فلكلور هندي ضد منظمات حقوق الحيوان

فلكلور هندي ضد منظمات حقوق الحيوان

06 فبراير 2017
استطاعت بعض المنظمات أن تلغي هذه الظاهرة (Getty)
+ الخط -
عندما نذكر كلمة "مصارعة الثيران"، ستتبادر إلى أذهاننا العديد من الصور، بدءًا من صورة الماتادور وهو يرفع القماشة الحمراء في الحلبة أمام الثور الهائج، وصولاً إلى علم إسبانيا التي ارتبطت شُهْرة هذه الرياضة بها.

إلا أن إسبانيا ليست البلد الوحيد الذي تمارس فيه تلك الرياضة، كما هو شائع، فهناك العديد من الدول التي عرفت هذه الرياضة ومارستها، كالبرتغال وفرنسا والأرجنتين والبرازيل والهند، ولكنْ تمّ حظرها في بعض هذه الدول، بسبب مخالفة هذه الرياضة لقوانين حقوق الحيوان.


وفي الهند، لا تُعتبَر مصارعة الثيران رياضة وحسب، فهي إحدى الشعائر المقدسة لدى الهندوس، وجزءاً أساسيّاً من موسم الحصاد "بونجال"، ويعتبر الهنود مصارعة الثيران تقليداً هاماً، وإرثاً شعبياً يمثّل حضارتهم، فالهنود يحيون مهرجاناً سنوياً، تشكل قوامه الرئيسي مصارعة الثيران، منذ أكثر من 500 سنة.

وفي عام 2014، استطاعت بعض منظمات المجتمع المدني، ومنظمات حماية الحيوان، ومنها منظمة حقوق الحيوان الأميركية، "بيتا"، أن تضغط على الحكومة الهندية لحظر المهرجانات والشعائر التي تتم بداخلها تلك الرياضية، ومن ضمنها مهرجان "جاليكاتو".

واستند قرار هيئة المحكمة العليا حينها، على ازدياد عدد ضحايا هذه اللعبة في المهرجان آنف الذكر، إذ وصل عدد الضحايا والمصابين في تلك السنة إلى 1200 شخص، ناهيك عن الطريقة الهمجية التي يتم فيها قتل عدد كبير من الثيران.

فليتمكن القائمون على اللعبة من تهييج الثيران، يقومون قبل الاحتفال بفرك مادّة الفازلين على عيني الثور، لتشويش قدرته البصرية، ويرشون مادة حارقة على أسفل قدميه، لمنعه من التوقف عن الركض، إضافة إلى تكسير إبر داخل جلد الثور، لمنعه من الجلوس أثناء المصارعة، ومن أجل السيطرة على الثور يُضرَب ويطعَن بالسكاكين، ويلوى ذيله.

ومع بداية العام الجديد، انطلقت عدة حملات على وسائل التواصل الاجتماعي، لرفع قرار الحظر والدفاع عن ذلك الفلكلور، وترجمت تلك الحملات بإضراب شمل قطاع التعليم، فتوقفت بعض المدارس، وأضرب الموظفون عن العمل في القطاعات الخدمية، وأغلقت العديد من المطاعم والفنادق، وأعلنت تضامنها مع الحملة.

وأقام الناشطون في الهند، أيضاً، مظاهرات يوميّة حاشدة، وهاجموا بشكل مباشر منظمات حماية الحيوان، وحملوها مسؤولية طمس جزء هام من أعرافهم وتقاليدهم وإرثهم الشعبي.
وبادر العديد من فناني "بوليوود" إلى دعم تلك الحملة على وسائل التواصل الاجتماعي، ومنهم من شارك في المظاهرات أيضاً، مثل الممثل راجينيكانت وكمال حسان، وانضم، إيه آر رحمن، الفائز بجائزة "الأوسكار" عن الإخراج الموسيقي لفيلم "سلمدوج مليونير" إلى مظاهرة طلابية احتجاجية.


ورغم أن الحكومة قامت بحجز واعتقال بعض المتظاهرين، ورغم مكافحتهم بالغاز المسيل للدموع، إلا أنّ المتظاهرين ظلوا مصرّين على مطالبهم، وأدى الضغط الشعبي إلى جعل الحكومة تتراجع عن قرار الحظر بشكلٍ مُؤقّت. وسمحوا للناس بإجراء مراسيم المهرجان في ولاية "نادو" قبل قرابة 10 أيام، ومات بالاحتفالية الأخيرة شخصان، وأصيب 90 غيرهم، ولم تذكر التقارير عدد الثيران التي لقيت حتفها بتلك اللعبة!


ويبقى السؤال الأهم: هل تبرر عراقة هذا الطقس، ذي الطابع الإجرامي، استمراريته؟ وهل يشرّع القبول العام للجريمة تنفيذها؟ وهل يجب أن تكون سعادة الإنسان على حساب تعذيب وقتل كائنات أخرى على سطح هذا الكوكب؟


دلالات

المساهمون