شخصيات تقول شيئاً وتفعل نقيضه

شخصيات تقول شيئاً وتفعل نقيضه

18 ديسمبر 2017
دعا نصرالله إلى التغريد رداً على ترامب(محمود زيات/فرانس برس)
+ الخط -
أفادت تقارير صحافية بأن مكافح الفساد الأول ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، هو مشتري لوحة الفنان ليوناردو دافنشي "مخلّص العالم" بـ450 مليون دولار أميركي، قبل أن تتوالى التقارير وتستقر أخيراً على أن متحف اللوفر في أبوظبي استحوذ عليها.

وكانت المفاجأة الأكبر أن ولي العهد ليس من الشخصيات التي لها شهرة سابقة في مجال اقتناء اللوحات الفنية الباهظة الثمن، ما دفع الاستخبارات الأميركية للتساؤل عن غايته من اقتنائها. ولكن يبدو أن له في ما يفعل مآرب أخرى، ولا سيما أنه من أطلق شعار "الضرب بيد من حديد" في وجه كل فاسد ينهب أموال الشعب، حتى لو كان من أبناء الأسرة الحاكمة. 

هذه الازدواجية في المعايير، والجمع بين الشيء ونقيضه، أصبحت علامة مسجلة عند بعض زعماء منطقتنا والعالم، فالرئيس الأميركي دونالد ترامب يتغزل بنفسه، ويطلب من الحاضرين أن ينهلوا من درر كلامه، ويزعم أنه يقول أجمل الكلام، في حين أنه أصبح محط سخرية الإعلام الأميركي من كثرة ما يتفوه بكلمات لم ترد في أي من معاجم اللغات الحية أو الميتة.

وكثيراً ما تَفَاصحَ خلال خطاباته السابقة بكلمات غريبة، فاعتقد الأميركيون أن رئيسهم متعدد اللغات، ثم اتضح لهم أنه يعني لا شيء، ما دعاهم للتساؤل عن حالته الصحية والنفسية، خاصة وهو يلقي خطاب الأربعاء، 6 ديسمبر/كانون الأول 2017، الذي أعلن فيه "متلعثماً" نقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة، وبالتالي سيعيد المواطنون النظر في أفعاله التي تعبر عما بداخله من عنصرية ونازية، وتأتي تلبية لوعود قطعها على نفسه أمام ناخبيه قبل خمسة عشر شهراً من الآن.

وكان الممانع حسن نصرالله قد صدع رؤوسنا ورؤوس العالمين، على مدى سنين طويلة، بأن لديه صواريخ تصيب أهدافها في حيفا وما بعد حيفا، وإذا بصواريخه لا تتجاوز المنصة الخطابية في ضاحية لبنان الجنوبية، ولعل هذا ما اضطره لاستبدالها بسلاح فتاك آخر كان، على ما يبدو، يخبئه للحظات الحاسمة والفاصلة من معركته مع العدو، فعندما أعلن ترامب، الأربعاء، اعترافه بالقدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، توجه إلى مؤيديه بخطاب لاهب دعاهم فيه إلى التغريد بكل ما أوتوا من قوة عبر "تويتر" ضد القرار، عسى أن يرتدع ترامب والصهاينة عن أفعالهم.

واستكمالاً للحديث عن الممانعة، نشر موقع إلكتروني مؤيد للنظام السوري اسمه "يوميات قذيفة هاون"، أن وزير مالية النظام السوري، مأمون حمدان، استغرب حينما رأى أحد المواطنين السوريين مبتسماً. فكأن الأصل هو أن يبقى المواطن عابساً. وفي مواقع أخرى نُشر مقطع فيديو للوزير نفسه وهو يتعرض لاستجواب أمام مجلس الشعب، وحينما يجري الحديث عن الجوع ينفي وجود أي مواطن جائع في سورية، ويضرب بنفسه مثلاً قائلاً "أنا أجوع، ليس لأنني لا أمتلك ثمن الطعام، ولكن لأنني لا أجد الوقت الكافي لكي آكل".

الحقيقة أن من حق الوزير مأمون حمدان أن يندهش من وجود مواطن مبتسم، وأن يُنَكّت على جوع السوريين، فهو وزير لدى نظام تقصفه الطائرات الإسرائيلية في موقع، فيحتفظ بحق الرد ريثما يهتدي إلى بلدة سورية ليقصفها، وهو نفسه الذي وعد الموظفين السوريين بزيادة رواتبهم، ولم يفِ بوعده.

والمهم في الموضوع، أخيراً، أن يستفيد الممانعون والمقاومون ومحاربو الفساد جميعهم من السلاح الاستراتيجي الجديد الذي اهتدى إليه حسن نصرالله، ألا وهو: التغريد على "تويتر".

المساهمون