدى الأطفال الذين يكبرون في المخيمات ذات الظروف الاجتماعية الصعبة".


(حسين بيضون)


الندية الرياضية وروح المنافسة
على بُعد أمتار قليلة من مجدي، يقف المدرب الدنماركي، نيد، الذي تعرف إلى المبادرة عبر شبكة مدرسية دنماركية تعاونت مع "نبضات" في أعوام سابقة. يتحدث نيد عن أهمية الرياضة في "تعديل الصور النمطية لدور الشبان والفتيات في الرياضة"، ويؤكد أنّ بعض المشاركات وأعمارهنّ تتجاوز سن 15 لمسن الكرة للمرة الأولى في حياتهن خلال المخيم.
كما يشير إلى أن "تعامل الشبان مع الفتيات أصبح مُختلفاً نتيجة الندية الرياضية وروح المنافسة التي تتمتع بها الفتيات المشاركات". ويؤكد نيد الذي يدرس العلوم الرياضية في الدنمارك أن "بناء مجتمع متوازن ورياضي يساعد في خدمة القضية الفلسطينية".

لم يكن نيد أو تويا أول المشاركين الأجانب في مخيمات "نبضات"، بل تشمل قائمة زوار المخيم الأجانب العديد من الدول الأفريقية والأوروبية مثل: إيطاليا، الدنمارك، كينيا، زامبيا، وغيرها. شارك هؤلاء مع الأطفال الفلسطينيين في زيارة بلدات لبنانية عديدة ضمن أنشطة المخيم، بهدف بناء تواصل بين الأطفال الفلسطينيين ومُحيطهم اللبناني من بوابة الرياضة.
وككل عام، سيُختتم النشاط السنوي لنبضات مع انطلاق مجموعة من دراجي "نبضات إلى فلسطين" من مخيم نهر البارد (أبعد مخيم عن الحدود الفلسطينية) باتجاه منطقة الناقورة الحدودية مع فلسطين المحتلة، حيث يتم تنظيم مباريات كرة قدم وكرة الطائرة بين فرق من المخيمات الفلسطينية وفرق من بلدات المنطقة.


(حسين بيضون)


(حسين بيضون)


(حسين بيضون)


(حسين بيضون)





المساهمون