"12 ساعة"... وجبة سينما خفيفة

"12 ساعة"... وجبة سينما خفيفة

14 اغسطس 2017
أسرة فيلم "12 ساعة" في العرض الأول (العربي الجديد)
+ الخط -
تعاني السينما اللبنانية، من تراجع في الإنتاج بسبب احتكار بعض المتمولين لبعض المحاولات التجارية التي يطلقون عليها اسم "صناعة السينما".
الأهداف التجارية سيطرت في السنوات الأخيرة، وحققت بحسب المنتجين أنفسهم إيرادات مرتفعة، على قاعدة "الجمهور عاوز كده"، لكن هؤلاء يواجهون صناعة أخرى، تبتعد كثيراً عن الهدف التجاري، ولو بدت هذه الإنتاجات خجولة، لكنها تأتي كصناعة تبلغ حدوداً من الحرفية التي تغيب عن الإنتاجات التجارية.
قبل أيام، عرضت المخرجة اللبنانية غريس مجدلاني فيلمها القصير "12 ساعة" في بيروت، وهو من بطولة الممثلة اللبنانية وفاء طربيه، ومنى كريم، كتابة وتمثيل رالف معتوق.
كل ما احتاجه فيلم "12 ساعة"، هو أربعة ممثلين فقط، لنقل صورة الأم التي تحولت مع الوقت إلى كائن وحيد، بسبب فقدانها لزوجها وابنها الوحيد، وجلست أسيرة حالة نفسية تعكس حزنها، فتستعين أحياناً بالذكريات ومرات بالصلاة.
محاولة غريس مجدلاني بدت بسيطة في الفيلم، خصوصاً تركيزها على التفاصيل الصغيرة ونقل صورة، يوميات امرأة تعاني الوحدة، أشياء صغيرة في منزل بارد حدثت في شتاء آخر، يعبق بالعواصف والبرد الشديد، مدفأة وطقس ماطر، تذكرها بقرب عودة وحيدها من عمله، مساءً، تخرج مسرعة من المنزل، تتأبط المظلة لتلاقي ابنها، من أمام سيارة الأجرة، لاصطحابه إلى المنزل اتقاءً من المطر الغزير، لحظات تفاعلية ، عاطفية داخل المنزل بين ابن عطوف يحاول أن يخفف من ثقل الوقت على أمه التي تعبت من أجل تربيته، يساعدها على الاغتسال، وتجفيف شعرها، ثم ينام بقربها، لتروي له حكاية زواجها، وموت والده في حادث عابر، وكيف لم يعد أمامها سوى هدف واحد أن تراه شاباً يضج حيوية، وحياة، ونجاحا.
وحدها جارتها تحاول من نافذة باب منزلها المجاور أن تفهمنا القصة، تحزن الجارة التي تعيش حياة عادية مع عائلتها لما وصل إليه حال جارتها، تخبرنا أن ما تفعله السيدة المُسنة مضى له سنوات، وهي تخرج بصورة منتظمة لاصطحاب ابنها الراحل إلى المنزل واعتقادها أنه لا يزال على قيد الحياة.
تلعب مجدلاني على العواطف التي تجمع الشاب الوحيد بوالدته، لكن بعض المشاهد تفتقد إلى دقة وتقنيات عالية كان عليها مراعاتها عند الممثلين، انفعال وفاء طربيه جاء أحياناً بارداً أو غير مقنع، فيما لعب الكاتب رالف معتوق الذي يجسد دور الابن، على تنفيذ ما طلب منه دون جهد إضافي، ولم يتفاعل أكثر مع الشخصية، بل كان منفذاً للنص الذي كتبه، فقط، بعيداً عن الجهد أو العمق في الشخصية الهادئة للابن الوحيد والذي حاول التقليل من صعوبة ويوميات أمه التي فقدته بعد ذلك.
أما التصوير، فجاء متناسباً مع بساطة القصة، ودقائق الفيلم المعدودة (20 دقيقة)، وقد يكون من العناصر الهامة لانطلاقة المخرجة في المستقبل، والتي ثبت أنها تحمل رؤية جيدة لتفاصيل تحتاجها القصة القصيرة، أو هذا النوع من الأفلام، على قاعدة البناء الدرامي الذي أمسكته والهدف من وراء الفيلم، الذي قالت المخرجة إنه متوجه لكل أم فقدت ابنها، وعاشت صراعاً نفسياً يدخلها في نفق الكآبة أو قلة الاتزان العقلي المرضي ولا تريد الاعتراف أو التسليم للقدر، رغم إيمانها الروحي، الذي لعبت عليه المخرجة بشكل واضح.

دلالات

المساهمون