تصويرٌ دون أدوات

تصويرٌ دون أدوات

28 يوليو 2017
يشير حماد إلى أنه لم يحظ بأي دعم(العربي الجديد)
+ الخط -
لا يعترف الشاب عبد الرحمن حمّاد (20 عاماً)، من حيّ تل الهوا، جنوبي مدينة غزة، بالأوضاع الصعبة التي يمر بها القطاع المُحاصر. إذْ قرَّر كسر الإحباط وتطويع موهبته في تصوير "الماكرو" ليتميز فيها عن رفاق جيله.
غرفته تحوَّلت إلى مشغله الخاص بتصوير لقطات "الماكرو" الاحترافية، إذ يعتبر "الماكرو أو المايكرو"، فنّ تصوير الأجسام الصغيرة عن قرب، وتكديس أكثر من صورة وجمعها في صورة واحدة عن طريق الفوتوشوب، داخل استديو خاص، لكن حمّاد صنع استديو من الفلين الأبيض.

حكاية أي صورة تبدأ مع عبد الرحمن، حين يرى حشرة في حديقة منزله، إذ يقوم بالإمساك بها، وتجميدها وتنظيفها، ومن ثم تثبيتها داخل الاستديو. وقد يستغرقُ في الصورة الواحدة مُدّة تزيد عن ثلاث ساعات، مستخدماً تقنية "السوبر ماكرو" أو Focus Stacking، والتي تستخدم لتصوير أي شيء أو أي مُجسّم عن قرب.

ويقول عبد الرحمن حمّاد لـ"العربي الجديد"، إنّه اختار أصعب ما يمكن تصويره في الماكرو، وهو عالم الكائنات الحية الصغيرة، من حشرات وما شابه، مُعتبراً أنّه كلما زادت الصعوبة وحجم التحدي، زاد الفرح بالنتيجة، مضيفاً: "منذ صغري أحب التأمل في هذه المخلوقات الدقيقة، وبشكل عام أحب التصوير المقرب لجميع الأشياء، إذ إن نتيجته النهائية مبهرة".

ويوضّح أنّه لم يقرر في لحظة معينة البدء بتصوير "الماكرو"، إذ بدأ الأمر تدريجيّاً منذ الصغر، وكانت لحظة انطلاقه الأولى حين اشترى كاميرا زهيدة الثمن، وأدوات بسيطة، على الرغم من حاجة هذا المجال لكاميرات احترافية خاصة، وأدوات عالية الجودة، باهظة الثمن.

ويشير إلى أن هذا النوع من أنواع التصوير هو الأكثرُ كلفة لصاحبه، وأدواته غالية الثمن وليست متوفرة بكثرة في البلاد العربية، "لكني أوجدت لنفسي طرقاً بدائية، عملت بها ولا زلت أطور فيها، واستطعت الخروج بمجموعة صورة مختلفة، من صنيعة هذه الأدوات البسيطة".

ويتابع عبد الرحمن: "الأمر الغريب، هو أنني بت أشعر باقترابي من المستوى الاحترافي والمستوى العالمي الذي يؤهلني أن أدخل مسابقات عالمية، وأنافس بها غيري ممن يعيشون في الخارج، ويمتلكون أدوات خاصة بهذا النوع من التصوير، أتمنى فعلاً لو كانت موجودة بين يدي".

أما في ما يتعلق بالتحديات التي يواجهها حمّاد، فيوضح أن ندرة العمل في هذا المجال تحد من إمكانية وجود الأدوات اللازمة في قطاع غزة، ما يؤثر سلباً على وصوله للأداء الذي يريد، لافتاً إلى أنه، وفي الوقت ذاته، عوّض عن ذلك عبر تميزه عن غيره في مجال تصوير الماكرو، الذي أوجد له قاعدة كبيرة من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي.

ويتابع: "قمت بالتقاط صور لأنواع الدبابير المعدنية، كذلك صورة للعنكبوت القافز، استخدمت فيها إضاءة علوية فقط، ما زاد من حرفية الصورة. وكذلك التقطت صورة لرأس نوع من أنواع ذباب الأزهار وهي صغيرة جداً، وصورة أخرى لرأس نوع من أنواع النمل الطائر"، مبيناً أن بعض تلك اللقطات قد يحتاج إلى دمج 145 صورة في صورة واحدة، للخروج بالنتيجة الاحترافية المطلوبة.

ويشير حماد إلى أنه لم يحظَ بأي دعم، سوى بالتشجيع المعنوي من أهله وأصدقائه عبر إعجابهم بأعماله، إضافة إلى التشجيع المجتمعي، موضحاً: "لم يسبقني أحد بتصوير هذا النوع في قطاع غزة، ما دفع البعض لمناداتي باسم (مصور الماكرو)، علاوة على تزايد أعداد المتابعين".

المساهمون