"على كف عفريت"... يجذب التونسيين إلى القاعات

"على كف عفريت"... يجذب التونسيين إلى القاعات

07 ديسمبر 2017
من فيلم "على كف عفريت" (فيسبوك)
+ الخط -
على الرغم من انتهاء الدورة 28 لأيام قرطاج السينمائية، لا يزال إقبال الجماهير على قاعات السينما متواصلا خاصة بعد الانطلاق في عرض فيلم "على كف عفريت"، لكوثر بن هنية، في القاعات، وهو الفيلم الذي شارك في مهرجان "كان" السينمائي ونال جائزة الاتحاد العام التونسي للشغل كأفضل سيناريو لهذه الدورة.
ويعود ذلك إلى أن اسمها أصبح مقترنا بالنجاح، خاصة بعد إحراز فيلم "زينب تكره الثلج" على "التانيت الذهبي" في الدورة 27 للأيام. لكن الإقبال الجماهيري الكبير على هذا الفيلم بالذات ليس بسبب الجوائز فقط، إنما لأن القصة المستوحى منها هي قصة حقيقية هزت الرأي العام في تونس سنة 2012 وكذلك للظرفية القانونية التي تعيشها البلاد أخيرا.
"البلاد على كف عفريت وأنت تحب تشكي؟"، يصرخ الشرطي في وجه الضحية، أي أن جريمة الاغتصاب ليست من الأولويات في ظل الاهتزازات التي تعيشها البلاد.
"على كف عفريت" هو فيلم حاكت فيه كوثر بن هنية الواقع بالخيال واستمدت أحداثه من كتاب "ذنبي أنني اغتصبت"، للضحية مريم بن محمد (وهو اسم مستعار)، الذي تروي فيه تفاصيل حادثة الاغتصاب التي تعرضت لها على يد عونيْ شرطة بمنطقة عين زغوان.

ينقسم الفيلم إلى تسعة فصول تدور فيها أحداث ليلة عاشتها مريم الفرجاني التي جسّدت شخصية مريم الشاوش مصوّرة على طريقة "الوان شوت" أو "اللقطة الطويلة"، ويتراوح طولها بين الـ10 والـ18 دقيقة، وهو ما جعل بن هنية تعتمد على ثلة من الممثلين المسرحيين، مثل الشاذلي العرفاوي ونعمان حمدة وغانم الزرلّي نظرا لتمكنهم من النصوص الطويلة وكذلك لإيصال مدى طول تلك الليلة وتمطط ساعاتها في السعي بين المستشفيات ومراكز الشرطة. ليلة تنطلق في جو احتفالي تعيشه مريم مع زميلاتها وزملائها في الجامعة وتنتهي بين مركز الشرطة والمستشفى حيث تحاول رفع قضية ضد مغتصبيها من أعوان الشرطة. لم تكن حادثة الاغتصاب في حد ذاتها مصورة، لكن ما عاشته مريم في تلك الليلة كان كافياً لترسم جلياً ما حل بها للمتفرج، كذلك حتى تظهر المخرجة أن ما هو أقسى من الاغتصاب نفسه، هو ما بعد الاغتصاب.
في غياب تام لمبادئ الإنسانية والشفقة وبين إجراءات المستشفى والمعاملة السيئة من جهة وتواطؤ أعوان الأمن للتستر على زملائهم ومحاولتهم الضغط على مريم حتى تتراجع وتسحب شكواها من جهة أخرى، تنهار الفتاة أمام ما تعرضت له من إهانات وتجريح وكأن الاغتصاب أصبح ثانويا أمام ما تتعرض له من ضغط، فتقرر العدول عن شكواها لولا إصرار يوسف (غانم الزرلي)، صديقها الذي رافقها طوال الليلة، على التمسك بحقها. لسائل أن يسأل عن السبب وراء تهافت الجماهير الذي تجاوز كل التوقعات على هذا الفيلم رغم أن خطوط القصة العامة معروفة عند الشارع التونسي، بل كانت حديث كل المنابر الإعلامية المحلية والعالمية آنذاك وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي. أظن أن الدافع هو أعمق من هذا، لسببين وهو ما يُسمى بـ"الظرفية القانونية"، يأتي على رأسها هو انتفاضة النساء حول العالم وفي تونس خاصة ضد كل أنواع التحرش ابتداء بفضيحة وينستاين، كيفين سبايسي، حملة "أنا أيضا" مرورا بحملة "المتحرش ما يركبش معانا" في تونس وغيرها من الحملات والحوادث التي تطفو هنا وهناك.

دلالات

المساهمون