بورتوبيلو... سوق شعبية يقصدها الرؤساء والفنانون في لندن

بورتوبيلو... سوق شعبية يقصدها الرؤساء والفنانون

13 ديسمبر 2017
تتنوع السوق في معروضاتها وزبائنها (تولغا أكمن/فرانس برس)
+ الخط -
"لا داعي للقلق. لدي عنوان الرئيس في الولايات المتحدة. سوف أرسل الفاتورة لمقر إقامته"، كانت هذه الجملة التي وضعت مالك مطعم المأكولات البريطانية الخفيفة في سوق بورتوبيلو في العاصمة البريطانية لندن في مقدمة لائحة زوار السوق.
كان ذلك عندما زار الرئيس الأميركي الأسبق، بيل كلينتون، السوق في إحدى زياراته إلى بريطانيا، وتوقف عند المحل لأكل وجبة خفيفة. لكن الأهم في القصة هو أن كلينتون ترك من دون أن يدفع الفاتورة، لأن التيار الكهربائي انقطع في المنطقة فجأة ولم يستطع صاحب المطعم أن يفتح الصندوق لأنه يعمل إلكترونيا، ولذا خرج الضيف الكبير من دون دفع ثمن ما أكل.
ليس كلينتون وحده من قصد هذه السوق، بل زارها رؤساء دول آخرون وسياسيون وفنانون، كما يقصدها الرواد السائحون وأهل لندن.
شيدت السوق في شارع ريفي يربط ما بين نوتينغ هيل وكينزال غرين، وكان يؤوي الكثير من المهاجرين في بداية القرن العشرين من مختلف بلدان العالم، ومنهم جالية مغربية كبيرة، قدموا إلى لندن بغية تحسين حياتهم، وذلك إبان الستينيات وعملوا في البريد البريطاني أو ما يعرف بـ"البريد الملكي"، قبل أن يتحول معظمهم إلى ملاك محلات المواد الغذائية والمطاعم المغربية وغيرها، لتضيف تنوعاً من نكهة أخرى وتمتزج بنكهات هذا الشارع المتنوع، التي وردت إليه من كل بقاع الأرض، حاملة معها عادات وتقاليد بل وموسيقى تأخذ السائح في زمن قياسي إلى جزر الكاريبي، أو الصين، وإلى أفريقيا وصولا إلى التبت وسكان أميركا الأصليين، ليتحول بعدها إلى مقصد الأغنياء وأثرياء المدينة الذين جعلوا منه مسكنا لهم.
وقال صاحب كشك للمأكولات البحرية، عبد الله البقالي، لـ"العربي الجديد: "لقد استُقدم أبي من شمال المغرب عام 1959 للعمل في البريد، وكنت حينها في الرابعة من عمري، كان هذا الشارع عبارة عن سوق محلية بسيطة لبيع المواد الغذائية، وكانت عائلتي ضمن الأوائل الذين بدأوا بيع أطعمة غير بريطانية هنا، اعتمدنا على جلبها آنذاك من بلجيكا وفرنسا قبل أن تتحول السوق إلى ما هي عليه الآن. لدي زبائن عرب كثيرون وغيرهم من الأجانب. أصبح العديد منهم من زوار مطعمي وبشكل أسبوعي منذ أكثر من 15 عاما".
إلا أن بورتوبيلو استفادت في حقبة ازدهار منطقة بادينغتون القريبة من السوق، وزيارة أثرياء تلك المنطقة الذين كانوا يقصدون البسطات والمحلات الصغيرة التي بدأت تظهر في الشارع، الذي أصبح عنوان التسوق لسكان المناطق المجاورة المقتدرين ماديا.
طرأ التحول على شارع بورتوبيلو في عام 1906 حين بدأ يأخذ شكلاً جديدا مع بناء المنازل السكنية، التي كانت مخصصة للأثرياء، إذ لا تزال الشرفات الأنيقة التابعة لتلك المنازل شاهدة على التحول الذي شهده الشارع منذ تلك الفترة. كما تتميز الأبنية بألوانها الزاهية، التي تذكرك ببيوت بعض أحياء المهاجرين في سان فرانسيسكو، وكان يتم تأجير قبو المنازل الفخمة للطبقة الفقيرة التي كانت تعمل في السوق.
كانت البسطات في سوق شارع بورتوبيلو لغاية عام 1940 تبيع الخضراوات والمأكولات مثلها مثل أي سوق أخرى في لندن، ولا تزال بعضها على هذه الحال لغاية يومنا هذا، إلا أن اختيار تجار الخردة والأدوات المستعملة وقع على هذا الشارع ليصبح بعدها من أهم عناوين بيع الأنتيكات وأكبر سوق للتحف في العالم، ويخصص لغاية يومنا هذا يوم السبت والأحد لبيع القطع القديمة والأنتيكات بمختلف أنواعها، وعلى الرغم من تطور السوق إلا أنها لم تتخل عن أصلها ولا تزال تعرف ببسطاتها المنتشرة في الهواء الطلق، والمخصصة لبيع المأكولات والخضراوات والفاكهة متحدية طقس المدينة القاسي أيام فصل الشتاء.
وفي حديث مع أحد زوار الشارع، روبرت سميث، قال لـ"العربي الجديد": "أنا أزور هذا المكان منذ سنوات في رحلتي للبحث عن الكنوز العتيقة، ويجب أن أعترف أن هذا المكان عبقري. هنا يمكنك أن تجد كل ما تبحث عنه. أنا لا أبحث فقط في الشارع، ولكن أيضا أدخل إلى المنازل وأنزل إلى قبواتها، وأستمتع بمحاولة المساومة، أسأل البائع إذا كان هذا هو أفضل سعر، يتردد قليلا، لكن غالبا ما يتم تخفيضه بضعة جنيهات، وهذا جيد. لقد اشتريت من هنا أدوات فضية ولوحات بعتها بسعر جيد جدا كما الأدوات الفخارية والبورسولان الصيني، إضافة لمعاطف الفرو غالية الثمن. لكن الجزء المسلي من هذا الشارع هو الاستمتاع بمرطبات طازجة وكذا بساندويتش حمص وفلافل وزيتون. إنه رائع".



المساهمون