أسواق القاهرة: طبلة وبخور لجلب الزبائن

أسواق القاهرة: طبلة وبخور لجلب الزبائن

28 مارس 2017
انفلتت الأسعار في أسواق القاهرة (العربي الجديد)
+ الخط -
في السنوات الأخيرة، انتشرت سلاسل محلات شعبية، كان هدفها منذ البداية توفير سلع استهلاكية للمصريين بأسعار في متناول الطبقة الكادحة. كانت تلك المحلات لا تعرف طبقات أخرى من الزبائن الذين اعتادوا التسوق من المولات الكبيرة والمحلات ذات العلامات التجارية المشهورة.

ومع تغيّر الأوضاع الاقتصادية، أصبح من اللافت جداً للجميع في الآونة الأخيرة توافد النوعية الأخيرة من الزبائن على المحلات البسيطة، بل وشكواهم من الأسعار. لم تتغير سياسة البيع، ولكن ارتفاع الأسعار بطريقة جنونية رفع المحلات ذات البضائع الرخيصة إلى مصاف الأسواق السياحية.

لم يكن وسط القاهرة بعيداً عن تلك الموجة السعرية المنفلتة بلا رقيب ولا حسيب؛ فأن تجد "دكاناً" أو حتى موطئ قدم على أحد أرصفة شوارع القاهرة القديمة أو الإسلامية تبيع فيه أي شيء، فمن الممكن أن ينقلك إلى مصاف الأغنياء في غضون أشهر قليلة. فالمكان مزدحم بالزبائن طوال اليوم وعلى مدار العام. كان التجار يتقاتلون على شوارع مثل الغورية والمعز والصاغة وجميع الحواري والأزقة المتفرعة من شارع الأزهر والعطارين والحمزاوي والتربيعة وغيرها من أماكن بيع المنتجات الاستهلاكية.

أحد تجار العاديات والتحف، وهو من قدامى تجار شارع المعز، جلس يضحك على ما يحدث وهو يضرب كفّاً بكف، ويقول: "منذ عام فقط لم أكن أستطيع مجاراة الزبائن ولا طلباتهم بسبب ضيق المكان وكثرة المشترين. كان عدد عمال المحل أكثر من مساحته بالأمتار، والآن أجلس مع ابني نتفرج على (الرايح والجاي) ولا أحد يفكر حتى بمعاينة البضاعة".

يحاول ابن البائع أن يلفت نظر الزبائن لمحله، مستخدماً طبلة كالتي تستعمل في الأفراح والحفلات، يقول: ربما كانت الزبائن لا ترى المحل أو أن هناك من وضع لنا تعويذة تخفينا عن أعين الناس.

بائعون آخرون يطلقون البخور ويديرون ماكينات إطلاق الروائح العطرية لجذب الزبائن المنتظرين لحل أزمات التجار، وقد شوهد بعض عمال المحلات العاطلون عن البيع والشراء وهم يتراقصون ويدورون في حلقة أمام أحد المحلات على إيقاع الطبلة كأنهم يصنعون (الزار) من أجل كسر "النحس" كما يقولون، وقد تحدث أحدهم ضاحكاً متندراً على الحال: "همّ يضحك وهمّ يبكي". باعة الذهب أصبحوا يضعون مشغولات من الذهب الصيني الرخيص والفضة المخلوطة بالألمونيوم والمعادن الأخرى لتوفير سلعة في متناول الشباب الراغب في الزواج بعد أن ارتفعت أسعار الذهب إلى أرقام فلكية، ففي خلال أقل من عام واحد فقط، تضاعف سعر المشغولات الذهبية بصورة أثرت سلباً على حركة البيع والشراء.

فَقد العديد من العاملين في المحال التجارية في مناطق الصاغة والحسين والأزهر أعمالهم بعد أن استُغني عنهم لقلة المبيعات وركود التجارة، بينما أصبحت الوفود الذاهبة لوسط البلد هدفها الأكبر الفسحة والتندر بمشاهدة معروضات لم تعد تجد من يشتريها، فقد أصبحت المستلزمات الأساسية للحياة تلتهم كل دخل الأسرة المتوسطة، ولا فائض لشراء شيء آخر. كما أصبح معيار الزواج عند كثير من الشباب والتفاضل بين الفتيات بمقدار ما تستغني عنه العروس وأهلها من طلبات الزواج ومظاهر الفرح.

ومع زيادة أسعار السلع والمواصلات ورفع الضرائب وخفض العملة... إلخ؛ ما يزال المسؤولون الحكوميون يؤكدون على أن ذلك يصب في مصلحة "المواطن"! مع تصريحاتهم بأن الإجراءات التقشفية لم تنته بعد، ولن تنتهي في المستقبل القريب!



المساهمون