شاشات 2017: ضيق المساحة وانعدام المضمون

شاشات 2017: ضيق المساحة وانعدام المضمون

10 ديسمبر 2017
أحلام ضحية الصراع السياسي (تويتر)
+ الخط -
عشرون يوماً، وتطوي سنة 2017 أيامها. عامٌ، لم يكن جيداً بالنسبة لوسائل الإعلام المرئية العربية عموماً. الاستهداف السياسي لهذه المحطات أصبح الشغل الشاغل. المملكة العربية السعودية تطوي 25 عاماً من عمر أول مؤسسة فضائية عربية هي MBC التي تعيش واقعاً مجهولاً، هو أشبه بقرار تأميم المحطات ووسائل الإعلام ذات الهوية السعودية، وإلحاقها بالإعلام الرسمي التابع للدولة. 

قبلَ أيّام، طُرِدَت المذيعة الأردنيَّة، عُلا فارس، من مكان عملها في MBC، من أجل تغريدة لم تعجِب السعوديين، على موقع تويتر. هكذا ببساطة، يُنسَف عمل مقدمة برامج فضّلت العمل في محطة لها صيتها وشهرتها قبل سنوات. تغريدة عُلا لم تكن الأولى التي تسبّبت في طرد عاملةٍ في مؤسسة إعلامية لها شهرتها. الفنانة أحلام، وقبل شهر واحد، استبعِدَت من لجنة مدربي برنامج "ذا فويس" في النسخة العربية. واختيرت مكانها زميلتها الكويتية نوال، لتكون في اللجنة. لكنّ البرنامج أوقف بالكامل، وكان من المفترض البدء بعرضه مطلع كانون الأول/ديسمبر الحالي، لكنَّ ما حصل أخَّر البرنامج وأعاد المحطة إلى نقطة الصفر بعدما صوِّرَت منه 11 حلقة. هذه المساحة الضيّقة في التعاون مع موظفين وفنانين لمجرد إبداء الرأي، أو تأييد فكرة مدونة، يفتحُ الباب أمام صراعاتٍ مستجدّة بين أبطال هذه المؤسسات والحالة العامة لمستقبل إعلام بات مجهولاً. فيما لم يستبعد أن تكون إدارة التموضع الجديدة لهذه المحطات، واتخاذ إجراءات جديدة بشأن الإنتاج، هي ما يعمل عليها مسؤولوها في المرحلة الحالية. بينما التزم المسؤولون الحاليون داخل المؤسسة الصمت تجاه القضية التي تحيط بانقلابات المملكة، والقضايا المعلقة دون إجابات شافية.

في لبنان، الوضع ليس أفضل حالاً، ولا نبالغ لو قلنا إن المحطّات اللبنانيّة بدأت تعاني من إفلاس في نوعية البرامج المطروحة أو المعروضة، على الرغم من السعي للبحث عن إنتاج يليق بالمشاهدين من قبل البعض، إلا أنَّ حالات كثيرة تبدو نافرة، ولا تقدّم أفكاراً جديدة.

شاشات لبنان
الفكاهة والدراما هما العنوان الأبرز لما يشغل بال المحطات اللبنانية اليوم. والتنافس هو أحياناً على السبق الإخباري لتوظيفه في الميديا البديلة لرفع مستوى المتابعة، أو ما بات يُعرف بالـ"رايتنغ" من دون البحث عن مضمون جيد. برامج هزلية تقدم مساء كل ثلاثاء بشكل أسبوعي تضيق فيها مساحة الأخبار الجديدة أو التعليقات المبتكرة، والتي يبحث عنها المشاهد. وجبات مُستنسخة عن مواقع التواصل الاجتماعي لصورة أو "فيديو" أو قرار سياسي، أو تصريح لأحد المشاهير، وطرحه من باب الاستهزاء بعيداً عن أي معايير خاصة بهذا النوع من البرامج تحديداً، والتي تُسمى بـ "ستاند آب" كوميدي.

وأحوال الدراما اللبنانية هذه السنة لم تحرز أي تقدم يذكر. لا يزال لبنان يفتقد لكتّاب أو نصوص، تقوم على مرجعية متكاملة من السرد والتبسيط والحبكة لتبلغ مرحلة التحول إلى مسلسل يستحق المتابعة. وحتى الدراما المُشتركة دخلت باب المزايدات الترويجية، وتعتمد في معظمها على نجومية الفنان أو الفنانة وتفتح سجالاً طويلاً من النقاش. الممثل السوري تيم حسن لم يحقق في "عائلة الحج نعمان"، وهو مسلسل مصري يُعرض حالياً، ما حققه حسن نفسه في أعماله المشتركة، والتي تتبنى المحطات اللبنانية عرضها أو الترويج لها، وتُباع بأسعار مرتفعة إلى الفضائيات الخليجية، وتحقق بالمناسبة أعلى نسبة مُتابعة.

هذه المفارقة تبسط الأمر، وتؤكد أن الـ "رايت" مهما ارتفع منسوبه هو مجرد "ضحكة" تروج لها المحطات بطريقة ذكية من باب المصارعة نفسها مع محطات ثانية. البرامج ذات المنحى الاجتماعي، والتي تحفل بها شاشات يوم الإثنين في لبنان، لا تخرج عن إطار عرض المشكلة ومحاولة معالجتها على الهواء دون متابعتها لاحقاً.

شاشات العرب
لم تقدّم المحطّات التلفزيونيّة الفضائيّة جديداً هذه السنة أيضاً. ولو أنَّ الصراع على برامج المنوعات هو العنوان الأبرز لأسلحة هذه المحطّات خارج شهر رمضان، والذي يُعتبَر موسمًا للدراما العربية عموماً.

MBC حاولت، نهاية هذه السنة، الخروج من روتين بعض الإنتاجات التي تقدمها. غاب "آيدول" لسنة كاملة، فاختارت "فويس"، وأعادته إلى شاشتها. لكن فرحتها بـ"فويس" لم تكتمل، فتوقّف لأسباب سياسيّة أخرجت منه المغنية أحلام، بينما تحاول المبارزة من جديد في نسخة الأطفال من "فويس" التي تعرَض حالياً، واستنجدت بالتالي ببعض الشركات التجارية في دُبي لتؤازرها في إنتاج وتقديم "توب شيف" الخاص بأمهر طباخ يفوز باللقب. و"بروجكت رانوي" الخاص باختيار أفضل مصمم أزياء. بينما تواجهها محطة دبي ببرنامج منوع "حكايتي مع الزمن" تقديم منى أبو حمزة وهو من النوع الوجداني لتحولات الجسد والفكر كلما تقدم الانسان في السن. أبطال البرنامج من المشاهير العرب سيُسألون عن شعورهم كلما تقدموا في العمر، واختزال الشكل بالأسئلة، إذ سيقوم خبراء التجميل بتغيير معالم الضيوف كل عشرين عاماً.

مروان خوري على شاشة "العربي" كان منافسًا جيداً هذا الموسم. للمرة الأولى يدخل الملحن اللبناني في مجال التقديم ويفتح قلبه على الموسيقى والطرب. وباختصار، استطاع هذا البرنامج تقديم وجبة موسيقية مفيدة للمتابعين، على الرغم من مدته القصيرة "ساعة واحدة"، إذْ يبقي المشاهد على تماس مع واقع الموسيقى العربية من القدم وحتى اليوم.

يبدو أنّ الدراما المصريّة ستكون أوّل الغيث في انفتاح محطّات التلفزة السعودية المستجد، وذلك بعد تولي داود شريان إدارة هيئة الإذاعة والتلفزيون في المملكة. التعاون أعلن عنه قبل أيام في القاهرة، بشراء التلفزيون السعودي مسلسلي "عوالم خفية" بطولة عادل إمام، ومسلسل "طايع" بطولة عمرو يوسف وإخراج عمرو سلامة، بشكل حصري. والواقع، يبدو أنّ الهدف سحب البساط من MBC التي كانت تنفرد بشراء مثل هذه الإنتاجات لموسم رمضان.


المساهمون