هوليوود والحرب العالمية الثانية في عملٍ لـ"نتفلكس"

هوليوود والحرب العالمية الثانية في عملٍ لـ"نتفلكس"

08 ابريل 2017
كوبولا في المسلسل الوثائقيّ لـ"نتفلكس" (فايسبوك)
+ الخط -
فَقَد ويليام وايلر (1902 ـ 1981) حاسّة السمع، وكَفّ جورج ستيفنز (1904 ـ 1975) عن إخراج الأفلام الكوميدية، وعانى جون هيوستن (1906 ـ 1987) ارتباكاتٍ نفسية، توصف حالياً بأنها "اضطرابات ما بعد الصدمة". هذا كلّه حصل بعد 5 أعوام على تصويرهم "مشاهد الموت والدمار"، أثناء الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945).

لكن هؤلاء المخرجين الأميركيين الـثلاثة ليسوا الوحيدين الذين "غيّرتهم تجربة توثيق تلك الحرب"، إذْ شاركهم فيها فرانك كابرا (1897 ـ 1991) وجون فورد (1894 ـ 1973).
أما سبب استعادة هذه الملاحظات، فكامنٌ في قيام الشبكة الأميركية "نتفلكس" بإنتاج "عودة الخمسة" (Five Came Back)، وهو مسلسل وثائقي للفرنسيّ لوران بوزيرو (1962)، بثّته الشبكة نفسها، للمرّة الأولى، في 31 مارس/ آذار 2017.

أظهر الوثائقي أن "هوليوود نفسها تغيّرت"، وأن "أفلامها اكتسبت واقعية جديدة في عرضها للحروب، وتأثيراتها على الذين خدموا فيها، وعلى الذين بقوا في الخطوط الخلفية".
ونقلت وكالة الأنباء الإنكليزية "رويترز" عن مارك هاريس (1964)، الصحافي الأميركي ومؤلّف الكتاب الذي اقتُبس الوثائقيّ عنه، قوله إن "تأثير الحرب على هؤلاء الرجال كان عميقاً"، مضيفاً أن تجربتهم في تصوير الأفلام الوثائقية والقصيرة "شجعتهم على الاستقلالية والذاتية، وجعلتهم يسعون، بجدّ أكبر، إلى أن تكون أفلامهم التي قدّموها في هوليوود أكثر واقعية وآنيّة".

يستعيد الوثائقيّ روايات المخرجين الـ5 هؤلاء، أثناء مشاركتهم في الحرب، مضيفاً إليها تعليقات مخرجين حاليين، كستيفن سبيلبيرغ (1946)، وفرانسيس فورد كوبولا (1939). يُذكر أن المخرجين الـ5 لم يشاركوا في القتال، "لكنهم صنعوا مستقبلاً زاهراً، تركوه لأعوام عديدة، عبر أشرطة أنجزوها أثناء تلك الفترة". هم شاهدوا، أيضاً، "عنفاً حقيقياً"، أثناء تصويرهم نقاط التحوّل الحاسمة في تلك الحرب.

في هذا الإطار، قال سبيلبيرغ إنه قبل دخول الولايات المتحدة الأميركية الحرب، "كان المشاهدون معتادين على ما تصنعه هوليوود لهم من حروب معقَّمة، القتال فيها خالٍ من الدماء". غير أن وايلر وكابرا وهيوستن وفورد وستيفنز التقطوا الواقعية القاتمة للمعارك، في حملة شمال أفريقيا، كما في تحرير باريس وروما، ثم في معسكر اعتقال "داكاو"، وهو "أول معسكر يُنشئه النازيون، ويقع على بُعد 17 كلم إلى الشمال الغربي من ميونيخ".
بعد عودتهم إلى هوليوود، شهد مستقبلهم المهنيّ "نقطة تحوّل فارقة": حصل "أجمل أعوام حياتنا" (1946)، لوايلر، الذي تناول إعاقات المحاربين القدامى، على 9 جوائز "أوسكار"، في دورة العام 1947، في فئات أفضل فيلم، وأفضل إخراج، وأفضل ممثل (فرديريك مارش)، وأفضل ممثل في دور ثانٍ (هارولد راسّل)، وأفضل سيناريو أصلي (روبرت إي. شيروود)، وأفضل تصوير (غريغ تولاند)، وغيرها، بالإضافة إلى "أوسكار" شرفيّ لهارولد راسّل، وجائزة "بافتا" البريطانية في فئة أفضل فيلم، في دورة العام 1948.

كما أخرج كابرا "إنها حياة جميلة" عام 1946، الذي يُشكِّل تحوّلاً أساسياً في مساره المهنيّ، والذي يُعتبر ـ منذ أعوام عديدة ـ أحد أبرز "كلاسيكيات السينما العالمية". أما ستيفنز، الذي كان "أحد أمهر صنّاع الكوميديا الموسيقية" في ثلاثينيات القرن الـ20، فحقَّق فيلماً عن "داكاو"، بعنوان "معسكرات الإبادة النازية" (1948)، تمّت الاستعانة به أثناء "محاكمات نورمبرغ"، المتخصّصة بجرائم الحرب النازية، التي أُقيمت بين 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 1945 والأول من أكتوبر/ تشرين الأول 1946.

يُشير الوثائقي، أيضاً، إلى أنّ المعاينة الحسّية والمباشرة لأهوال تلك الحرب، وللجرائم النازية تحديداً، هزّت الكيان النفسيّ لستيفنز كثيراً، ودفعته إلى التخلّي عن "السينما الكوميدية"، والانتقال إلى نمطٍ جدّي في صناعة الأفلام، وأبرزها "مذكّرات آنا فرانك" (1959).
(العربي الجديد)

المساهمون