مقاهي الكويت... من تجارة اللؤلؤ لكرة القدم

مقاهي الكويت... من تجارة اللؤلؤ لكرة القدم

07 مايو 2017
مقهى في الكويت (Getty)
+ الخط -
بدأت المقاهي الشعبية الكويتية بالظهور مع توافد المهاجرين القادمين من نجد والأحساء والعراق إلى الكويت قبل ثلاثة قرون، حيث كانت المقاهي ملاذاً للقادمين الجدد، ومكاناً لتجار اللؤلؤ لعقد صفقاتهم وتوزيع رواتب من يعملون معهم في السفن. 
ويقول المؤرخ الكويتي عبدالعزيز الشمري لـ "العربي الجديد": بدأت المقاهي الشعبية بالظهور مع تشكل الكويت الحديثة قبل ثلاثة قرون، حيث تأسست قهوة تسمى (قهوة بوناشي) ولا تزال موجودة إلى اليوم، وكانت هذه القهوة ملاذاً للتّجار القادمين من مختلف الأقاليم الأخرى لعقد صفقاتهم مع التجار الكويتيين، وللاستراحة فيها أيضاً، كما كانت متنفساً للكويتيين أنفسهم من عناء العمل".

ويضيف الشمري: "ومع تطور الزمن، ودخول عصر النفط، تطورت المقاهي الشعبية، ودخلت فيها المشروبات والدخان والأرجيلة، التي أصبحت عاملاً أساسياً في المقاهي الشعبية الحديثة في الكويت، وجاءت الأرجيلة، أو الشيشة كما تسمى في الكويت، عن طريق العمال الوافدين القادمين من مصر وبلاد الشام لبناء البلاد بعد استقلالها، وتحولت المقاهي الشعبية شيئاً فشيئا إلى أماكن تحاكي النمط المصري الخالص في ديكوراتها وفي الأصناف التي تقدمها للزبائن".

وعلى الرغم من التطور العمراني والطفرة الاقتصادية والتفاوت الطبقي الواسع بين المواطنين والوافدين في الكويت، إلا أن المقاهي الشعبية ما زالت تحافظ على ميزتها في جمع جميع فئات المجتمع تحت سقف واحد.

ويقول أشرف المحمدي، وهو عامل قهوة في منطقة الرقعي في الكويت، لـ "العربي الجديد": "كافة أفراد المجتمع يجلسون هنا في المقهى يومياً، بدءاً من عامل البناء الوافد، إلى وكيل الوزارة، وفي بعض الأحيان نواب البرلمان السابقون والأدباء والشعراء أيضاً، يجلس الجميع هنا جنباً إلى جنب يدخنون الشيشة ويشربون شاي الكشري المصري، ويتحدثون عن الأوضاع السياسية والاجتماعية في الوطن العربي".

وأضاف: "في وقت مباريات كرة القدم، تتحول القهوة إلى مكان مزدحم جداً، حيث يأتي أولئك الفقراء الذين لا يتمكنون من دفع أجرة الاشتراك في قنوات رياضية، ليشاهدوا المباريات ويتناقشوا حولها، هناك مقاهٍ فندقية وفخمة تقدم نفس الخدمة ونفس قائمة الطلبات وأنواع المشروبات الباردة والحارة، لكنها خاوية، بسبب أن الزبائن يفضلون الجلوس في الأجواء الشعبية غير المتكلفة والاختلاط مع الآخرين".

من جهته يقول محمد خليفوه، وهو من رواد المقاهي الشعبية لـ "العربي الجديد": "يختلف دور المقهى في الكويت عن دور المقاهي في لبنان ومصر مثلاً، الكويتيون يفضلون الجلوس في الدواوين (مجالس المنازل) والخوض في الأمور السياسية والاجتماعية بشكل تام، حرصاً على الخصوصية، وابتعاداً عن أعين الناس، كما أن الكثير منهم لا يطيق رائحة الشيشة، بينما في مصر مثلاً يختلف الوضع إذ تجد أن المقهى يصبح ملتقى سياسياً بين أفراد الشعب وقد تنطلق الأحزاب من المقاهي بينما تنطلق التيارات والأحزاب في الكويت من الدواوين".
ويضيف خليفوه: "لكن السمة المميزة للمقاهي في الكويت أنها تجمع بين الجميع ولا تفرق بينهم، إذ أن كافة فئات المجتمع من الأغنياء والفقراء يجلسون متجاورين يدخنون الشيشة ويتجاذبون أطراف الحديث العابر، وهو ما لا يوجد في الدول الأخرى إذ أن لكل طبقة هناك مقاهيها الخاصة".

وكانت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في دولة الكويت، قد قررت افتتاح مقاهٍ شعبية خاصة بالعوائل، في مناطق متفرقة من البلاد، على الشريطة الساحلي، بعيداً عن أماكن الشيشة والتدخين، حيث يجتمع فيها كبار السن والأطفال، وتوجد فيها ألعاب ترفيهية ومطاعم بأسعار مدعومة من الدولة بعيداً عن الشكل العام المُتَصور للمقاهي.

المساهمون