كارلوفي فاري: سينما مختلفة

مهرجان كارلوفي فاري: سينما مختلفة

03 يوليو 2017
من "آخر واحد فينا" (المركز الإعلامي لـ "كارلوفي فاري")
+ الخط -
أروقة المقرّ العام لـ "مهرجان كارلوفي فاري السينمائيّ الدوليّ" هادئةٌ وشبه خالية من زوّارها وضيوفها، في اليوم السابق ليوم الافتتاح المنتظر للدورة الـ 52 (30 يونيو/ حزيران ـ 8 يوليو/ تموز 2017). الفندق، المعتَمَد رسمياً من قِبَل إدارة المهرجان، ينتمي إلى حقبة قديمة، كان لا يزال الاتحاد السوفياتي السابق سيّدها. عمارته بشعة. لونه الغامق مثير لفزعٍ، لن يسمح ـ رغم هذا ـ بنفورٍ من مهرجان يحتلّ مكانة بارزة في المشهد الدولي، ويضع المدينة التشيكية في صدارة الصورة. الفندق، الذي يحمل اسم "تيرمال"، يتحوّل إلى حيّز للقاء دولي، يضمّ ضيوفاً أجانب وزائرين تشيكيين، في احتفال يُصبح صاخباً منذ الليلة الأولى، التي تشهد افتتاحاً تقليدياً، يُحافظ على بساطته، من دون أن يتخلّى عن جمالياته السينمائية.
الأروقة تلك تنفض عنها كلّ هدوء ممكن، بدءاً من صباح اليوم نفسه، الذي تُفتتح فيه الدورة الجديدة. الهدوء السابق لذاك اليوم لن يكون كاملاً، لأن عاملين في مهنٍ مختلفة للمهرجان يضعون "اللمسات الأخيرة" على مجالات مهنهم، كي يكون كلّ شيء جاهزاً قبيل ساعات من الإعلان الرسميّ لبدء الدورة الجديدة تلك. مواظبون على حضور المهرجان منذ أعوام مديدة يقولون، في دردشات عابرة، إن أمراً جميلاً يحدث منذ "الاحتفال البديع" بذكرى مرور 50 دورة، قبل عامين، متوقّفين عند مسألة تسترعي انتباههم واهتمامهم، تفيد بأن ارتفاعاً واضحاً في عدد الزوّار بات ملحوظاً بشدّة، وبأن الأمكنة المحيطة بفندق "تيرمال" تضجّ بأناسٍ يأتون المدينة لتلقّي "العلاج بالمياه المعدنية"، فينضمّون إلى مُشاركين في الفضاء السينمائي المفتوح على المُشاهدة والسهر والتواصل مع نجومٍ أو عاملين في حقول سينمائية شتّى.
يُضيف هؤلاء أن الشباب أكثر الحاضرين في محيط المقرّ العام للمهرجان، وأن معظمهم يُخصِّص وقتاً بمُشاهدة أفلامٍ مختارة في المسابقات والبرامج المختلفة، وأن السينما لن تُلهيهم ـ رغم أهميتها لديهم كما يبدو ـ عن الالتحاق بزملاء أو أصدقاء أو جماعات، لتمضية جزءٍ كبير من كلّ ليلة في الرقص والاستماع إلى شتّى أنواع الموسيقى، ولإنهاء نهارٍ طويل، يحفل بنشاطات عديدة، بشيء من متعة الاستراحة، والتحرّر من ثقل السينما ومضامينها وأشكالها.
هذا جزءٌ أساسيّ من فضاء "مهرجان كارلوفي فاري السينمائي الدولي". الأفلام المعروضة في صالاتٍ عديدة في فندق "تيرمال" وخارجه لن تُثني زائرين وضيوفاً عن تمضية أوقاتٍ خارج السينما وأسئلتها وحكاياتها وجمالياتها وصانعيها وممثليها. فمتعة المُشاهدة تتساوى ومتعة السهر في مدينة تمتلك حدّاً لا يوصف من جمال الطبيعة. والجلوس ساعاتٍ طويلة أمام شاشات كبيرة، لمتابعة أحوالِ أناسٍ وبيئاتٍ وتحوّلاتٍ وانفعالاتٍ، لا بُدّ أن تُستكمل بسهراتٍ، يقول عديدون إنها لن تخلو، كلّياً، من كلامٍ في الأفلام ومواضيعها وأساليب معالجاتها.
وهذا، إذْ يمنح "مهرجان كارلوفي فاري" نفسه شيئاً من ثبات اشتغاله السينمائيّ، يفتح أمام محبي السينما وروّادها آفاقاً كبيرة لاكتشاف جديد النتاجات الدولية، مع إتاحة حيّز أساسي لنتاجات منبثقة من بيئات دول أوروبا الشرقية، تحديداً. وفي مقابل انهماك مبرمجي المهرجان في الحصول على عددٍ لا يُستهان به من الأفلام المعروضة في مهرجان "كانّ" السينمائي الدولي، الذي تُقام دوراته السنوية قبل أسابيع قليلة على إقامة تلك الخاصة بـ "كارلوفي فاري"، ينصرف آخرون إلى اختيار أفلام تُنتجها تلك البيئات والدول، لعرضها في برامج ومسابقات تُقام إلى جانب المسابقة الدولية الرسمية، كـ "آفاق" و"شرق الغرب" و"نظرة أخرى" وغيرها، من دون تناسي اقتراحات مثيرة للتنبّه، كـ "شعوب في الباب المجاور" و"اختيار نقاد فارايتي" و"10 مخرجين جدد لمتابعتهم" و"خارج الماضي" وغيرها.
يُقدِّم "كاتالوغ" الدورة الـ 52 لمحة وافية عن غزارة العدد، الذي لن يقف حائلاً دون متع كثيرة في المشاهدة والتواصل والتأمّل والتفكير: 60 دولة، بينها 4 دول عربية مشاركة في إنتاج فيلم عربي واحد، هو "آخر واحد فينا" (2016) للتونسي علاء الدين سليم ("ضفة ثالثة"، 27 أبريل/ نيسان 2017، يُشارك في "نظرة أخرى")؛ علماً أن قطر، المُساهمة في تمويله، سيظهر اسمها 4 مرات إضافية، بفضل مشاركتها الإنتاجية أو التمويلية في 4 أفلام أخرى: "ذاكرة باللون الخاكي" للسوري الفوز طنجور ("ضفة ثالثة"، 15 ديسمبر/ كانون الأول 2016، يُشارك في "مسابقة الأفلام الوثائقية")، وDede (2017) للجيورجية مريم خاتشفاني (مسابقة "شرق الغرب")، و"مدينة الشمس" (2017) لمواطنها راتي أونيلي، و"شمس بيضاء" (2016) للنيبالي ديباك رونييار (المُشاركين في "نظرة أخرى").



دلالات

المساهمون